عجبت ممن كان منهمكا في مشروعه الأدبي (الغريب) يتشبث به ليكون له وجود به, في مجتمع لفظه منذ انتطافه في رحم هذه الأرض المباركة, كيف (تحربأ) به وتشكل, وما ان دارت عليه الدائرة, حتى راح يبحث عن عباءة اخرى جديدة يختفي وراءها, فما ان لمعت موجة العولمة حتى رأيته يركبها بشكل مذهل, ويدافع عنها بحذر, ليس لانه غير مؤمن بها, او لم تتضح له مآربها, لا, ولكن لانه يخاف أن تنكشف سوأته من ورائها, وهو ما حدث فعلا, فانه منذ أن رأى ان المجتمع ذاته لفظها, وسد الباب في وجهها, وصارت العولمة مرادفة للأمركة بشكل صريح في دراسات الباحثين, واطروحات الجادين, من العرب المسلمين وغيرهم من مفكري الغرب, حتى تنحى عنها خوفا من ان يزاح معها الى الابد. وانتظر كامنا في شرايين بعض الصحف يترقب بريقا جديدا, وما ان وقعت كوارث التفجيرات في قلب بلادنا النابض, وتكشفت حقيقة مؤلمة هي ان شبابنا متطرف الرؤية الشرعية, هو الذي ارتكب هذه الجرائم, اذا به ينصب رقبته من جديد, ولكن في ثوب مناسب للمرحلة الجديدة, هو ثوب (الوطنية) فالحرص على الوطن و(تطويره) هو الشعار الذي لا يمكن لاحد كائن من كان ان يجرؤ على اتهام من يرفع رايته وباسمه راح هذا المتلون يخرج مواده المكدسة في مستودعات فكره, يفرزها كالصديد على أعمدة الصحف, تتفجر حقدا على المؤسسة الشرعية أيا كان اتجاه خدمتها, لم يفرق بين رسمية منها أو خيرية, متجاهلا حقيقة ناصعة أعلنتها الدولة على السنة كبار قادتها: ان رجال تلك المؤسسات هم رجالها المخلصون, الذين يحملون هم امنها ورسالتها الخاصة للعالم اجمع. كل ذلك في ظل وجود مظلة حوارية مرضية من جميع أطياف المجتمع, والتي كان من المفترض ان تكف الحرب الباردة التي تشنها هذه الاتجاهات على بعضها, لا أن يستغل كل فريق المنبر الذي يتسنمه ليسب صاحبه او يتجاهله او يغيبه عمدا, او يشهر به بصورة مثيرة تشي بانها مصنعة بطريقة ذكية او بحادثة عابرة وموقف انفعالي تلاه اعتذار مع انه يكثر من القول بضرورة ترك المجال للرأي الاخر للتعرف على تفكيره ونوع ما يشغله. ولكن الأمر الذي اريد الحديث عنه ليس كل هذا, وانما هو نداء حميم للمؤسسات الشرعية الرسمية والخيرية, التي استزلها هذا التيار في معركة ليست ذات أهداف ولا فائدة, فراح ممثلوها ينشغلون بهذا الزحف (الاتهامي) يدافعونها بمرارة وألم ان هذه المؤسسات ليست متهمة في الواقع حتى تدافع عن نفسها كل هذا الدفاع, فالأعمال الاجرامية التي وقعت تمثل أصحابها وحسب وفكرهم معروف النشأة والنمو والاتجاه, وليست له اية جذور تغذية من داخل بلادنا فلماذا كل هذا الانصراف للدفاع عن النفس واثبات البراءة من دم (يوسف). ان الامة الاسلامية اليوم تعيش مرحلة بلورة الوجود الفكري العالمي امام تحديات الغرب الذي وضع الاسلام وأمته على طاولة التخطيط والتنفيذ الفوري, والمملكة هي البلد الذي يمثل قمة الأمة وذروتها, وروحها الدفاقة بالنور والعطاء والتضحية, وقادتها وعلماؤها ودعاتها ومفكروها هم محط انظار العالم الاسلامي كله, بل محط أمل كل مسلم في الارض, فاذا قبلوا ن يبقوا في موقف الدفاع وحسب, فانهم قد افقدوا أمتنا مرحلة من مراحل البناء, لا الدفاع, فتلك مرحلة مرت قبل أكثر من قرن وانتهت حين كان المفكرون المسلمون يجهدون امام حقودالمستشرقين وهم يحاولون ان يهزموا الاسلام امام سلطة الآلة والتفكير التجريبي في مطالع القرن العشرين:==1== كناطح صخرة يوما ليوهنها==0== ==0==فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل==2== ان على المؤسسة الشرعية ان تعي خطورة المرحلة, وتحول طاقتها كلها لترسيخ دعائم المجتمع المسلم الذي تعيش في ظل دولته في أمن وراحة وفضل من الله تعالى عليها ان تسعى لطرح المشروعات البناءة التي تقف صروحا شامخة تؤدي رسالتها على بصيرة وثقة وتطلع للتطويرالذي لا يعني أبدا الذوبان في الآخر, كما انه لا يعني التخلف وتجاهل العصر بكل تقنياته, بل تفتح الآفاق امام الأمة جمعاءعلى كل وجوه التقدم مهما كانت جنسيته لتقول بثبات: نحن أمة خلقت لتبقى, ولتصلح الكون.. لا لتتلون حسب ألاهواء والظروف والضغوط.