في الأسبوع الماضي كان فرع معهد الإدارة العامة بالشرقية يستضيف ورشة عمل لمناقشة تجارب الأجهزة الحكومية الفائزة بجائزة الأمير محمد بن فهد للأداء الحكومي المتميز، التي سبق لإدارة التعليم ( بنين ) بالشرقية الفوز بها، ثم الهيئة الملكية ثانياً، فتحلية المياه ثالثاً. وبما أن الدكتور عيسى الأنصاري ( أمين الجائزة ) قد أكد في أكثر من مداخلة أثناء الورشة، أن أمانة الجائزة ترحب بالملاحظات والنقد البناء، ومرة أبدى ترحيبه بما سماه ( النقد اللاذع ) الذي يصب في مصلحة الجائزة، وأن هنالك استعدادا للمناقشة والمراجعة، حتى لو كانت نتيجة النقاشات النهائية إلغاء الجائزة من أساسها ! .... وهذا شعور طيب يستحق التقدير والإشادة. عليه فإنني أحسب أن ما سأكتبه هنا يصب في هدف الجائزة. فبعد كل نقاشات ومداولات الورشة بات واضحاً أن نظرة أمانة الجائزة لهدف الجائزة غير النظرة التي يفكر فيها الحضور والمواطنون عموماً، فلجنة الجائزة تغني في وادي المعايير التي وضعتها لتطوير الأداء الحكومي، والناس لا يطربهم هذا النشيد ! فسؤال الناس باختصار عن مدى تحقيق الأجهزة الحكومية لرضاهم، وهو نفس المعنى الذي أشارت إليه كلمة سمو أمير المنطقة الشرقية في تقديمه لكتيب الجائزة بأن الهدف والمحصلة ( تقديم خدمات مميزة للمستفيدين من قبل الأجهزة الحكومية لتلبية احتياجاتهم ورفع حالات الرضا لديهم ). وهذه هي ما يسمي شعبياً ب( الزبدة ) التي يريدها أي مواطن ومستفيد. فسلاسة الإجراءات والتنظيم- مثلاً - شيء رائع، كما أن فخامة المبنى وموقعه وشعار الجهاز الحكومي توحي لك بوجود هدف ورسالة... غير أن ذلك لا يدخل في قائمة أولويات المستفيد فهو يبحث عن ( الزبدة ) مرة أخرى. القائمون على أمانة الجائزة يقولون رداً على كل ما مضى: إن كل هذا التميز في معايير العمل والإجراءات الإدارية يولد في النهاية خدمة متميزة، تصب في مصلحة المواطن والوطن ! والحقيقة أن هذا الرد لا يختلف عن التنظير الأكاديمي في كتيب الجائزة يوم شرح معاييرها. فالمعلوم أن سلامة الإجراءات والنظم لا يعني بالضرورة سلامة الممارسات والخدمة الراقية. ولعل دليلاً كافياً على ذلك النقد ( اللاذع ) من كثير ممن حضر الورشة لإدارة التعليم أن تفوز بالمركز الأول رغم الحماس الذي طرح به الدكتور صالح بن جاسم الدوسري جهود إدارته، وتجربتها للفوز بالأداء الحكومي المتميز ! فالناس لاينظرون لعدد المدرسين والطلاب، ولا يهمهم إن كانت إدارة التعليم توزع تعاميمها ورقياً أو آليا، ولن يستفيدوا شيئاً من عدد المشاركات الخارجية لإدارة التعليم... بل يريدون الأثر المباشر الذي يلمسونه على أبنائهم، والارتقاء المستمر بمستويات المدرسين وتأهيلهم ، ونوعية المباني الدراسية التي يقضى بها أولادهم جل يومهم. الناس لا يهمهم أن أسهب لهم في شرح التعب والجهد الذي بذلته لهم في سبيل تحضير ( مقادير ) طبخة شهية تنتظرهم، بل يسألون ويقيمون الطعم النهائي وليس المقادير ! فهل تقيم لجنة الجائزة مستقبلاً مدى رضا المستفيدين وفقاً للطعم النهائي أم أن توافر المقادير يكفى للرضا ؟