بالنسبة لاهالي الاف المعتقلين لدى القوات الامريكية تشكل المنظمات الحقوقية الوسيلة الوحيدة لمعرفة مصير ابنائهم, كما تقدم تقارير هذه الهيئات توثيقا لانتهاكات تبدأ من الطرق العنيفة والمذلة في التوقيف الى الاحتجاز دون تهم, وصولا الى القتل عن طريق الخطأ في المداهمات الليلية للمنازل. وفي كل يوم يتجمع العراقيون واسرهم حول سجن ابو غريب 35 كيلو مترا غربي بغداد بانتظار معرفة شيء عن ذويهم داخل السجن الامريكي. وشهد اليومان الماضيان اعدادا كبيرة من الامهات والاسر توافدوا بعد اعلان الحاكم المدني الامريكي يوم الاربعاء انهم سيطلقون سراح مائة من اسرة ابو غريب وتواجه الادارة الامريكية في العراق ضغوطا من منظمات انسانية ودولية تحدثت عن الاوضاع السيئة التي يتعرض لها المعتلقون. وكانت منظمة ناشطي الفريق المسيحي للسلام وهي منظمة مسيحية تهتم بالتخفيف من العنف وتدعمها كنائس في شمال امريكا تابعوا 72 حالة تشمل اشخاصا اختفوا بعد ان غادروا منازلهم وآخرين تم اعتقالهم على نقاط تفتيش او خلال مداهمات المنازل. ويشرح الناشط في المنظمة كليف كيندي ان الخطوة الاولى في رحلة البحث الطويلة عن المعتقل تبدأ في محاولة العثور على رقم السجين في لوائح موجودة فيما يسمى بمراكز العمليات المدنية والعسكرية (سيموك). ويقول: الموقوفون مصنفون في لوائح مختلفة بحسب نوع الشبهة فهنالك اللائحة السوداء للمطلوبين الخطيرين ولائحة رمادية للموقوفين لاغراض امنية اثناء المداهمات او على نقاط التفتيش. ويتابع: يحب ان يكون الرقم في حوزة الاهالي عندما يقصدون بوابة السجن طلبا لزيارة ابنهم الا اننا لا نجد رقم السجين في اللوائح في الكثير من الحالات. تشرح هانية المفتي المسؤولة في منظمة هيومان رايتس ووتش ان الاعتماد على الارقام في تصنيف السجناء وليس على الاسماء مرده الى صعوبة ترجمة الاسماء من العربية الى الانكليزية كما ان الموقوف قد لا يكشف هويته الحقيقية. وبحسب المعلومات التي جمعها ناشطو الفريق المسيحي للسلام السبعة في بغداد, فان المعتقلين يتم احتجازهم في سجنين رئيسيين هما معسكر بوكا في ام قصر (جنوب) وسجن ابو غريب في بغداد, الا ان ثمة مراكز توقيف جديدة داخل القواعد العسكرية يمضي فيها الموقوف فترة التحقيق. وتقول المفتي: فترة التحقيق تستمر حوالي الاسبوع يتم بعدها الافراج عن الموقوف او تحويله الى السجن كما قد يتم تحويله الى سجن المطار حيث يتم اخضاعه لاستجواب اكثر تفصيلا. وتشرح ان قوات التحالف بدأت تحيل المعتقلين لاسباب جنائية الى المحاكم العراقية في حين ان الموقوفين الامنيين لم يتم بعد محاكمة اي منهم كما لا توجه اليهم رسميا اي تهم. ويضيف كليف كيندي في هذا الاطار ان التوقيفات تتم غالبا على اساس نتف من المعلومات تحصل عليها القوات الامريكية, كالقول ان فلان بعثي او انه من المجاهدين او انه لا يؤمن جانبه.وتشهد عمليات مداهمة المنازل لتوقيف هؤلاء المشتبه بهم طقوسا خاصة: اقتحام المنزل واقتياد المطلوبين الى الباحة الخارجية حيث ينبطحون ارضا وتكبل ايديهم الا ان هذه العمليات قد تشهد ايضا استخداما مفرطا للقوة. يروي كيندي عن عائلة تقيم في بغداد اعتقل ثلاثة من ابنائها في مداهمة سمع اهل البيت ضجيجا حوالي الساعة الواحدة صباحا فاعتقدوا ان لصوصا يهاجمون البيت مما حدا باحد الابناء الى اطلاق النار من مسدس لارعابهم. ويضيف: اثر ذلك، فوجىء أهل البيت بإطلاق كثيف للنيران فأيقنوا ان جنودا أمريكيين في الخارج، راح الوالد يصرخ بالانكليزية اوكي، أوكي، سأفتح الباب إلا أن اطلاق النار تزايد. ويروي: عندما اقتحم الجنود البيت، سألوا افراد العائلة: أليس هذا منزل فلان؟ فأجابوا كلا، انه منزل جارنا غير انهم اقتادوا رغم ذلك الابناء الثلاثة الذين أمضوا ثلاثة أشهر في السجن. وفي تقرير من 66 صفحة تحت عنوان (قلوب وعقول)، وثقت هيومان رايتس ووتش حالات قتل مدنيين برصاص الجيش الامريكي في مداهمات للمنازل. تذكر احدى هذه الحالات مقتل شابة تبلغ من العمر 19 عما اثناء مداهمة منزل فاضل حمزة حسين الجنابي في المحمودية في ضواحي بغداد فجر الأول من سبتمبر الماضي، برصاص الجنود الامريكيين. يروي التقرير: بعيد منتصف الليل، كانت الوالدة ملك وابنتها فرح نائمتين في حين ان الابن هارون كان يشاهد التلفاز، عندما سمع الجميع قرعا عنيفا على الباب. يقول هارون: اعتقدنا أنهم لصوص أو مجرمون لأننا سمعنا كلاما بالعربية. ويتابع: قام هارون بإطلاق رصاصة واحدة باتجاه السقف أو أحد الجدران في حين ان الجنود الامريكيين قالوا ان رصاصا اطلق باتجاههم. وتتابع الرواية: اقتحم عند ذلك الجنود الباب مطلقين النيران فأصيبت فرح التي كانت في وسط القاعة كما القوا قنبلة داخل المنزل فاشتعلت فيه النيران. ويقول احد الجيران: بعد ان هدأ الجنود، كانت فرح لا تزال على قيد الحياة لكنها مصابة بجروح في ظهرها ورجليها وحروق في وجهها ويديها. وبحسب الجيران، فإن فرح بقيت ملقاة على الارض حية ثلاث ساعات غير ان الجنود لم يسمحوا لنا بنقلها الى المستشفى، حوالي الساعة 4.30 قام الجنود بنقلها اخيرا لكنها كانت ميتة أو على وشك. ويبقى عدد الموقوفين في السجون الامريكية في العراق مسألة غامضة. تقول المفتي انه لا مجال لتقدير عددهم نظرا للتوقيفات المستمرة، في حين يقدر فريق السلام المسيحي عدد هؤلاء ب18 الف موقوف. وقد أعلنت سلطات التحالف ان لديها 10 آلاف معتقل في العراق بينهم حوالي أربعة آلاف من مجاهدي خلق الايرانية المعارضة. ولا مجال ايضا لمعرفة طبيعة المعاملة التي يتلقاها هؤلاء نظرا لتضارب شهادات الموقوفين السابقين وندرة زيارات المنظمات الانسانية للسجون. ويقول كيندي: تعتبر فترة التوقيف الاولى الأشد صعوبة، قال لنا موقوفون سابقون انهم عانوا البرد وعدم كفاية المياه والحرمان من النوم أو العلاج والارغام على الجلوس في اوضاع مؤلمة لفترات طويلة. وكان متحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية اعلن الاثنين ان محكمة عسكرية اصدرت حكما بفصل ثلاثة عسكريين امريكيين من الجيش لتعرضهم لسجناء عراقيين. عراقيون يفترشون الأرض في العراء في انتظار من سيفرج عنهم