خرج المشاركون من ندوة عبور الفجوة الرقمية.. الواقع والتحديات والتي نظمتها الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات المصرية يضربون اخماساً في اسداساً حول قدرتنا على عبور هذه الفجوة والتي كاد يصفها المحاضرون بانها اشبه بعبور خط بارليف.. ورغم اتفاق المحاضرين حول نقاط ضعفنا الان انهم جميعاً اتفقوا على الحلول ورسم سيناريوهات القضاء على الفجوة واصفين مصر بأنها دولة العضلات من خلال الكوادر البشرية المدربة الموجودة بها مؤكدين على ضرورة دفع عجلة الاستثمار في تقليص هذه الفجوة، السطور التالية تنقل ما حدث من مناقشات ومحادثات.. وقبل بداية المؤتمر عرض المهندس طلعت عمر منسق المؤتمر مجموعة من الارقام مشيراً إلى ان قوة الامم لم تعد تقاس بقوتها الاقتصادية والعسكرية فقط بل امتد الأمر إلى قدرتها على انتاج المعلومات وتنظيمها والاستفادة منها وامكن تقسيم الامم إلى فئتين امم غنية في مجال المعلوماتية ودول فقيرة حيث عجزت دول العالم الثالث عن انتاج المعلومات. وقال ان نسبة الامية في مصر تصل إلى 42% وانخفض فيها معدل الاستثمار الاجنبي من 1235 مليون دولار إلى 547 مليون دولار عام 2002 علاوة على ضعف الانفاق الحكومي على مجال البحث والتطوير حيث بلغ ما انفقته مصر على البحث والتطوير 0.2% من الناتج القومي الاجمالي خلال الفترة من 1989 حتى عام 2000 بالمقارنة بالمتوسط العالمي الذي وصل إلى 2.38% من الناتج العالمي خلال نفس الفترة وبلغ انفاق اسرائيل خلال نفس الفترة 3.62% أي ما يقرب من 3.18 مليار دولار وهو ما يزيد عن ضعف ما انفقته الدول العربية في مجموعها في هذا المجال. واضاف عمر ان قيمة الصادرات عالية التقنية في مصر بلغت 12 مليون دولار عام 2001 طبقاً لبيانات البنك الدولي وهي تقل عن تونس اذ بلغت فيها 154 مليون دولار عام 2001 وبلغت قيمة الصادرات عالية التقنية في البلدان العربية مجتمعة 314 مليون دولار وبلغت في اسرائيل عن نفس العام نحو 7456 مليون دولار ويقتصر عدد مستخدمي الانترنت على 1.6% من سكان الوطن العربي ويوجد 18 كمبيوتر لكل الف شخص في حين يصل المتوسط العالمي 78.3 لكل الف شخص ويمثل انتاج الدول العربية من الكتب 0.8% من الانتاج العالمي وهو اقل مما تنتجه دولة مثل تركيا لا يتعدى سكانها ربع مواطني الوطن العربي والذين يمثلون 5% من عدد سكان العالم ورغم التطور النسبي للبنية الاساسية للاتصالات في المنطقة العربية الا انها ما تزال ضمن الحدود الدنيا بالنسبة للمتوسط العالمي وعلاوة على ذلك لم يواكبه تطوير للمحتوى ليشجع على النمط الاستهلاكي ويصبح عاملاً اضافياً في استنزاف الموارد. وفي مجال الانتاج المعرفي يقول ان اوروبا التي يمثل سكانها12% من اجمالي سكان العالم تحتل المركز الاول بنسبة 55% من الانتاج العالمي تليها آٍسيا ثم امريكا الجنوبية ثم استرالياً واخيراً افريقيا بنسبة 1.4% ويحتل العالم العربي نسب متأخرة تصل ل 0.8% وبالتالي فمصر تحتل ترتيباً متواضعاً في الانتاج المعرفي. وبدأ مجدي خير الله رئيس غرفة صناعة البرمجيات بوضع يده على الجرح المزمن ويقترح العلاج والذي اصبح بمثابة الدواء المر لشفاء المريض وقال ان الفجوة الرقمية تقاس من خلال مدى توطين استخدام التكنولوجيا في حياتنا اليومية بداية من الكمبيوتر والانترنت مشيراً إلى انه رغم قصر عمر الكمبيوتر في مصر من 195 - 2003 أي 68 عاماً الا ان دول اخرى بدأت تستفيد منه فاليابان مثلاً رصدت مليار دولار خاص بمشروعات الذكاء الاصطناعي واستخدامه في الحياة اليومية واصبحت نصف المصانع اليابانية تستخدم الربوت الملحق به الالكترونيات ومن هنا جاءت نهضتها التكنولوجية. الاستثمار اولاً واكد خير الله ان الدول العربية وضعت خطة عربية لتقليص الفجوة والقضاء عليها الا ان هذه الخطة لن تقدم ولن تؤخر على حد قوله حيث تحتاج الفجوة الرقمية إلى وضع فكر وتوجه واستثمار فهناك مشروعات مثل العلاج عن بعد والتعليم عن بعد والحكومة الالكترونية تحتاج إلى ثقافة الفكر يتبعها آلية التنفيذ والدعم المالي اللازم لها واذا لم تستثمر في سد الفجوة التكنولوجية فانها معرضة للزيادة والتفاقم. واوضح رئيس غرفة صناعة البرمجيات ان الفجوة في قطاع تكنولوجيا المعلومات ليست كبيرة لانها تعتمد على العقول البشرية والانترنت لان طبيعة تكنولوجيا المعلومات له عمر محدد من خلال عمل نظام يناسب فترة معينة وبعد فترة نبدأ في كتابته مرة اخرى ليناسب التغيرات وحول سد الفجوة من خلال محو الامية التكنولوجية يقول ان هناك طرق لمعالجة هذه الامية ففي اوروبا وامريكا لا يمتلك كل شخص جهاز كمبيوتر فامريكا لديها 98% من المواطنين لديهم اجهزة tv و 55% لديهم pc ولجأت امريكا لمشروع تحويل tv لوسيلة للدخول على الانترنت كوسيلة للتقريب بين هذا الجهاز والافراد. وشرح خير الله من خلال لقائه مؤخراً مع اللواء ايهاب علوي رئيس جهاز التعبئة العامة والاحصاء انه قال لخير الله ان امريكا اعتمدت في جمع تعدادها من خلال الانترنت بنسبة 70% وحينما لجأت للطرق التقليدية لجمع 30% الباقية كلفتها 3 اضعاف الطريقة التكنولوجية الفجوة داخلية ووصف الدكتور عبد الرحمن الصاوي رئيس قسم الاتصالات بكلية الهندسة جامعة حلوان ان مصر تعاني من انفصام في الشخصية المصرية التكنولوجية وبدأ يتساءل هل الفجوة الرقمية واقع وحقيقة ام مجرد خيال فالبعض يتحدث عن pc والدش والاقمار الصناعية في حين ان السواد الاعظم لا يملكون هذه الاجهزة ولم يسمعوا عنها مطالباً بضرورة التناغم القوي بين طوائف الشعب وتحديد اتجاه محدد في التفكير والاستنباط لان الفجوة الرقمية تتسع كل يوم ليس بين الدول فقط ولكن بين الشعب الواحد وفي المدينة الواحدة وهذا يمثل تهديداً كبيراً. وشدد الصاوي على ضرورة التركيز على الفجوة الداخلية ووصفها بأنها الاولى بالرعاية لان هناك قضية اكب وهي الفجوة في النفوخ فالموضوع ليس امية ومحو هذه الامية ولا بد من عمل اكشاك للحكومة الالكترونية بحيث لا يشترط في المستفيد من الخدمة اجادته للكمبيوتر والانترنت ولكن من خلال شخص يكون همزة الوصل بين رجل الشارع العادي وهذه الاجهزة بذلك يكون الرجل الامي قد استخدم تكنولوجيا المعلومات وافادته فالفجوة في الاساس ان نظم المعلومات هي اسلوب حياة وليست مجموعة من البرامج تستخدم ويجب ان تنجح في جعله اسلوباً للحياة ولا بد من جهد قومي متكامل بين وسائل الاعلام والهيئات الحكومية التي تقدم خدماتها باستخدام نظم المعلومات ولا بد من الشعور بالفائدة المباشرة من هذا الاستخدام والا لماذا اذن الانفاق على عليها؟ واقترح مع طرح كمبيوتر لكل منزل ان يطرح معها برامج قابلة للاستغلال التجاري مثل برامج المحاسبة وبذلك توسع طبقة المستفيدين من تكنولوجيا المعلومات. واكد الدكتور فتحي النادي استاذ الادارة وتنمية الموارد البشرية بالاكاديمية العربية للنقل البحري ان هناك العديد من دول العالم النامي في نفس ظروف مصر نجحت في تقليص الفجوة مثل ماليزيا والهند والصين وجنوب شرق اسيا مشيراً إلى ان سد الفجوة بالدرجة الاولى مشكلة انسانية فمن خلال اعداد الكوادر وتدريبها وتصديرها تستطيع سد جزء كبير من هذه الفجوة وقسم دول العالم إلى دول الرأس والتي تبيع الافكار ودول الجسم التي تصمم ما تستخدمه دول الرأس ومصر ما زالت في خانة دول الجسم على العكس من الصين التي تجمع بيت الرأس والجسم. واضاف النادي ان الفجوة تقاس باستخدام الانترنت وانتشار اجهزة الكمبيوتر فاجمالي عدد مستخدمي الانترنت في العالم تصل إلى 500 مليون مستخدم وتضم امريكا وحدها 41.3% من اعداد المستخدمين تليها اوروبا 28% ثم آسيا 25% وتتبعها امريكا اللاتينية 4.1% ثم افريقيا 0.8% فبنجلاديش والصين والهند وباكستان تمثل 6!% من اجمالي سكان العالم وتمثل الصين والهند مجتمعين 38% من سكان العالم وتمثل امريكا 6% وتستأثر وحدها ب 4% من مستخدمي الانترنت بينما لا تحظى الدول النامية باكثر من 3%.