لقد ترددت كثيرا في الكتابة عن هذا الموضوع بسبب حساسيته وصعوبة تبسيطه.. ولكن الحتمية العلمية توجب علينا تعريف المواطن بالفرق بين الاغذية المعدلة وراثيا والحليب قليل الدسم، فالبطاقة التعريفية التي تطالب وزارة التجارة بان توضع على الاغذية المعدلة وراثيا القادمة من الخارج ليست كافية. فمن حق المستهلك ان يتعرف على هذه الاغذية المعدلة وراثيا او المنتجات الجديدة ومدى فائدتها وخطورتها؟ وهل هذه الاغذية اكثر فعالية من المنتجات الموجودة حاليا؟.. وماذا عن اغذية الاطفال المعدلة وراثيا.. هل سيكون لها بطاقة واضحة..؟ كذلك المستهلك يتساءل هل هناك سياسة صارمة حول الاغذية البشرية او الاعلاف الحيوانية المعدلة وراثيا؟ بدلا من سياسة الحظر التام التي تتبعها بعض الدول؟ كما نعلم نحن الآن نعيش في قرية صغيرة ولا نستطيع ان نعيش وحدنا. فالمستهلك دائما يريد ان يعرف ما هو الدليل قبل تبني وجهة النظر. والكثير من التساؤلات التي من الصعب على المستهلك العادي معرفة الاجابة عنها. لذلك لابد من تثقيف المستهلك حول هذه الاغذية.. ليس فقط بوجود البطاقة التعريفية، التي من المفترض ان تكون موجودة، لكن بتعريف المستهلك كيف تقرأ البطاقة التعريفية ونحن لا نعرف الكثير عن هذه الاغذية.. وبنظرة سريعة للعالم الذي حولنا نلاحظ انه مازال اكثر من 70% من المستهلكين الاوروبيين يعارضون الاغذية المعدلة وراثيا كما ان الكثير من المحلات في اوروبا لا تشجع على ترويجها. ومن جهة اخرى منهم من يرى ان الاغذية المعدلة وراثيا ليست بالأمر الجديد فقد اضيف اليود للملح طوال عقود لتجنب تضخم الغدة الدرقية والكثير من الامراض العقلية التي يسببها نقص اليود. وكثير من حبوب الافطار (Breakfast cereal) والاغذية الاخرى على موائدنا يضاف اليها الفيتامينات. اذا لماذا الخوف منها. وعلى ذلك سيكون الهدف من المقالة تعريف القارئ ببعض المعلومات عن المحاصيل المعدلة وراثيا GM (Genetically Modified ). فالمحاصيل المعدلة وراثيا عبارة عن نباتات معدلة وراثيا بادخال صفة وراثية مرغوبة (Gene) من نباتات اخرى تحمل صفات معينة وتتم هذه العملية بتدخل الانسان. والحقيقة ان كل المحاصيل تقريبا قد تم تعديلها وراثيا عن طريق الانتخاب الطبيعي عبر مرور السنين وبحكمة الخالق. ولو تساءلنا من يزرع تلك المحاصل؟ منذ 1994 بدأت شركة (Calgene) انتاج اول صنف من الطماطم المعدلة وراثيا ومنه ازداد انتاج المحاصيل المعدلة وراثيا بمقدار 20 ضعفا. وبلغة الارقام فقد زادت المساحة المزروعة من 7ر1 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلف متر مربع) في عام 1996 الى 7ر58 مليون هكتار عام 2002م. اما من يزرع هذه المحاصيل؟ ففي الطليعة الولاياتالمتحدةالامريكية ثم الارجنتين، كندا، استراليا، المكسيك، اسبانيا، فرنسا، جنوب افريقيا، الصين، المانيا، بلغاريا، رومانيا واكرانيا. والسؤال الذي دائما يطرح هو ما الفائدة التي يمكن الحصول عليها من الاغذية المعدلة وراثيا.. هل هو الانتاج العالي للمحصول وخفض التكاليف الزراعية وزيادة الارباح خصوصا للدول المنتجة، اما فوائد اخرى مثل انتاج ارز غني بالحديد وفيتامين A ، او بطاطس وذرة تحتوي على فاكسين مضادة لبعض الامراض او انتاج زيوت امنة على الصحة مستخلصة من فول الصويا مثلا.. او انه الحل الامثل للقضاء على الفقر العالمي!!. اما مخاطر انتاج المحاصيل المعدلة وراثيا فسوف نتطرق لها في المقال القادم. خالد الهديب - لندن