عزيزي رئيس التحرير الكل يبحث ويسعى عن مصلحة نفسه والكل يعمل ويجد ويجتهد في سبيل الوصول الى طموحه ومبتغاه ولا أحد يرضى لغيره ان يتفوق عليه ومع ذلك يبقى طمع كل إنسان ان يشاهد ابنه أفضل منه حالا وسمعة ليشاهد نفسه فيه وليكمل مسيرته وطموحه, ولكن ماذا لو انتهى دور الأب بعد ان تحققت امنيته ووصل لأحلامه وما يسعى اليه فيكون جزاء مشقته وأحلامه ان يرمى في دار المسنين وهو يبكي فيشتكي ألما الى ربه سبحانه ويقول: (بالأمس) كنت أعيش أجمل أحلامي وفي أفضل عافيتي وأحسن احوالي أمشي أطول المسافات وأصعب الرحلات وأتسلق أعلى الجبال وأصعد رؤوس النخيل والأشجار وأعبر الصحاري والوديان وأغوص البحار والأنهار واتجاوز كل الصعاب واحمل فوق اكتافي ما تحمله الجمال فلا اخاف ظلمة الليل ولا أخشى رهبته وصحتي قوية وشبابي من حديد أغامر ولا اعرف اليأس ولا المستحيلات أتوكل على الله سبحانه وأصبر على بلواي فأكد وأشقى وأتعب لأحصل على لقمة العيش لي ولأبنائي الذين ربيتهم منذ صغرهم على المحبة وطاعة الله سبحانه فزرعت في عقولهم العلم وفي قلوبهم الإيمان حتى وصلوا الى أعلى الشهادات والمناصب فانقضت سنيني في سعي وكد وعمري ذهب في متاعب ومشقات وكل ذلك من أجل حصد الراحة التي زرعتها لأبنائي لأتنعم بثمارها بعد عجزي وشيخوختي. و(اليوم) قد تغيرالحال وتبدَّل فلم أعد كما كنت فقد ضعف سمعي وذهب بصري وسقطت أسناني وتقوس ظهري وابيض شعري وضعفت ذاكرتي ووضعت عصاتي وفقدت قوتي وبان تخريفي وقلت هيبتي وتأزمت صحتي فلم تعد لدي من قوة في جسدي غير الإيمان الذي يزداد وينير قلبي حتى أبنائي فأصبحت أقضى بقية العمر في دار المسنين. هذا هو زرعي الذي حصدته.. ربيتهم ورعيتهم في قوتي فرشت لهم قلبي وأعطيتهم عيوني ورموني وتخلوا عني في ضعفي.. تركوني ولا أحد منهم زارني وسأل عني أصبح على هم وأحزان وأمسى على لوعة وحسرات ولست أول أو آخر أب ينساه عياله.. تعالوا وانظروا مثلي من مساكين في دار العجزة والمسنين. محمد علي الطويره