تعتبر خدمة النظافة من الخدمات الأساسية التي تقوم بها البلديات والامانات وتزداد اهمية هذه الخدمة مع تكامل الخدمات للمدن، واتساع نطاقها العمراني وازدياد اعداد السكان وتوفير الخدمات لهم، مع وجود النمط الاستهلاكي الذي ينتج عنه معدلات كبيرة من النفايات والمخلفات. وفي الآونة الاخيرة تطورت اعمال النظافة بصورة سريعة لتواكب النهضة التي تعيشها مملكتنا في ظل حكومتنا الرشيدة.. وتؤدي اعمال النظافة بطريقتين : أولاهما : ان تقوم البلديات بادارة هذه الاعمال بشكل مباشر، وثانيهما : ان يتم تكليف مقاولين بتأدية هذه الخدمة عن طريق طرح مثل هذه المشاريع في منافسة عامة. وتقوم امانة مدينة الدمام والبلديات التابعة لها والمرتبطة بها حاليا بتأدية خدمات النظافة بواسطة مقاولين، حيث تطرح هذه المشاريع في منافسات عامة، ويتم ترسيتها على المقاولين بموجب نظام المشتريات الحكومية.. وهناك (11) عقد نظافة يشمل كلا من مدن الدمام، والخبر، والظهران، والقطيف، وسيهات، وصفوى وتوابعها، ومدن الجبيل، ورأس تنورة، وبقيق ، والخفجي، والنعيرية.. والباين التالي يوضح هذه المشاريع : 1- مشروع جمع ونقل النفايات من مدينة الدمام، 2- مشروع جمع ونقل النفايات من مدينتي الخبر والظهران، 3- مشروع جمع ونقل النفايات من مدينة القطيف وجزيرة تاروت وتوابعها، 4- مشروع جمع ونقل النفايات من مدن صفوى والقديح والعوامية والقرى التابعة لها، 5- مشروع جمع ونقل النفايات والتخلص منها من مدن سيهات وعنك وقرى القطيف الجنوبية، 6- مشروع جمع ونقل النفايات من مدينة الجبيل، 7- مشروع جمع ونقل النفايات من مدينة بقيق، 8- مشروع جمع ونقل النفايات والتخلص منها من مدينة الخفجي، 9- مشروع جمع ونقل النفايات والتخلص منها من مدينة النعيرية والقرى التابعة لها، 10- مشروع جمع ونقل النفايات والتخلص منها من مدينة رأس تنورة، 11- مشروع التخلص من النفايات الناتجة من مدن الدماموالخبر والظهران والقطيف وصفوى وقراها وسيهات وقراها بمواقع الدفن الصحي التابعة للأمانة الواقعة على طريق الدمام - بقيق. ومدة كل مشروع من هذه المشاريع ثلاث سنوات، ما عدا مشروع نظافة مدينتي الخبر والظهران. فمدته خمس سنوات، ومعظم هذه المشاريع انتهت خلال هذا العام، وبدأت فترات جديدة لهذه المشاريع بعد ان تم طرحها في منافسات عامة مفتوحة للمقاولين المصنفين لهذه الاعمال. ومع ازدياد المنافسة وتحديد الاعتمادات المالية لمشاريع النظافة فقد انخفض المعدل السنوي للاعتمادات لهذه المشاريع بنسب كبيرة بالرغم من ازدياد مساحات المدن واتساع الرقعة العمرانية، نتيجة لازدياد أعداد السكان بكل مدينة، مما ادى الى ضغط خدمات النظافة، فعلى سبيل المثال كانت تكاليف النظافة بمدن الدماموالخبر والظهران خلال عام 1408ه (62) مليون ريال، وتكاليف ذلك حاليا تقارب (36) مليون ريال، علما بأن نطاق الاعمال وحجمها تضاعف خلال هذه الفترة الفاصلة بين هذين العامين الى ما يقارب 80% وهو الامر الذي يضغط على اداء هذه الاعمال، وبالتالي على مستوى الخدمة. مما يتطلب معه جهودا مضاعفة من الاشراف والمتابعة الميدانية الدقيقة للمحافظة على المستويات المطلوبة لهذه الخدمة التي يحتاج اليها كل موقع داخل المدينة.. والجدول التالي يوضح معدل التكاليف السنوية لكل فترة وعقد لمدن الدماموالخبر والظهران :(التكلفة الموضحة بالعمود الأخير هي معدل تكلفة النظافة لمنطقة العقد خلال الفترة الموضحة، ومن المعلوم ان المدن تزداد اتساعا عاما بعد آخر، وبالتالي فان الأعمال المطلوبة تزداد تبعا لذلك، وكما هو واضح يرافق ذلك انخفاض في تكاليف اعمال النظافة، فيما عكس ذلك). كما انه نتج عن ضغط هذه الخدمة انخفاض معدلات التكلفة السنوية للفرد الواحد لخدمة النظافة ففي عام 1408ه كان يبلغ المعدل ما يقارب 62 ريالا للفرد/سنويا، وخلال عام 1422ه بلغ ما يقارب ريالا للفرد / سنويا، وقد يكون من المناسب ايراد جدول يوضح ذلك حسبما يلي : وما ينطبق على مدن الدماموالخبر والظهران ينطبق على ما سواها من المدن المجاورة لها، وما ايراد هذا الجدول الا على سبيل المثال، علما بان هذا المعدل هو حوالي 44 ريالا/ سنويا على مستوى المملكة. الكيفية التي يتم بها رفع مستوى أعمال النظافة: من الناحية النظرية فان رفع مستوى أعمال النظافة والحصول على النتائج المطلوبة من هذه الخدمة يرتكز على ثلاثة محاور، هي: 1- توافر الاعتمادات المالية التي توائم تأدية الخدمة بالمستوى المطلوب، 2- توافر الكوادر البشرية للاشراف الميداني ومتابعة تأدية الخدمة، 3- توافر الحد الادنى من الوعي لدى المواطنين والمقيمين بأهمية النظافة بصفة عامة. اولا تناسب التكلفة مع الخدمة: ان تفاوت المعايير لدى من يتم خدمتهم يولد في بعض الاحيان نوعا من عدم الرضا تجاه توافر هذه الخدمة، فمن الرأي الذي يطلب مستويات عالية من الخدمة الى الحد الذي يتطلب توفير العمالة والمعدات في مساحة ضيقة بشكل مستمر لنيل هذا المطلب الى الرأي الذي لا يكترث بالنظافة بتاتا، وكأن الامر لا يعنيه. وانه من المعلومام كلما كان المستوى المطلوب يصل الى درجة الكمال فان التكاليف سترتفع تبعا لذلك وبالتالي في نهاية المطاف فان الخدمة المطلوبة لابد وان تتناسب مع الاعتمادات المالية، ومتى ما كانت الاعتمادات المالية ذات سقف محدود فانه لابد وان تكون الخدمة ذات مستوى محدد من الصعب اجتيازه. ثانيا : الكوادر البشرية : تختلف مشاريع النظافة عن غيرها من المشاريع كونها مشاريع ميدانية 100% ففي حين يتم حصر المشاريع الاخرى بمكان محدد تحت السيطرة ، فان مشاريع النظافة تتميز بأن موقع العمل متشعب ومتسع، وبالتالي فإن عملية الاشراف عليه من قبل الجهة المختصة يقابلها صعوبات كثيرة في ظل النقص الحاصل والواضح بالاجهزة الاشرافية والامكانات التي تساعدها على اداء اعمالها، وكذلك توفير الكوادر المدربة خصيصا للاشراف على هذه الاعمال، ويبدو هذا الامر بوضوح اكثر اذا واكب ذلك عزوف من قبل الموظفين عن العمل في هذا المجال، في ظل غياب الحوافز الملائمة لبذل مزيد من الجهد والعطاء. ثالثا : رفع مستوى الوعي الجماهيري لدى عموم السكان : ليس من باب المبالغة ان نقول بأن جميع هذه التكاليف وجميع هذه الجهود يمكن ان يتم خفضها بدرجات هائلة لو توافر الوعي الكامل لدى عموم الناس، فالسلوكيات الخاطئة مازالت سائدة، وقد تكون بشكل اخف مما كانت عليه قبل سنوات عدة، والأمل مازال قائما بأن تتغير بعض هذه السلوكيات الخاطئة الى سلوكيات ايجابية تصب في مصلحة نظافة المدينة، بدلا من ان تصب في خانة الاضرار بنظافة المدينة. فالتكاليف الباهظة والجهود الميدانية الكبيرة، ينصب بعضها في متابعة رفع النفايات باحجامها الكبيرة التي ينتجها المستهلكون، وكذلك في جمع والتقاط ما يقومون بالقائه في الشوارع بشكل عشوائي. وبدون اكتراث. فكم من التكاليف تبذل لكي ترفع هذه الكميات الكبيرة؟ وكم من المعدات التي تسير في الشوارع لجمع هذه الكميات؟ وكم من فرق العمال الذين يلاحقون ما يلقيه عابروا الطرق؟ وكم؟ ... وكم؟ ان التكاليف العالية والجهود الميدانية هي فقط لتتبع هذه السلوكيات الخاطئة التي هي نتيجة لتصرف البعض بدون اكتراث، وكلما تبدلت سلوكيات احد افراد المجتمع من السلبية الى الايجابية فان المستوى سيرتفع حتما، لان هذه التكاليف والجهود سيتم توجيهها الى رفع المستوى بشكل عام بدلا من تبديدها على معالجة آثار هذه السلوكيات الخاطئة. ان الوعي بأهمية النظافة يجب ان ينبع من كل فرد وكل منزل، فكلما قلصنا من انتاج نفاياتنا كلما رفعنا مستوى النظافة لدينا، وكلما ادرك اي فرد منا ان النفاية الصغيرة التي يقوم برميها في الشارع يجب ان يقوم فرد آخر بالتقاطها والسير بها الى لحاوية لوضعها بها، ومن ثم تسير السيارات لجمعها ونقلها الى المواقع المخصصة لها والتخلص منها فربما أحجم عن هذا السلوك الخاطئ. ان الحديث هنا يدور حول المثاليات.. ولكن عندما تكون هذه المثاليات في متناولنا، ويمكن ان نؤديها فلماذا لا نؤديها؟! ان هذا الاتجاه لدى عامة الناس يمكن ان يثمر، وان يؤدي في النهاية الى رفع مستوى النظافة في مدينتنا وهو ما نحن بصدد مناقشته. لقد قامت امانة مدينة الدمام بتنفيذ بعض البرامج التوعوية تحت مسمى (نحو بيئة نظيفة) بهذا الشأن، وقد كانت لها نتائج ايجابية، فقد انشأت برنامجا توعويا صحفيا يتمثل بنشر صفحة توعوية أسبوعية في صحيفة اليوم التي تصدر من الدمام منذ ما يقارب من سنتين، كما قامت بتنفيذ حلقات تلفزيونية قصيرة لبث الوعي، ومن المؤمل أن توتي ثمارا جيدة خلال الاعوام القادمة. وهذه البرامج ليست الا جزءا يسيرا يجب ان يساند ببرامج اخرى، فالوعي والتوعية لا تقف عند حد. الخلاصة : ان تشعب اعمال النظافة، وكذلك العوامل التي تؤثر على أدائها يجعل منها وضعا ذا تحديات كبيرة، فلا العمل الفردي ولا البرامج البسيطة يمكن أن يؤديا الى الحصول على المستويات المأمولة في هذه الخدمة، وتفهم اساسياتها، ومعالجة الجزئيات السلبية التي تؤثر سلبا على نتائجها، فبدون ذلك يبقى العمل والتعامل مع هذه الخدمة تعاملا مع وضع يأخذ بالاعتبار احد طرفي المعادلة، ويهمل الطرف الآخر منها.