أتمنى أن أكون وزيراً للتربية والتعليم، حتى أصحح كل الفلسفات والممارسات التربوية الخاطئة ! ابتداءً من الصفوف الدنيا، وانتهاءً بتأهيل المعلمين والمعلمات في كلياتهم ومعاهدهم ! ثم أصول على المناهج ومقررات التدريس فأنقحها، وأطعمها بالمناهج والمهارات العصرية المطلوبة لأجيال الغد ! وللمعلمات خصيصاً... سوف أنقل كل معلمة تعمل في منطقة نائية إلى مدرسة بجوار منزلها، في خطوة جبارة نحو ( لم الشمل )، وفي فترات الأمومة سأسعى لاستصدار أنظمة تبيح لها إجازة مدفوعة الراتب لمدة سنة كاملة، كتلك التي وصى بها الدكتور سليمان السليمان في دراسته. ولو كنت وزيراً للصناعة والتجارة... لحصلت المملكة على عضوية منظمة التجارة العالمية بدون هذه الجولات الماراثونية ! سوف أطلق تصريحات ( تنعش ) الاستثمارات الأجنبية، يكون فيها المستثمر الأجنبي في مأمن من هرطقات وكالات تقييم المخاطر! وسوف ينقلب عجز الصادرات غير النفطية إلى فوائض تفوق التوقعات ! ولو كنت وزيراً للمياه والكهرباء لشرب الناس المياه المحلاة في كل قرية وهجرة بلا تعب ولا كلفة ! ولجعلت أهل المدن إضافة لما سبق يغسلون سياراتهم ويسقون حدائقهم بمياه عذبة دون خوف من رقيب أو دعوات ترشيد. ولو كنت وزيراً للنقل لكان إتمام طريق الجنوب أولويتي الأولى دون غيره، ولجعلت البلاد مترامية الأطراف تربطها سكة حديدية عصرية ! ولو ... ولو ... ولو ... عزيزي القاريء... كلها أمان وأحلام وزارية، يمكنك أن تحلم بها وأنت على وسادتك في نومة عميقة هادئة، وعندما تستيقظ عليك أن تنفث عن يسارك ثلاثاً، وتقرأ المعوذات، ثم تطرد الخراف الصغيرة المتجمعة تحت وسادتك ! فكل الوزراء والوزارات سالفة الذكر كانوا يحلمون بأكبر من طموحاتك وأحلامك سالفة الذكر أيضاً، ولكنهم يوم وصلوا الى مناصبهم الوزارية صاح الديك وطلع ضوء النهار وذهبت أحلام الليل، فعرفوا أن المنصب وحده لا يكفل تحقيق كل الأحلام. المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري طالعنا مؤخراً بلقاء مطول في أحدى المجلات المشهورة، قال فيها تجربة وجهها لأصحاب الإسهامات الثقافية والفكرية بأن البحث عن مقعد وزاري هو مضيعة للوقت ! هذه الحكمة ليست بحرينية يهديها مفكر بحريني لأهل تلك الجزيرة الخليجية فحسب، ولكنها - في نظري- تصلح درساً للمراجعة لجميع الباحثين عن المقاعد الوزارية، عندما يتصورون تلك ( الكراسي ) كفيلة دون غيرها بتحقيق تلك الأحلام والطموحات.