أمي, أمي, أنا هنا في الظلام, وأنت تعرفينني كم أخاف من الظلام, ماما أين أنت؟ اشعر بثقل كبير على جسدي, أكاد أختنق, لا استطيع الكلام, فمي مملوء بمادة لزجة لا اعرف هل هو ماء مالح ام ماذا؟ لا اتذكر انني ذقت مثل هذا الماء الثقيل المالح, ماما رائحته غير محتملة, أمي لا تتركيني وحدي, هل هذه هي القبور التي يتحدث عنها الناس؟ ولكني كنت أظن ان ساكنيها اموات وانا كما أظن حتى اللحظة لست منهم, انت تحبينني كثيرا, أليس كذلك؟ وتبكين وتمرضين من اجلي لأتفه ضرر يصيبني, فأين انت مني الآن؟ لا أظن انك تدرين اين انا, وانا؟ ايضا لا اعلم موقعي ومكاني, لا اكاد افتح عيني لأن التراب يكاد يبتلعني, ماما, لا استطيع تحريك رأسي, وقدمي تؤلمني وساقي محجوز بين اشياء ثقيلة لا استطيع رؤيتها, المهم ان شيئا ثقيلا يجثم على جسدي ويكتم انفاسي, انا اقاوم وربما لن استطيع ان اقاوم اكثر فهذا شيء فوق الاحتمال, اتذكر قولك لا تخف ولا تيأس, هذه الوصية التي كنت دائما توصينني بها لن استطيع تنفيذها سامحيني, لأنني افقد مقاومتي, اول شيء يا امي سمعته هو صوت دوي شديد سلبني الشعور, وجعلني ارتعد, واخذت اجري لا اعرف الى أين؟ ولمن اذهب, ولم ارك!! مع أني كنت اصرخ وانادي, فلم تسمعيني ولم تنقذيني من هلعي وروعي, بعدها شعرت بأن السماء تسقط على الأرض, وسقطت في اغوار سحيقة, وصرخت انادي, هل مازلت تحبينني؟ أمي انفاسي تنقطع, أظن أني مفارق صدرك الحنون لا محالة وانا مازلت في عمر الزهور, ولكن قبل ان اموت اتمنى ان اعرف ماذا يجري فوق رأسي؟ اسمع اصواتا كأنها من المجهول وكلمات مثل تفجير, وحرائق, واسعافات وبيوت سويت بالأرض وربما يكون بيتنا, فما ذنبي؟ انا لم افعل شيئا, صدقيني لم اؤذ بشرا, ولم اقترف ذنبا فهل ذهبت الرحمة من قلوب البشر؟ آه.. يا أمي لم أعد أشعر بشيء, سامحيني وتنتقل الروح البريئة الى بارئها دون ذنب جنته.