أعربت العديد من الفعاليات الأوروبية وعلى مختلف المستويات خلال الساعات الأخيرة عن قلقها أمام تصاعد سعر صرف اليورو فى أسواق المال. وتواجه الدوائر السياسية والفعاليات الاقتصادية الأوروبية معضلة تصاعد سعر صرف العملة الاوروبية الواحدة مقابل العملات الرئيسية الأخرى وفى مقدمتها الدولار الأمريكي. وبلغ اليورو أعلى مستوى له على الاطلاق فى أسواق المال أمام الدولار الامريكى وفاق للمرة الاولى الدولار والعشرين سنتا مساء الجمعة الماضية. ورغم تضارب الأوساط الأوروبية بين متشائم ومتفائل بشأن تداعيات ارتفاع العملة الأوروبية الواحدة على أداء الاقتصاد الاوروبى فانه يوجد اجماع على ان ارتفاعا مستمرا ولفترة طويلة لليورو سيلحق ضربة كبيرة باقتصاديات منطقة اليورو فى وقت يأمل فيه المتعاملون الاقتصاديون بداية انتعاش ولو طفيفا على الاقتصاد. وأعلنت المانيا فى أول ردة فعل لها أن الارتفاع الحالى لسعر اليورو لا يمثل مصدر قلق كبيرا ولكن العديد من المحللين الاوروبيين يرون عكس ذلك ويخشون فى الواقع من وجود خطة أمريكية لخفض متعمد لسعر الدولار لحفز الصادرات الامريكية على حساب الاتحاد الأوروبي. ويهدد ارتفاع اليورو حاليا مجمل منطقة الوحدة النقدية والاقتصادية الاوروبية / 12 دولة/ التى اعتمدت العملة الاوروبية الواحدة منذ عامين ويحد من الامل فى تكريس بداية نمو نسبى خلال الفترة المقبلة. وبعد ان عانت مجمل دول منطقة اليورو من حالة ركود اقتصادى فعلي بدأت الأوساط الاوروبية فى المهادنة على حصول انتعاش طفيف وتحديدا فى المانيا القاطرة الاقتصادية والمحرك التجارى والنقدى لدول الاتحاد الاوروبي. وقد فقد الدولار الامريكى خلال العامين الماضيين أربعين فى المائة من قيمته مقابل اليورو ليسجل أدنى سعر له فى الاسواق منذ سبع سنوات. ولكن الارتفاع الفعلى لليورو حصل خلال السنة الحالية حيث فقد الدولار حتى الآن خمسة و ثلاثين فى المائة من قيمته أمام العملة الاوروبية خلال الاشهر الخمسة الاخيرة. ويقول بعض المتعاملين والمضاربين: ان اليورو قد يسجل أحجاما قياسية جديدة فى سعر الصرف مقابل الدولار وقد يتجاوز الدولار والثلاثين سنتا خلال أسابيع فقط من الآن. وكان المسؤولون الاوروبيون يرددون على الصعيد السياسى ان الاقتصاد الاوروبى والاقتصاد العالمي بحاجة الى عملة أوروبية قوية ومستقرة. كما يردد نفس المسؤولون ان سعرا مرتفعا لليورو يجنب الاقتصاد الاوروبي ثقل الواردات الاجنبية وتحديدا من المواد الاولية الهامة وفى مقدمتها الطاقة وهو ما من شأنه التسبب فى انعاش سوق الاستهلاك أى سوق العمل ومن وراء ذلك مجمل العجلة الاقتصادية. ومن بين المزايا الأخرى والجوانب الايجابية لارتفاع اليورو عزوف المصارف عن رفع أحجام الفائدة أى تشجيع عملية الاستثمار فى مجالات اقتصادية حيوية يفوق مردودها مردود صناديق التوفير. ولكن ومقابل ذلك فان رجال المال والاعمال خاصة المصدرين يرون يوما يعد يوم الاسواق الاقتصادية والتجارية الدولية تعزف عن شراء معدات ومنتجات ومواد وخدمات أوروبية بسبب ارتفاع أسعارها الناتج مباشرة عن الزيادة المسجلة على حجم صرف اليورو فى أسواق المال تجاه الدولار والين والجنيه الاسترليني على حد سواء. ويتضح للمحللين الاقتصاديين ان الثقة الحالية فى العملة الاوروبية الواحدة لا تعود بالضرورة الى قوة وصلابة الاقتصاد الاوروبى الذى يعاني مرحلة تردد ولكن لوجود خطط أمريكية واضحة فى التخلى عن صلابة الدولار من جهة وبسبب الخلل الاداري المسجل على الانظمة الذاتية الداخلية الامريكية التى مثلت حتى الآن الضباط الرئيسى وربما الوحيد لأكبر قوة اقتصادية فى العالم.