عزيزي رئيس التحرير التأمل مهارة يمتلكها الناس جميعا ولو احسن المرء توظيفها لاستطاع التخلص من العديد من المتاعب النفسية الناجمة عن ضغوط الحياة ويؤكد بعض الخبراء على ان 20 دقيقة من التأمل المتواصل يوميا تعمل عمل البلسم الشافي للجهاز العصبي وتنفض عن المزاج كل الوان المنغصات التي يعج بها عالم اليوم. ويرى خبراء آخرون ان الانسان بحاجة الى ساعة تأمل يوميا لكي يحقق توازنه النفسي والمزاجي. ولكن على الرغم من بساطة التأمل فهو بالنسبة للبعض امر ملتبس يكتنفه سوء الفهم فهل هو مجرد السرحان ام هو الاستلقاء لمدة معينة من دون ان ينبس المرء ببنت شفة؟ ايا كان الشكل الخارجي للشخص المتأمل فان المهم هو ما يجري في عالمه الداخلي اثناء تلك العملية. فعليه ان يوجه انتباهه كله باتجاه شيء محدد طوال المدة المقررة, والتي قد تصل الى ساعة ومن شأن ضبط التركيز والانتباه في وجهة واحدة ان يساعد المرء على الاشراف على الصورة الكبرى لمعطيات الواقع. واذا كان المكان عاملا مساعدا في تلك العملية من حيث جماله وهدوئه فسوف يبلغ المرء مراده في التعامل مع ضغوط الحياة بفاعلية. وينصح خبراء التأمل بان يركز الشخص على احد الامور الآتية: 1- عبارة (انا مستريح). 2- شمعة او ايقونة او رمز تراثي معين. 3- الشهيق والزفير للشخص نفسه. وتتم الجلسة التأملية النموذجية وفق الخطوات الآتية: يتعين البحث عن مكان مريح بعيدا عن التداخلات التي تسبب التنغيص والتشويش. الجلوس بحيث يكون العمود الفقري والرقبة في وضع مستو وعلى نحو مستقيم. يمكن استخدام كرسي لذلك الغرض. اذا كان الشخص من محبي الجلوس الارضي يستطيع استخدام مخدة كبيرة ليسند بها ظهره. بعد الانتهاء من تعديل وضعية الجلوس بالصورة المثلى, يقوم الشخص بالتحديق في مركز التأمل او يكرر العبارة التي يود التركيز عليها تسارعيا او تباطؤيا. من الطبيعي ان يتشتت انتباه الشخص لمرات عدة. فلا ينبغي عليه الانسحاب, بل مواصلة التأمل بعد ان يعيد التركيز على النقطة الاصلية. وبعد ان تتم تجربة هذه العملية لمدة 20 دقيقة بامكان المرء ان يكرر تلك المدة حتى يشعر بالارتياح العصبي. وسوف يلاحظ بعد تكرار التجربة يوميا ان عملية التأمل العميق اصبحت اسهل. وبعد ان يعتاد المرء عليها سوف يلمس الفرق الواضح بين حالة قبل التأمل وحالة بعده. والجدير بالذكر ان هنالك رياضات ووسائل علاجية معترفا بها في العديد من المجتمعات, تقوم على التأمل العميق. ويؤكد خبراء عديدون ان هذه العملية تعزز جهاز المناعة الذاتية لدى الجسم. فاليوجا مثلا من اهم الوسائل التأملية التي تمنح صاحبها قدرات خارقة قياسا بقدرات الآخرين. ويقول بعض الخبراء ان حياة الطبيعة في الماضي كانت تساعد الناس على التأمل المفتوح. اما الآن فالحياة مكتنزة بالحركة والضغوط العصبية. ولربما كان هذا الفارق بين حياة الأمس واليوم هو الذي يوضح سر انتشار الامراض النفسية والعضوية على نحو لم يسبق له مثيل. @@ رقية شاكر