فرح كثيرون ببقاء طاش ما طاش في جزئه الحادي عشر، بعد أن أثير موضوع توقفه، فهو عند البعض جزء من المائدة الرمضانية الدسمة ، يتناقلون أخباره ويتسامرون بمشاهده وطرائفه ! ولكن ما عرض حتى الآن ، وعلى رأسها حلقة ( بدون محرم ) تبدو مخيبة للآمال، وتصور الحال بغير ما يأمله المشاهد ، فقد صورت هذه الحلقة مثلاً السعوديين على أنهم مجموعة من البشر هدفهم .. ( مكافحة النساء ) في كل مكان وطردهن تحت شعار (ممنوع الدخول بدون محرم )! وكأنه شعار ( إرهابي ) قمعي نازي ! كما صورت بعض الجهات الأمنية على أنها متخاذلة في عملها وحفظ أمن البيوت لعدم وجود رجل ! ... وغير ذلك من الملاحظات لمن شاهد الحلقة. إن المحرم ، الذي صورته الحلقة بهذه البشاعة والعقدة ، ليس ( غلطة ) حكومية أو مشكلة إدارية ، بل تشريع نزل به الرسول الأمين من عند ربه ! فهو إذن مفخرة للمرأة المسلمة وليس عيباً تحمله على ظهرها، أو وزراً تتعطش لليوم الذي تلقيه عن كاهلها ! وإذا كانت بعض الجهات والدوائر الحكومية قد قصرت في تفاعلها مع النساء وإنهاء معاملاتهن ، مثلاً، أو كان رجال تخلوا عن رعاية شؤون بيوتهم وأبنائه فهذا لا يلغي مبدأ المحرم وقداسته على الإطلاق. والمشكلة الحكومية وتعقيداتها يعاني منها الرجال دون النساء... كما أن صدور بعض السلوكيات الشخصية الخاطئة من بعض الشباب أو المارة والمراجعين في كثير من الأماكن ليست ( عقدة الذنب ) التي نغتسل منها بإعادة النظر في المحارم وأهميتهم! لا أحسب أن أحداً يجرؤ على القول أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مشاركاً في مشكلة ال( بدون محرم) هذه عندما أخرج أحد الصحابة من صفوف القتال والجهاد طالباً منه اللحاق بزوجته التي خرجت للحج ( بدون محرم ) ! فهل كان هذا مشهداً فات المخرج إضافته؟ نحن نقر بوجود إشكالات ليس في تعامل المجتمع والأنظمة مع المرأة وتسيير شؤونها ، بل مع الرجل أيضاً في مراجعاته الحكومية ، وليس الحل ، مرة أخرى ، أن ( يتسكع ) الرجال ونساؤهم بين الدوائر الحكومية والحدائق والمنتزهات والمحلات التجارية بنفس المميزات ، فتحل بذلك مشاكلنا بين عشية وضحاها ! ولكن الحل أن يضطلع الرجال بواجباتهم نحو بيوتهم ومحارمهم ، جنباً إلى جنب مع تطوير الأنظمة الحكومية، والسعي للرقى بها ، لتراعي خصوصياتنا. وكم تمنيت، في الختام، أن تكون تلك الحلقة تعرض أرضياً في تلفزيوننا السعودي دون فضائيات الدنيا ، ولكن أن نشهر بأنفسنا بهذا الشكل المغلوط والفج، فهذا عار وشنار نشارك فيه بتشويه صورتنا وسمعتنا التي لا ينقصها مزيد تشويه!