انك لا تحتاج الى مزيد تدقيق وتأمل في تلك الخطابات والتصريحات - التي تنضح حروفها كذبا وزورا - لتكتشف أنك متهم مدان بما قد حدث وبما قد يحدث مستقبلا ومالم يخطط له بعد.. بل عليك ان تتحمل مسؤولية كل ما يقع حتى من الكوارث الطبيعية كالأعاصير والزلازل. لقد اصبحت بندا رئيسا في كل خطاب وعلى كل لسان, بل اصبحت القضية الاولى لاجتماعاتهم وملأت عليهم سطور بياناتهم المفتراة وصرت شغلا لكل فارغ متسكع في دهاليز السياسة.انه يراد لك ان تمشي مطأطأ رأسك بين شعوب الأرض, يأسرك شعور بالذنب والخطيئة ويقتلك خوف العقوبة ويعلوك احساس بالنقص والتخلف عن ركب الحضارة, فالكل - حسب زعمهم - يبني ويعمر ويكتشف ويخترع وأنت مشغول في تدمير ذلك كله لأنك كاره للمدنية عدو للديمقراطية. ولو اعانتهم فصاحة العرب الأقحاح لقالوا: وغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا ان شعورا كهذا - ان تملكك - كفيل بأن يجعلك تهرب حتى من ظلك ان استطعت, فليس أصعب على النفس من ان تكون عالة على الدنيا, ليس لها حق في وجود او عيش كريم.. يطاردها شعور بالدونية ويلفها احساس بالجريمة. عزيزي القارىء.. انا لا انكر وقوع اخطاء من بعض افراد امتنا وفئات منها, ولكني في الوقت ذاته, ارفض المنطق الأعوج الذي يقدم النتائج قبل البحث, ويتهم لحين ثبوت الادانة, ويتخذ القرار قبل التفكير وينتقم لمجرد شبهة واحتمال. ارفض ان تعمم اخطاء غيري لتلصق بي التهم.. ارفض ان تؤخذ شعوب بجريرة آحاد منهم.. ارفض الاستسلام في حرب نفسية صار الذئب فيها يشكو استئساد الشاة عليه ويرميها بشتى التهم والأكاذيب. وعلى صعيد آخر فلست ممن يغمض عينيه عن حاضر أمته المحبط.. ولست ممن يخفي شمس الحقيقة والواقع بغربال الوهم وأمجاد الجدود.. بل اعترف بأن خير وصف لحالنا اليوم: ويقضى الأمر حين تغيب "عرب " ولا يستنطقون وهم شهود ان كبوة الجواد لا تنفي اصالته واستراحة المقاتل لا تعني استسلامه, وما تمر به أمتنا اليوم ليس الا ظلمة ليل تجلوها انوار الصباح وسحابة صيف سرعان ما تنقشع.انه لا ينبغي ان يأسرنا بريق زائف ولا ان يخدعنا شعار ديمقراطية كاذب او مدنية عامرة بمبادىء مهدومة وقيم مثلومة, اننا وان كنا نعترف بتقصيرنا وتقهقرنا بل وبأخطاء البعض منا فان ذلك ليس مدعاة لأن ننزوي الى الظل وان نلبس ما يخيط لنا الغير وان نؤمن بفشلنا ونيأس من اقالة عثرتنا ونهوضنا من سقطتنا. بل ان أمة يمتد تاريخ أمجادها عشرات القرون لا يضيرها فشلنا اليوم.. وان كان لهم الأمس فلنا الغد باذن الله.. أما من قامت أمته على ركام الجماجم واغتصاب الحقوق والغاء المبادىء وانعدام القيم فهو الأجدر بغض الطرف.