مصيبة كبرى ان ينتشر بيننا وسواس الشك في كل من حولنا.. نحلل كل ما يفعلون ويقولون.. ونقدم النية السيئة على الحسنة.. ونرى ان كل من حولنا هم اعداء.. وما ابتساماتهم ومدحهم وثناؤهم الا من باب (التلصق) .. او من باب المجاملات التي تخبئ في طياتها الحقد.. ويجري تحتها السم الزعاف!! كلما قال احد شيئا عن ناد ما او رئيس ما او لاعب ما.. خرج لنا من الفلاسفة من يتهم القائلين بالمتآمرين الحاقدين.. وكأن الرأي الوحيد الذي يجب ان يسمع ويقال.. هو رأيه هو فقط، وباقي البشر يجب ان نقطع ألسنتهم اذا ما تفوهوا عن اي شيء يخص ناديهم.. او لاعبيهم!! يعني على كذا.. بعدكم يوما نغلق جرائدنا.. ونسكت ونفنش معلقينا الرياضيين ، ونروح نشوف لنا شغلة ، علشان الموسوسين يرتاحون من (مؤامراتنا)!! لقد صعقت عندما قرأت ان احد رؤساء الاندية، يهاجم معلقا ومحللا رياضيين تابعين لاحدى القنوات الفضائية، متهما اياهما بالمتآمرين على ناديه!! لماذا؟ وما هو الذنب الذي اقترفاه؟؟ وما دليله على هذه التهمة؟؟ لا نعرف !! غير انه نوه بأن المعلق له ميول رياضية قديمة وواضحة !! ففهمنا من ذلك، ان الميول الرياضية (حتى لو كانت قديمة) تعتبر جرما في منظور هذا الرئيس!! وان اي شخص لا يميل الى نادي سعادته.. ولا يشاطر رابطة مشجعيه اهازيج التشجيع في المدرجات هو من الاعداء، ويجب ان ترفع فيه شكوى الى الاممالمتحدة اذا ما تجرأ وقال رأيه في لاعب او مدرب.. او حتى في لقطة من لقطات المباراة التي يكون فريق سعادة الرئيس طرفا فيها! وكأن من الواجب على المعلق والمحلل اللذين يدفع لهما لغرض التعليق والتحليل.. التمييز بين فريق (كبير) مثل فريق سعادته وفريق (صغير) ، ويجب عليهما ان يختارا الكلمات الدافئة والحذرة لوصف كل ما له علاقة في فريق سعادة الرئيس، وتضخيم كل خطأ يبدر من الحكم في حق نادي سعادته، وتصغير كل خطأ لصالحه.. بل وعدم التطرق له، ويجب عليهما مدح لاعبي سعادته بشكل متواصل.. وتهزئ لاعبي الخصم بشكل اكثر تواصلا!! اما فيما يخص الفريق الضعيف ، صاحب الحيطة الواطية، فلا بأس بان تهد اركانه بكل كلمات التهزيء والاستهزاء والاستهتار في لاعبيه وجهازيه الفني والاداري.. وجمهوره، بل واعضاء شرفه.. وحتى بتاريخه.. سواء كان فائزا او مهزوما.. انا اعتقد ان رئيس اي ناد، يجب ان يتمتع بالحد الثقافي الادنى الذي يساعده على اثبات الحجة بمنطق موضوعي ومنهجي.. بدلا من كيل التهم للناس واتهامهم (بالمتآمرين) والحاقدين.. بناء على اسباب واهية.. اسباب تكاد تكون (اعذارا) مللنا سماعها.. الى درجة ان بعضها اصبح عذرا اقبح من الذنب نفسه.. ففي حالة المدح .. انت صديقي.. وفي حالة الصراحة وابداء الرأي الحقيقي.. انت عدو متآمر.. يجب نفيك مثلما تنفى بعض المعلمات في مدارس الربع الخالي..!! فأعتقد ان الوقت حان الى ان نترفع عن مستوى كيل الاتهامات جزافا ، ولنرفع رؤوسنا قليلا.. لنرى ما هو ابعد قليلا من خطى ارجلنا فقط.. ولنخطط لما هو قادم بشكل حضاري.. ولنتعامل مع من يحيطوننا بشكل مهني اكبر وبلباقة المثقفين.. ونبل الفرسان.. حتى لو كان ممن يحيطوننا اعداء.. ومتآمرون بالفعل..، فقد مللنا هذه الاسطوانات .. وخاصة.. اسطوانة (المؤامرات).