ما أطيب تلك النفوس التي تعشق الجزاء على المعروف، وشكر من يستحق الشكر، ومكافأة المحسن، ومحاولة رد الجميل الى صاحبه، والاعتراف بالفضل لصاحب الفضل، في هذا الزمن الذي تنكر فيه الولد لوالده، والتلميذ لأستاذه، والمستمنح العطاء للمحسن إليه.. أرواح طيبة، وأخلاق نفيسة عالية، ترقرق الوفاء بين جداول محاسنها فزاد حدائقها بهجة ورونقا. (رد الجميل) خلق عظيم لا ينبعث الا في قلوب لم تعرف غير الصفاء، وسلامة الصدر، وجمال المعاملة، والابتسامة في المقابلة، والطلاوة في الحديث، لاينامون الا وهم مخمومو القلوب، يرددون بأريحية واستمطار لرحمة الله وفضله وعفوه: (اللهم اني عفوت عمن ظلمني فاعف عني)، صنف ينسون ما يقدمونه للناس، ويظلون يتذكرون ابدا ما قدمه لهم الآخرون، بل يحسبونه دينا عليهم، يظلون يبحثون عن سبل الوفاء به ما استطاعوا حتى يكافئوه او يزيدون..==1== وجربنا وجرب أولونا==0== ==0== فلا شيء أعز من الوفاء==2== قال علي (رضي الله عنه) :==1== ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب==0== ==0== فالناس بين مخاتل وموارب يغشون بينهم المودة والصفا==0== ==0== وقلوبهم محشوة بعقارب==2== هل حقا ما يقول الناس: ذهب الوفاء من الناس، فلم يبق ولد بار ولا صديق صادق، ان كان ذلك حقا فلنا الحق اذن ان نكرر مع الشافعي رحمه الله قوله:==1== سلام على الدنيا اذا لم يكن بها==0== ==0== صديق صدوق صادق الوعد منصفا==2== فهل نبادر لنكفن الوفاء بين خرق بالية، أم نحنطه ونضعه في متحف شعبي يتفرج عليه الناس، ونكتب على تابوته:==1== عز الوفاء فلا وفاء وإنه==0== ==0== لأعز وجدانا من الكبريت==2== لا لن أقول كما قال هؤلاء الاعلام، فهم انما سجلوا تجارب محدودة لاتمثل الغالب الأعم في الناس، وسوف أتناسى عمدا كل صور غمط الحقوق، ومآسي العقوق، رغم الحاحها على ذهني، لان الناس انما يتذاكرون مثل هذه القصص، وينسون قصص الوفاء والبر، فلا يزال مجتمعنا يقدم النماذج العليا في المجتمع، والصور المشرقة فيه.. نعم لن أقول: هلك الناس، ولكن سأقول: الخير باق في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم): الى يوم القيامة، لن أتذكر قصص الجاحدين، ولكني سأتخيل وأتمثل سير البارين، واستنشق عطرها، وانعم بطعومها، وكأنها أفلام تستعرضها مخيلتي، وتستمع بها ذائقتي، سوف أحلم بها كثيرا، حتى تغطي كل مساحات العقوق التي اقرأ عنها كل يوم في الجرائد والمواقع العنكبوتية، لن اوجع قلبي بطعنات الغادرين، بل سألملم جراحي بمباضع الأطباء المشفقين، وأنامل المحبين.. وسوف أبقى أردد مع أبي النجح الخوارزمي قوله:==1== عش الف عام للوفاء وقلما==0== ==0==ساد امرؤ الا بحفظ وفائه لصلاح فاسده، وشعب صدوعه==0== ==0==وبيان مشكله وكشف غطائه==2== نعم.. فقلما ساد امرؤ إلا بحفظ وفائه.. وان المجد ليتأبى على أهل الخيانة والغدر مهما حاولوا الوصول إليه، أو حتى صناعته بالقوة.