كان ياما كان.. قبل قرن من الزمان. توجد قرية اسمها (الخبر) تقع على الساحل الغربي للخليج العربي. تتكون هذه القرية من بيوت حجرية بسيطة وبعض الأكواخ وتمتد فيها ثلاثة شوارع تقطعها من الشمال الى الجنوب. هذه القرية كانت تكتنفها الواحات والبساتين من الشمال على امتداد الطريق البري حيث البساتين وينابيع المياه وعلى الساحل الجنوبي توجد واحات (عين السيح) ورغبة من البلدية في استكمال تلك اللوحة الجميلة وسد حاجة البلدة من الأشجار أنشأت في الشمال الغربي للبلدة منطقة للاحراج غرست فيها الأشجار الكبيرة التي تتولى المساهمة في صد الرمال وتلطيف الجو وتوفير الظل. ففي ناحية من منطقة الاحراج أنشأت مشتلا وزرعت فيه الأشجار التي تزود بها الشوارع. ثم كبرت البلدة وتحولت الى مدينة وتمددت أذرعها وسيقانها حتى اكتسحت اليابس والأخضر من المسطحات الخضراء وما يحيط بالمدينة من بساتين وينابيع واحراج. وكان أسبوع الشجرة مناسبة مشهورة شارك فيها رؤساء الدوائر وطلاب المدارس والوجهاء والأعيان بالاضافى الى عمال قسم الزراعة بالبلدية (وهم الذين يتولون جلب الأشجار واعداد المغارس) حيث يقوم أولئك بغرس الأشجار ومعها شعار (اغرس ولا تقطع). ولا يمضي ذلك الاسبوع، أو تلك الاحتفالية الا وتبعث روح التعاون والعزيمة الصادقة وحب العمل التعاوني.. إلا أنه مع الأسف، وفي غمرة انشغال الناس بالعقار والأسهم والمشاريع الاسكانية, أخذت تلك المناسبة تتقهقر من الذاكرة شيئا فشيئا حتى خبت وأصبحت في عالم النسيان. وبنسيان تلك الاحتفالية نسينا أشياء كثيرة كانت تظلل حياتنا وتطرزها بكل المعاني الخيرة.. ومنها: التعاون, واللقاء السنوي المتكرر, والمحافظة على البيئة نظيفة وصحية. أراني اسهبت في الحديث عن أمجاد الماضي, ولا أدري ان كان ذلك من باب التذكير, أم من باب التحسر على ماض لا أظنه يعود. وكان لنا في غابة شارع الظهران وشارع الملك عبدالعزيز بمسطحاتها الخضراء وأشجارها الكثيفة الظلال، خير متنفس. يجتمع في ظلالها المواطنون والوافدون من ذوي الحاجة, أو ممن يودون قضاء أوقات مريحة في عطلة نهاية الاسبوع. ثم جاء الطوفان السكاني, ومعه ازداد عدد السيارات والمركبات. ولم تعد الشوارع تستوعب تلك الأعداد الهائلة من وسائل النقل مما سبب اخفاقات مرورية أربكت المواطنين سواء أثناء ذهابهم الى أعمالهم أو انصرافهم منها كما تعرض الطلاب والطالبات لتلقي المعاناة اليومية ولم يكن هناك حل غير اجراء عملية جراحية تجميلية للشارعين للقضاء على تلك الاختناقات وتحقيق انسيابية المرور. وقامت البلدية بجهد مشكور بتجميل وتزيين مدخل الخبر من الجهة الشمالية شارع الملك عبدالعزيز والجهة الغربية (شارع الظهران) فتوسعت قنوات المرور وأصبحت الحركة في المسارات سهلة وانسيابية وتوفر عدد كبير من المواقف والأرصفة العريضة المرصوفة بالبلاط الملون، وهي أرصفة قصد بها أن تكون محطات استراحة لرواد السوق وأولئك الوافدين الذين يحبون أن يقضوا العطلة في لقاء أصدقائهم ومعارفهم من بلدياتهم. إلا أنه مع الأسف لن يتحقق هذا الغرض لأن شمس الصيف المحرقة والرطوبة المشبعة لن يتركا للانسان مجرد التفكير في لقاء أي انسان آخر. وبالتالي لن يشعر بالمتعة التي أرادت البلدية تحقيقها للجميع. ولقد عجبت أشد العجب من عدم استغلال اجزاء من تلك الأرصفة العريضة لتكون مسطحات خضراء تغرس على جوانبها بعض الأشجار الظليلة. ففي ذلك فائدة كبرى حيث توفر الظل وتبهج النفس بمناظرها الخلابة. ان أمانة الدمام وبلدية الخبر بجهازيهما الاداري والفني لن يألوا جهدا في تحقيق ما يسهم في اسعاد المواطنين والمقيمين ويوفر لهم الراحة النفسية والجسمية وانني لآمل ان يدرس هذا الموضوع بعناية قبل الرد الذي قد ينشر في أحد اعداد هذه الجريدة ولا يقرأه أحد. وهمسة بسيطة أرجو ألا ينسى المسؤولون توفير دورات مياه نظيفة ومصانة, خصوصا في شارع الظهران.. وملاحظة اخرى هي: رجاء تشديد المراقبة على البوفيهات والمطاعم داخل المدينة ومراقبة المراقبين حتى يقوموا بأعمالهم على أكمل وجه.