خلف اسوار الماضي تعجز الكلمات عن التعبير عما تحمله سنوات العمر من ذكريات.. لكن في دار العجزة بالدمام تبقى الذكريات مهمشة عند كبار السن وتنحصر الاهتمامات في الاسباب التي جاءت بهم الى هذا البناء. قصص وروايات كثيرة لاتتسع لها المساحة لما يحيط بها من صور غريبة.. فهناك من الابناء من حملوا والدهم المسن الى الدار ليبعدوه عن اجواء البيت الذي بناه بعرق جبينه.. وهناك طاعنون في السن.. في المقابل ليس لهم ذرية او اقارب.. (اليوم) دخلت الدار وتعرفت على بعض الوجوه المؤثرة التي طواها النسيان.. واصبحت خارج نطاق الخدمة.. ورسمت بالقلم صورة لحكاياتهم الحزينة. وفي البداية التقت (اليوم) بمدير الدار محمد الحداد.. وكان هذا الحوار: تأسست الدار قبل 32 سنة تقريبا بأمر من وزير العمل والشؤون الاجتماعية وللحاجة الماسة لذلك.. وتتركز هوية الحالات في الشيخوخة والدار تستقبل حالة كبير السن فقط للاشخاص الذين طاف بهم العمر ولايوجد من يقوم برعايتهم من ذويهم فعلى سبيل المثال هناك اكبر معمر في الدار يتراوح عمره بين 95 عاما وهو مقيم بالدار منذ حوالي الخمسة وعشرين عاما. هناك حالات انسانية في الدار.. كيف تتعاملون معها؟ تعاملنا مع المقيمين يتم من قبل الادارة والاخصائيين والمراقبين والمشرفين كلها قائمة على علاقة انسانية قبل أي شيء ونحن نستقبل الحالات التي تحتاج لرعاية وتشرف عليها الدار من ناحية الغذاء او الكساء او الاشراف الطبي والاجتماعي او حل مشاكلهم وظروفهم الخاصة. عقوق الأبناء لاشك ان بعض الأبناء لايعيرون والديهم اهتماما أو السؤال عنهم كظاهرة غريبة عن مجتمعنا ما دوركم في ذلك؟ طبعا هنا يأتي دور الاخصائي الذي يقوم بالاتصال هاتفيا بأهل المقيم ويحثهم على زيارته واذا لم نلمس تجاوبا منهم نقوم بارسال شخص الى اهل المقيم لحثهم على ذلك والا نلزمهم برعاية آبائهم وبعضهم يستجيب وبعضهم لا وان لم يستجيبوا فهناك اجراءات تحملهم المسئولية.. وليس اجباريا وذلك بالحث والارشاد واظهار الحسنات التي يكتسبونها من رضا الوالدين وبعضهم يستجيب وبعضهم يشرح ظروفه فيكون عنده ظروف قاسية ونحن نقدر الظروف. مشاكل ما أبرز المشكلات التي تواجهكم في اداء رسائلكم على الوجه الاكمل؟ ابرز المشكلات من الناحية النفسيةوهذه الحالة طبعا تتطلب وقتا كبيرا ما بين شهور إلى ان يطمئن الانسان ويثق في نفسه ويتأقلم مع جو الدار ويسلم بالامر الواقع. اما من الناحية الصحية فهناك حالات تأتي الينا مهملة من قبل بعض الاقارب او الابناء اوالاخوان. واذكر ان هناك شخصا أتى بأخيه هنا لكن اتضح انه لم يكن معتنيا به ومهمله. ويأتي دورنا صحيا حيث يأتي المقيم إلى الدار ونبعثه اولا الى المستشفى لاجراء التقارير الطبية اللازمة واذا اتضح ان فيه مرضا نحن بدورنا نقوم بعلاجه من قبل المستشفى المركزي واذا كان شيئا بسيطا يتعالج داخل الدار. تعاون ما مدى تعاون المواطن مع الدار؟ من ناحية تعاون المواطن مع الدار نحن وضعنا برنامج (أصدقاء المرضى) حيث يأتي عدة اشخاص ويقولون نحن نريد ان نفعل خيراً في حياتنا ونقوم بتسجيل اسمائهم. ويقوموا بزيارة دورية في الدار, بحيث انهم يجتمعون بالمقيمين ويتحدثون معهم ويصبح هناك اختلاط بين المقيم والمجتمع. كلمة اخيرة توجهها للابناء؟ الكلمة الاخيرة ان كل انسان بالغ عاقل ذي دين وخلق يتحلى بالدين الطيب ويفهم كلام الله انه ما يأتي يوم يتخلى عن والدته او والده لانه لو تخلى عنهم ان شاء الله في المستقبل اولاده تتخلى عنه والدنيا هكذا كما تدين تدان. حكايات المسنين بعدها التقت اليوم بعدد من المسنين ورصدت حكاياتهم: عدنان الغامدي: ابلغ من العمر 70 عاما التحقت بالدار من قبل مستشفى الملك فهد ولي في الدار سنة واحدة واشتكي من شلل في الاطراف ولايوجد لدي من يعولني الا الله سبحانه وكنت من قبل سائق تاكسي وانتسب الى عائلة كلهم تخلوا عني ولم يسبق لي ان تزوجت. انقطعت الزيارة اما عبداللطيف الهاشم السيد فيحب الشعر كثيرا.. وقال: ابلغ من العمر حوالي 95 عاما التحقت بالدار من قبل اقاربي لكبر السن وليس لي اولاد ولم يسبق لي الزواج ولا لي في الدنيا غير شقيقتي وهي كبيرة في السن وتعاني الضغط والسكر ولاتستطيع ان تقوم برعايتني رغم الظروف الصحية واضطرت إلى ادخالي الى الدار. واضاف: ان ابناء اختي كانوا يزورونني باستمرار والآن انقطعت زيارتهم من حوالي سنة. ومن احدى قصائد عبداللطيف الهاشم: يا مرحبا مليون أمس وقبل أمس والبارحة ولي بعد من وراها رحبت بالمحبوب من حمس لحمس لو تركت الخلان ما بيرضاها الي أقباله يشبه ساطع الشمس ون القمر من منزله لاسلاها كنت خبازا اما عبدالكريم مطلق القوز فقال: ابلغ من العمر 64 عاما والتحقت بالدار من قبل اخي لانه غير قادر على رعايتي لسوء الحالة الصحية للاخ لعجزي وعدم القدرة على رعاية نفسي واصابتي بشلل نصفي. ولم يسبق لي الزواج والانجاب واضاف كنت في السابق خبازا منذ خمس وعشرين سنة, كما انني اول من اقام مخبزا في الاحساء لصنع الخبز الابيض المعروف.. (بالهولي). أخي جاء بي إلى هنا وقال عبدالله عبدالرحمن البوشل: ابلغ من العمر 87 عاما التحقت بالدار من قبل اخي لاصابتي بشلل نصفي حيث لايستطيع القيام بي لانشغاله وعدم التفرغ لرعايتي مما اضطره ايداعي في الدار حيث كنت اعمل خياطا لعمل البشوت قبل ان اصبح مقعدا ولم يسبق لي الزواج. ليس لي أحد وقال جابر سلمان الحربي: ابلغ من العمر 73 عاما ليس لي عائل يعولني وعملت في عدة شركات ثم سوق الحراج ومن ثم تدهورت حالتي الصحية وادخلت للمستشفى وحولني خطاب من المستشفى الى الدار لانه ليس لدي أسرة او قريب في المنطقة ومنذ ايداعي في الدار الى الآن لم يزرني احد سوى المتطوعين. أبو حيدر وقال سالم مبارك الدوسري: ابلغ من العمر 72 عاما كنت من مؤسسي نادي الاتفاق وكنت ألقب ب(أبو حيدر) وليس لي عائل يعولني ولدي إخوة الاكبر متوفى والثاني كبير في السن وكفيف وقام بايداعي الدار ابن اخي بسبب اصابتي بشلل نصفي. هذه هي الحالات الانسانية.. او جزء منها.. تحتاج الينا جميعا.. لنعيد اليها حقها في الحياة.. نوجه دعوة عامة للجميع لزيارة هؤلاء والتخفيف عنهم.. واشعارهم انهم مازالوا على قيد الحياة.. يتحدث عن زيارة مدير الدار يتحدث ل(اليوم)