"كيف أستطيع نسيان وجهه" ؟؟ آه .. كيف لي ذلك .. كيف أستطيع نسيان ذلك الوجه المتألم الجميل، وهو يطل علي من كل نافذة أبصر من خلالها الطريق .. من كل كتاب أفتحه ومن كل كأس احتسي منها شرابي، من خزانة ملابسي وبين كتبي .. على صفحات أوراقي .. وفي داخل حقيبتي، وعندما أغلق عيوني لأنام أجده في الظلام الذي أغلق عيوني عليه .. تظهر عيونه كبيرة جاحظة بنظرات التوسل الأخيرة المستفزعة، والألم العظيم الذي خطط وجهه الجميل بذلك الشكل الذي لا ينسى .. لا أدري كيف يمكنني نسيانه..... ؟؟ يقال ان القاتل لا ينسى أبدا وجه ضحيته لحظة إجهازه عليها .. لكنني لم أفعل . وأقسم على ذلك أنني حتى لا أجيد ضرب الذباب.. فكيف بقتل طفل يختبىء خلف "برميل" نفط ويحتمي بظهر والده. لا يمكنني ذلك أبداً ... حتى أنني لم أدل على مخبئهم في (جوارزده) أو في الخليل .. لا إنني فقط جلست في بيتي أتفرج على كل ذلك في التلفاز المسدس إنه هنا في غرفة المعيشة .. وتحت الوسادة وفي درج الطاولة التي أقعد أمامها كل مساء .. وهو بين جلدي وملابسي .. جهة قلبي هنا أتحسسه بجنون عندما أفتقده .. وحينما أجده، وأضع يدي عليه .. أشعر بأنه يحس بدفء يدي عندما تربت عليه ... يعرف كثيراً مدى حاجتي إليه .. ويعرف كم هو ضروري الآن .. لكن لا أعرف كيف استخدمه جيداً .. ولم أتدرب على ذلك ثم عندما تنتهي طلقاته من أين آتي بأخرى؟ وكم صندوقاً سأحتاج ؟ وإلى من سأوجه فوهته فهم كثيرون ويظهرون كل يوم .. تتشقق عنهم الأرض .. ها هم الآن يتقافزون في كل جهة من هنا. في حين أن الناس هنا يتحدثون عن سلام بصناعة غربية . لا أستطيع الثقة بأحد أبدا سوى بمسدسي بصوته فهو الحقيقة الوحيدة حتى الآن .