في الجزء الاول من هذا الحوار تحدث احمد الشدوي مدير فرع جمعية الحاسبات السعودية بالمنطقة الشرقية وعضو مشروع الخطة الوطنية باسهاب عن اهداف المشروع وبرامجه كما تناول عددا من تجارب الدول الاخرى في مجال التخطيط وتدريب الكوادر والتأهيل ومن ذلك التجربة السويدية حيث ذكر ان الحكومة السويدية منحت القطاع الخاص 150 مليون دولار لاعداد برنامج لتدريب عشرة آلاف شخص من بين اربعمائه الف عاطل عن العمل في السويد وتأسيس شركة غير ربحية يديرها القطاع الخاص من خلال ادارة واعضاء من وزارة الصناعة والتجارة ومكتب المراقبة الوطني، وحددت مهامها بالتدريب والتأهيل في مجال الحاسب الآلي. وتحدث الشدوي ايضا عن موضوع السعودة وقال ان الحاسب الآلي هو المجال الانسب لتدريب وتأهيل المواطنين السعوديين نظرا للاستثمار الكبير للمملكة في مجال الحاسب الالي ومنذ فترة طويلة حيث احتضنت اول مؤتمر وطني للحاسب الآلي في عام 1974م، وشهدت تطورا سريعا وملحوظا في هذا الجانب. كما تحدث عن تمويل التدريب واشار الى ان مجلس القوى العاملة لديه فرصة ذهبية للتدريب، بتوفير المبالغ الكبيرة جدا والتي تتجاوز سنويا 700 مليون ريال، وهنا من المواطنين الباحثين عن العمل يقل عددهم بكثير عن عدد الوظائف التي يشغلها غير المواطنين وبين يديه تجارب لدول عديدة متنوعة الظروف منها ما يناسب الوضع لدينا تماما، ولديه فرصة سانحة في مضاعفة نمو الصناعة التعليمية الناشئة في المملكة لاسباب عديدة منها توافر المال ووجود المحتاجين للتدريب ووجود الوظائف لدى القطاع الخاص التي يشغلها غير المواطنين، كما سيساهم في تطوير وانتشار معاهد التدريب في جميع مناطق المملكة. ويستمر الحديث مع الشدوي عن البطالة وتفاوت نسبها والتي كما يقول استقر الوضع من ناحية رسمية على انها تقارب 8%، وبغض النظر ان كانت النسبة اكثر من ذلك او اقل فالبطالة هي مشكلة جوهرية حقيقية ولا تقتصر على دولة دون غيرها لان جميع الدول تعاني هذه المشكلة ولكن هناك دولا وجدت لها حلولا مناسبة ذات بعد استراتيجي وصالحة للمدى القريب والبعيد. والمعروف ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تنفذ مشروع حاسب آلي كبيرا وشاملا وهو في مراحله الاخيرة من التنفيذ والتطبيق سوف يساعد كثيرا في معرفة عدد العمالة بالتحديد وخبراتها المتوفرة وما تحتاجه من تطوير وتأهيل، وبذلك تتوفر لدى ولاة الامر المعلومات التي تبنى عليها الخطط والحلول المناسبة وترصد لها الاموال الكافية. @ كيف ترى تطبيق الخطة الوطنية؟ * علينا اولا الاستفادة من خبرات الدول ذات التجارب الناجحة ولنبدأ من حيث انتهى الاخرون، ولدينا حاليا اكثر من جهة تساهم مساهمة فعالة ومشكورة في توطين العمالة مثل مشروع الامير محمد بن فهد لتأهيل السعوديين ومشروع صندوق تنمية الموارد البشرية، ولكن موارد الصندوق محدودة جدا ومتواضعة وتنخفض بانخفاض عدد العمالة الوافدة ولا تستطيع حل المعضلة وحدها، حيث ان تمويل الصندوق اساسه مائة ريال رسم تجديد اقامة العمالة الوافدة وخمسون ريالا عند اصدار رخص العمل او تجديدها وقد بلغت ايرادات الصندوق 10.185.464.950ريالا منذ بداية التحصيل في 1422/1/1ه حتى 1424/3/30ه، وقد تم تدريب وتوظيف عدد 6467 مواطنا حتى الان منذ انطلاق الصندوق لممارسة انشطته في 1423/1/1ه، ويسعى لتوظيف 100 الف مواطن خلال خمسة اعوام منذ بداية انطلاقته كما صرح بذلك سعادة الدكتور محمد بن عبدالعزيز السهلاوي مدير عام الصندوق بجريدة الاقتصاد بتاريخ 1424/5/4ه، كما ان الصندوق يعالج مشكلة فئة معينة من المواطنين من خلال المساهمة بمبلغ 36000ريال كحد اقصى لدعم التدريب خلال فترة سنتين، ومبلغ 24000 ريال كحد اقصى بعد التدريب خلال سنة ولكن تأهيل السعوديين وتطويرهم هي عملية مستمرة ومنتظمة حتى بعد الفترة المذكورة اعلاه ولا تنتهي بانتهاء فترة زمنية معينة من قبل جهة العمل. وهذه الامكانيات في تطوير وتدريب السعوديين متوفرة لدى المؤسسات التي تتمتع بقدرات مالية تسمح لها بذلك حيث انها لا تتعرض لمنافسة في التكلفة مثل المنافسة القائمة بين شركات القطاع الخاص الصغيرة، وهذه الشركات مثل شركة ارامكو والخطوط السعودية والبنوك والشركة السعودية للكهرباء وشركات سابك وغيرها ناجحة. وتجارب هذه الشركات او المؤسسات تدل على نجاحها في توطين العمالة، فلا الشباب السعوديون غير ملتزمين كما يدعي البعض ولا تقاعس من قبل القطاع الخاص في توظيف السعوديين وهناك بعض الشباب غير الملتزم بمتطلبات الوظيفة نسبته مثل اي نسبة موجودة في دول العالم. @ هل ترى ان الضرائب التي تفرض على القطاع الخاص مقبولة؟ * كما هو معروف ان طبيعة الاعمال التجارية لدينا وفي جميع انحاء العالم مبنية على مبدأ تسعير خدماتها على تكلفة السلعة او الخدمة او المنتج باضافة النفقات المباشرة او غير المباشرة ونسبة ربحية تتعدى استثمار رأسمالهم في فرص اخرى داخل المملكة او خارجها ومعدل هذه النسب لا يختلف كثيرا عن مثيلاته في جميع دول العالم بما في ذلك الدول التي تدفع شركاتها ضرائب كبيرة، واذا زادت هذه النسب في بلد ما عن غيره هاجر اليها الافراد ذو المهن والخبرات الجيدة وكذلك الحال بالنسبة لهجرة رأس المال والشركات والمؤسسات. اذا هذه الضرائب التي تفرضها الدول على شركاتها هي جزء من التكلفة كما سبق الاشارة اليه. لذلك لايضر شركات القطاع الخاص محليا فرض اي مبلغ مطلوب وبأي اسلوب لاستثماره في تطوير الكفاءات السعودية لانها سوف تدرج ضمن التكاليف مثلها مثل الدول المتقدمة، وطالما تساوت التكلفة على الشركات المحلية دون تمييز فلن يكون هناك فروق قاتلة للمؤسسة او الشركة في التكلفة، والمقصود ان تكون تكلفة العمالة متساوية وتكلفة السلعة والمنتج متساوية، ومثال على ذلك لو زادت رسوم الاقامة على العمالة الوافدة الى مبلغ اكبر من الحالي فتلك الرسوم ستفرض على جميع فئات القطاع الخاص دون استثناء، اذا ستكون النسبة متساوية في تكلفة الايدي العاملة عندها يصبح التنافس متكافئا شريطة عدم تفضيل بعض شركات او مؤسسات القطاع الخاص على غيرها. @ ما المشكلة وما الحل؟ * احدى المشاكل الرئيسية تتلخص في عدم ادراج وظائف للسعوديين ضمن الشروط والمواصفات الخاصة بمناقصات عقود التشغيل والصيانة والمشاريع التي تطرحها الدولة والشركات الكبرى اضافة الى انخفاض تكاليف العمالة الوافدة المتخصصة. وفي نظري الحلول كلها اساسها هو التمويل المطلوب في تأهيل المواطنين والاستمرار في تطوير كفاءاتهم فيما بعد، والعائق الرئيسي امام شركات القطاع الخاص الصغيرة هو حدة المنافسة بينهم كما ذكر اعلاه. وحل هذه المنافسة هو ان تشتمل شروط ومواصفات عقود الصيانة والتشغيل والمشاريع على نسبة سعوديين وحتى الان رغم وضوح المشكلة وحلها لاتزال المشاريع المطروحة للمنافسة خالية من ادراج هذه النقطة الهامة وفرق التكلفة بين المواطن والوافد. كما ان المطلوب بالاضافة الى احلال السعوديين بدلا من العمالة الوافدة المتواجدة هو خلق وظائف جديدة وتذليل معوقات جذب رأس المال الاجنبي وقد قدرت ب 106 عوائق كما ذكر مؤخرا في الصحف المحلية وايجاد حلول لجذب اموال السعوديين الموجودة بالخارج. كما ان عدد الباحثين عن العمل يتزايد سنويا باعداد كبيرة الى السوق السعودي والوظائف الشاغرة حاليا لا تستوعبهم، ولابد من خلق فرص جديدة اضافية. @ ما المجال الذي ترى ضرورة توجه الاستثمارات اليه؟ * من اهم مجالات الاستثمار المتوفر في المملكة صناعة التعليم والنجاح فيه وهو شرط اساسي لما يأتي بعده، فاذا خصص جزء من ميزانية التعليم غير المهني لتمويل تعليم المواطنين وتأهليهم عن طريق التدريب لدى شركات ومؤسسات القطاع الخاص فانه بذلك يسهم في حل موضوع التأهيل واذا تم ايجاد قروض للمواطنين على غرار صندوق التنمية العقاري لتطورت صناعة التعليم لدينا بسرعة مذهلة. ولكن يبقى ايجاد فرص العمل لدى القطاع الخاص، وهذا ممكن لو لم تكن السياسة المتبعة حاليا على مستوى الدولة ومؤسساتها والشركات الكبرى مثل ارامكو مبنية على اساس قبول اقل الاسعار حتى لو كان ذلك على حساب توظيف المواطنين وقبول غيرهم من العمالة الوافدة لانخفاض اسعارهم. @ ما رأيك في توسع مجالات عمل المرأة؟ * بالنسبة لعمل المرأة أنا انظر له نظرة اسلامية شمولية فهناك ما يزيد على 600 مليون امراة مسلمة مقابل 6 ملايين امرأة سعودية وما ينطبق على 600 مليون من حقوق وواجبات دينية ينطبق على 6 ملايين تتساوى فرص العمل من وجهة نظري الشخصي لدى الفئتين ما عدا ذلك فهي العادات والتقاليد التي تحد من عمل المرأة السعودية حاليا، وهناك من يقول ان الزمن كفيل بمعالجتها ولكن الجميع يعلم ان هناك عددا كبيرا من النساء في حاجة ماسة للحصول على عمل شريف يسد حاجاتهن ويحفظ لهن كرامتهن والجميع يدرك خطورة عدم فتح مجال العمل لمن في حاجة ماسة له واتساءل لماذا لا يبادر اولياء امور النساء باعطائهن الفرصة فهذه مسئوليتهم بالدرجة الاولى، ونظام العمل والعمال يكفل للمواطن ذكر او انثى حقه في العمل ويكفل لصاحب العمل حقه في الحصول على حقوقه مقابل ما يقدمه للمواطن ويتفق عليه بين الطرفين.