بعد أن اكتشف الأطباء فعاليتها في تسريع التئام الجروح عند الجنود المصابين في الحرب العالمية الأولى توالت استخدامات ديدان العلق في المجالات الطبية وخصوصا فيما يتعلق بتنظيف الجروح الانتانية العميقة، والقضاء على الجراثيم المسببة لها. ووجد الباحثون مؤخرا أن بإمكان هذه الديدان المتواضعة، التي استخدمها الأطباء حتى الأربعينيات من القرن الماضي، حين ظهرت المضادات الحيوية أن تحقق فوائد عظيمة في الحرب ضد الجراثيم الخارقة المقاومة للمضادات الحيوية، والمنتشرة في المستشفيات. وقال الباحثون إن أكثر من خمسة آلاف مريض يموتون كل عام بسبب الانتانات المكتسبة من المستشفيات التي يكلف علاجها أكثر من مليار جنيه إسترليني سنويا مشيرين إلى أن مركزين طبيين على الأقل في بريطانيا يستخدمان حاليا ديدان العلق، لمعالجة الميكروبات القوية، المقاومة للدواء، التي تعرف باسم MRSA، الخطرة على حياة الأطفال والمسنين بشكل خاص وعلى الأشخاص المصابين بضعف المناعة لأنها مقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية الموجودة فتسبب إصابتهم بالتهابات الرئة والسحايا ومشكلات في القلب والدم. ووصفت الدراسة الجديدة، التي نشرتها مجلة الأمراض المعدية السريرية آلية عمل يرقات الديدان، في معالجة الجروح العنيدة، غير القابلة للالتئام، بسبب الانتانات، أو غيرها من المشكلات، الناجمة عن الحوادث الخطيرة، أو الأمراض المزمنة، مثل السكري، التي تجبر الأطباء على بتر الأطراف أو جزء منها. وقام الخبراء بتطوير ما يسمى بكيس العلق، يشبه كيس الشاي مما يجعلها أسهل استخداما على المرضى بحيث توضع فوق الجرح فتقوم اليرقات بغزوه، وتحطيم البكتيريا فيه، دون أن تؤذي النسيج السليم. وأظهر البحث الجديد أن العلاج باليرقات يعتبر من أفضل الطرق لمعالجة الجروح الانتانية المتسببة عن البكتيريا الخارقة المقاومة للأدوية والمضادات الحيوية. وأوضح العلماء أن ديدان العلق تفرز مواد كيميائية طبيعية، تمنع تكرار إصابة الجلد المجروح بالانتانات ويشجع زحفها على الجرح نمو نسيج جديد فيه. ولاحظ الباحثون في هولندا بعد استخدام ديدان العلق على أحد عشر مريضا مصابين بجروح عنيدة، غير قابلة للالتئام، وخطرة تهدد حياتهم، أن تسعة منهم تعافوا تماما بينما مات الاثنان الباقيان لأسباب أخرى غير الجروح. وسجل العلماء في جامعة ليدين الهولندية حالة واحدة استخدموا فيها العلق لمنع بتر الأطراف، عند رجل يبلغ من العمر 54 عاما مصاب بجرح انتاني خطير في ساقه، لم تنجح الأدوية في علاجه.