في ساو-تومي وبرنسيب يحرم الأطفال من أكل الشوكولاته، السلعة الغذائية غير المتوفرة إجمالا في هذا الارخبيل بخليج غينيا رغم انه كان المنتج الأول للكاكاو في بداية القرن العشرين. ففي العشرينات كان الارخبيل ينتج ما بين 25 و30 ألف طن من الكاكاو سنويا مقابل 3300 في 2002. وهو رقم لا يمكنه منافسة المنتج الأول العالمي، ساحل العاج، لكنه يمثل بالنسبة لهذا البلد الصغير الذي يقدر عدد سكانه ب140 ألف نسمة، حوالي 90 في المائة من صادراته. وينتج بعض الحرفيون المحليون القلائل الشوكولا في الجزيرة لكنها لا تباع سوى في مزارعهم بينما يبيع محلا "السوبرماركت" في العاصمة ساو-تومي ألواح الشوكولاته المستوردة. ويبلغ ثمن لوح الشوكولاته 5 يورو، ما يجعله سلعة كمالية بامتياز نظرا إلى أن الحد الأدنى للأجور لا يتعدى 15 يورو في الشهر. والوسيلة الوحيدة المتوفرة للأطفال لتذوق طعم السكاكر هي مضغ عيدان قصب السكر أو قضم حبات فول الكاكاو المجففة، ما يترك اثر مذاق خفيف للشوكولا على اللسان. وفي هذا الصدد يقول الفتى جوزيه فرحا لم أتناول الشوكولاته مطلقا لكني اعرف مذاقها . ويعيش عمال ال"روسا"، أو المزارع التي تمتد على مئات الهكتارات وهي من مخلفات الاستعمار البرتغالي، في ظروف حياتية صعبة في الغالب. فإلى جانب شجرات الكاكاو التي يبلغ ارتفاعها مترين أو ثلاثة أمتار والتي تنمو في ظل أشجار أخرى، تقوم النساء بكسر وإفراغ ثمرات الكاكاو، الشبيهة بحبات الكمثرى الكبيرة، والتي تحتوي على حبات فول الكاكاو اللزجة بينما يلهو أطفالهن على مقربة منهن. وفي "روسا" سانتو امورا التي تبعد ثمانية كيلومترات عن ساو-تومي، ينقل الرجال حبات فول الكاكاو البيضاء إلى أحواض خشبية كبيرة لتجفيفها تحت أوراق شجر الموز. وبعد نحو اثني عشر يوما تقوم النساء بفرزها وتصنيفها تبعا لنوعيتها. وعندما تجف تماما تصبح حبات فول الكاكاو كستنائية اللون فتخزن في أكياس الخيش قبل نقلها إلى ميناء ساو-تومي. وخارج هذه المزارع يشكل الكاكاو مورد عيش أيضا لآلاف المزارعين الصغار وعائلاتهم في هذا الأرخبيل الناطق بالبرتغالية. فهؤلاء المزارعون حصلوا على قطعة ارض بمساحة هكتار أو هكتارين في إطار عملية إعادة توزيع الأراضي في مطلع التسعينات. وقال جان بيار كيزيمبو الذي يشتري منهم حبات فول الكاكاو في هذا الخصوص إن هذا التقسيم للأراضي إيجابي من الناحية الإنسانية. لقد تولد لدى الناس الانطباع بأنهم يملكون شيئا ما، وحقوق الاستغلال هي في العموم لعشرين سنة . وأضاف بأسف لكنها سلبية من الناحية الاقتصادية لأنهم لا يستطيعون الاستثمار على مساحة صغيرة كهذه. انهم عمال سابقون وليسوا مزارعين. فهم ليسوا مدربين والنوعية تشهد على ذلك . ومن ناحية الكمية فالأمر مماثل إذ أن الإنتاج في انخفاض مستمر وقد يتوقف بعد عشر سنوات رغم الجهود لتطوير مزرعة للكاكاو البيولوجي، بحسب بعض أهل الخبرة. ويعتبر كارلوس فارغا، المكلف شؤون شركة بيلا فيستا الزراعية الغذائية المنتجة للكاكاو، أن الكاكاو ليس أداة تطور بل أداة استقرار اجتماعي. فهذا يشغل الناس في الأرياف ويمنع النزوح منها ". ومع اقتراب ظهور أولى عوائد النفط ونمو السياحة لم تعد صادرات الكاكاو وجوز الهند وزيت النخيل والبن تشكل أولوية. لكن رغم كل ذلك فان النساء ما زلن يذهبن إى المزارع وهن يحملن أطفالهن على ظهورهن لينهين السافرا الصغيرة، أي موسم الحصاد بالبرتغالية، قبل أن يبدأن موسم الحصاد الكبير للكاكاو في أيلول سبتمبر المقبل.