تساهم القراءة والمطالعة بالجزء الأكبر في تشكيل الشخصية للمرء: الفكرية والثقافية , والدينية , وحتى في الشكل الخارجي والهندام. وان من أهم الاسباب التي أوصلت البعض ( لهذه المرحلة من التشدد والتطرف وعدم الفهم والوعي لامور الدين ولافكار الآخرين , وعدم التعامل مع التطورات التي تحدث بالشكل الصحيح) هو عدم القراءة الصحيحة للدين والفكر والثقافة بالاسلوب الصحيح. فالقراءة مصدر للعلم والتعلم ووسيلة للتزود من المعرفة والثقافة والاطلاع على حصيلة ما انجبته عقول الآخرين , وما رسمته انامل المثقفين. وللقراءة أهمية بالغة في رفع المستوى العلمي والثقافي للفرد والمجتمع , وفي بناء أمة ذات حضارة راقية , ولأهمية ذلك نجد ان أول آية نزلت من العلي القدير على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (إقرأ باسم ربك الذي خلق..) وذلك لما للقراءة من فوائد كبيرة على الفرد والمجتمع. فالقراءة هي غذاء للعقل والفكر والثقافة وللالتزام الديني ( فالتدين بدون قراءة واطلاع ومعرفة ووعي هو قشور). وان غذاء العقل والفكر اهم من غذاء الجسم , ولأنها كذلك ينبغي الاهتمام بهذا الغذاء المهم والبحث عن الغذاء الصحي المفيد والمنوع وذلك من أجل سلامة العقل والذهن والفكر, فالفكر والمعرفة والثقافة الصحيحة تنمو وتزدهر بالقراءة في جميع كتب المعارف والعلوم التي هي ملك للبشرية والانسانية ولا تخص فئة معينة او عرق محدد. وعندما يعتمد القارئ على المعلومة الخاطئة كما نقلها ذلك الناقل تضيع الحقيقة والنتيجة فكر خاطئ وربما متشدد ومتطرف .. ومن هنا تحدث المصيبة الكبرى. على من يبحث عن حقيقة المعلومة الصحيحة والحكم الواقعي , ويريد ان يتعرف على فكر الآخرين عليه أن يبحث عنها ومن مصادرها ومن أهلها فلا ينبغي الاكتفاء بقراة الفكرة الجاهزة والتبسيط المنقول عنها لسهولتها , ولا من خلال ما يكتب او ينقل عنها ممن له موقف مع أو ضد .. فان ذلك سينتج فكرا ومعرفة وثقافة بسيطة سطحية ومشوشة وخاطئة وبعيدة عن الحقيقة. والكثير من الشبهات والاحكام البعيدة عن الحقيقة والفكر المشوش سببه عدم اطلاع القارئ بنفسه على المعلومة الحقيقية من مصادرها. واننا نأمل من المثقفين واصحاب المكتبات والقائمين على معارض الكتاب توفير جميع الكتب من أجل بناء فكر سليم وعقول ناضجة مبنية على معلومات حقيقية وصحيحة وهذا ما نحتاج اليه. وعلى القارئ ان يقرأ الكتاب بعيدا عن المواقف الشخصية من ذلك الكاتب يحبه او يكرهه يؤيده او يعارضه او من الفكرة , وإنما لأجل الفائدة والفهم والاستيعاب لا لمجرد القراءة فقط , فان من أهم الاسباب التي أوصلتنا الى هذا الوضع المؤلم الذي نعيش فيه هو عدم الفهم الصحيح للآخرين وللمعلومة لأننا لا نقرأ , وإذا قرأنا لا نقرأ بشكل صحيح (بالتأمل والتفكر والاستيعاب واتخاذ العبرة والفائدة من الفكرة) لنخطط ونعمل على أسس سليمة بمعرفة ودراية سابقين لما حدث ولما سيحدث لنصل الى مواقف أكثر حكمة وواقعية. وعلى القارئ كذلك أن يحدد وقتا للقراءة والمطالعة كما يحدد وقتا للأكل والشرب والنوم ويحدد مبلغا معينا شهريا لشراء الكتب , ووقتا للتردد على المكتبات التي هي بنوك للثقافة والمعرفة , واستغلال الأوقات الممكنة بالقراءة عند الفراغ وفي السفر والرحلات. ومن يريد العلم والمعرفة والثقافة وخدمة المجتمع عليه أن يحرص على القراءة الدائمة لجميع المدارس الفكرية واقتناء كل ما هو جديد وما هو قديم من الكتب والمصادر التي هي أمهات الكتب وكذلك الكراسات والصحف والمجلات والاطلاع على الانترنت. علي آل غراش