سقط صدام حسين.. سقطت تماثيله، وتهاوت أسطورة ظلت ترعب العراقيين لأكثر من 30 عاما, سقط النظام.. وهرب الأعوان وتواروا كأن الأرض ابتعلت أشخاصا وأبت أن تخفي سوءاتهم.. رغم السقوط المرير، إلا أن بريدا عابراً عبر الإيميل كشف أن هناك من هم على استعداد للمتاجرة ليس بجماجم الموتى فقط ، إنما ل النصب على عقول أحياء تحت دعاوى تستغل الظرف وتحاول استغلال بعض السذاجة التي وقع ضحيتها كثيرون من الطامعين أو غير القانعين. البداية.. كانت رسالة عادية بالبريد الإليكتروني باللغة الإنجليزية يوم 7 يونيو الجاري.. مرسلها زعم أنه ابن للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، قدم نفسه على أن اسمه حسن ، ورغم أننا لا نعرف أبناء ذكورا لصدام غير عدي وقصي عدا بناته الأربع إلا أننا جارينا الرسالة بزعم أن كل شيء جائز . المدعو حسن صدام حسين قال في رسالته التي ترجمناها للعربية: اتصلت بك، خلال بحثي عن شخص يمكنه مساعدتي الفورية ، ثم قررت المضي قدما في أن أعرض عليك عرضا تجاريا آمل أن يكون مفيدا لكلينا وبعد هذه المقدمة يضيف إذا دعني أقدم لك نفسي.. اسمي حسن حسين، الابن البكر للرئيس العراقي صدام حسين الذي أؤكد أنه قتل خلال عملية قصف لقوات التحالف التي تقودها الولاياتالمتحدة، وأؤكد لك بصراحة أن عملية قتله هذه سر ائتمنتك عليه، وأخبرك به لأنني أريد مساعدتك العاجلة في أسرع وقت ممكن لأن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن كلمات معسولة أثارت شهيتي للمزيد بعد هذه الثقة التي لم أكن أتوقعها على الإطلاق، ولم تكن في حسباني، ليدخل بعدها حسن صدام حسين في الموضوع مباشرة باحتراف يحسد عليه .. فيقول باختصار، معي ما يقرب من 50 مليون دولار أمريكي كجزء من أموال استولى عليها الوالد الراحل وضعتها في شركة مأمونة منذ سنوات، والآن آمل في تحريكها وأبحث عن شريك ثري وأمين مهما يكون.. يساعدني في نقل هذه الأموال خارج أمستردام بهولندا .. وهذا مأريده منك، أن تنقل هذه الأموال إلى بلدك ثم نستثمرها في مشروع ناجح تحصل بموجبه على 30 في المائة من إجمالي المبلغ كعمولة على صنيعك إغراء جيد، أدار رأسي.. حسبتها دون أن أتذكر أحلام بائع البيض .. لخبطت أوراقي وأنا أحسب الربح الوفير، من الخمسين مليونا سأملك ما يقارب 15 مليون دولار أمريكي أي 55 مليون ريال أو 75 مليون جنيها مصريا أو نصف مليار تريليون ليرة تركية.. المهم، لم أفكر كثيرا.. لأن قائمة سيل اللعاب قد تجاوزت الحدود، خاصة وأن حسن صدام حسين سرد الكثير من الإغراءات مع دعوة للتواصل لمناقشة العرض، دون أن ينسى أن يختم رسالته بالتأكيد على أنه وأمه زوجة صدام حسين خارج العراق الآن في مكان آمن لا يعلمه أحد. عرض لا بأس به.. لمديونير مثلي يبحث عن راتب آخر الشهر ليسدد منه إيجار البيت، وفواتير الهاتف والجوال والمياه والكهرباء ومصاريف الأولاد والسيارة وغيرها من قوائم العصر الحديث الذي نكشخ فيه بجيوب خاوية! على الفور دون تردد.. أرسلت رسالة عاجلة ترجو مزيدا من التواصل للتعرف على بعض الحقائق ليطمئن قلبي على الأقل، إذ كيف يمكن ل ثري وبليونير مثلي أن يغامر بمستقبله وثرواته التي ورثها عن جده السابع عشر ويغامر بالمشاركة مع بعض المنتمين للنظام العراقي السابق، فكتبت له معبرا عن تعاطفي مع مأساته الإنسانية ، ليرد علي في اليوم التالي مباشرة بالإنجليزية أيضا برسالة أكثر حميمية ومدعمة بالصور يعبر فيها عن شكره لاستجابتي السريعة طالبا مني أن أعده بأن أجعل كل ما يدور بيننا سرا لا أبوح به لأحد كي لا أعرضه لمساءلة السلطات أو أمام أفراد أسرته وفي محاولة منه لتأكيد مصداقيته معي .. يضيف على أية حال سأرسل لك صورة فوتوغرافية لوالده صدام حسين مع الأسرة، ثم صورة أخرى له مع عروسه خلال حفل زواجه ويطلب أن أكون أمينا معه ومع عائلته لأنهم على حد قوله يريدون مساعدتي ، خاصة وأنني لن أجازف بشيء ولن أخسر. وفي نهاية الرسالة.. يرجو حسين أن أتابع معه للاتفاق على إنهاء إجراءات نقل مبلغ الخمسين مليونا وكيفية متابعة ذلك أنتظر استجابتك السريعة داعيا الله أن يحفظني وعائلتي .. آمين ! انتهت الرسالة .. وما زال السيد حسين ينتظر الرد، حيث أن شهيتي الصحفية توقفت عند هذا الحد، لأن الأمر تطور وأصبح استغفالا علنيا خفت أن أكمل الحلم بالملايين إياها وفي النهاية أكرر حكاية بائع البيض.. التي تتكرر كثيرا باسم الحلم في الثروة والغني والنصب على المغفلين والسذج بدعاوى كثيرة .. استخراج كنز من المنزل. تحويل النحاس على ذهب. المشاركة في مشاريع استثمارية. الفوز بيانصيب وهمي. القدرة على تحويل الدراخمة اليونانية إلى يورو. استثمار الكيمياء في تبخير العقول وتطيير ما في الجيوب. وغيرها من المشاريع الوهمية التي تجد صدى في نفوس الحالمين بغير تعب والواهمين بلا سبب، ثم يكون العجب فعذرا أيها السيد حسن صدام حسين.. فقد أسأت الاختيار.. ولن أستطيع الاستمرار في اللعبة مهما تكن الإغراءات والوعود فالحكاية ليست إلا محاولة نصب على مديونير أزلي هاتفه سيفصل قريبا لأنه يبحث عمن يسدد له الفاتورة.. ياعزيزي .. المقرود مقرود، حتى لو كنت أنت صحيحا ابنا لصدام. صورة عائلية، أرسلها الابن المزعوم مع عروسه ليلة زفافه