في كثير من القطاعات الاقتصادية ذات الصلة اللصيقة بالمستهلكين، تتجلى أشكال الجشع في أبشع صورها, وهي صفة تلازم مؤسسات القطاع الخاص بطبيعة الحال، فيما يقابل هذا الجشع إهمال من نوع مؤذٍ من قبل مؤسسات القطاع العام المعنية بحماية حقوق المستضعفين في الأرض من خلق الله في البحرين، بحسب متابعتي لكثير من القطاعات. هذا الجشع غير المبرر في كثير من الأحيان، لا يقتصر ضرره على المستهلكين فحسب، بل يتعداه إلى مجمل الاقتصاد الوطني، فيما المستفيد من هذا الترهل الاقتصادي فئة من الجشعين الذين يعيدون استثمار حصيلة هذا الجشع الهائلة في مشاريع تزيد الاقتصاد ترهلا والمستهلك فقرا، فهم أي المعنيين بالجشع، كالعولمة تماما يعتقدون بنفس معتقداتها التي تكرس فلسفة إثراء الغني وإفقار الفقير، وهو ما يستدعي أن يكون للجهات ذات الصلة بحماية المستهلكين، الصيت والصوت والسوط، في ردع هؤلاء، من خلال تفعيل قانون الجزاءات المنصوصة لمخالفات من هذا النوع، وإيجادها إن كانت غائبة ما دامت الضرورة قد فرضت إيجادها. مناسبة هذه المقدمة التي قد لا تعجب كثيرا، (ناس الحماية) المعنيين في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة، وكذلك مناطق النفوذ في القطاع الخاص المعني، هو أنني تيقنت أن ثمة خللاً كبيراً جدا في ميزان ضبط الأسعار في قطاع العقار في البحرين، من خلال متابعتي مؤشر أسعار العقار من أراض ومبان وإيجار. فيما سجلت معدلات النمو السكاني زيادة نسبتها 2.5% فقط خلال عشرة أعوام، من 508037 نسمة نهاية عام 1991، إلى 650604 أفراد بنهاية عام 2001، مما يعني أن متوسط الزيادة السنوية في حدود ربع نقطة مئوية أي أن الزيادة بلغت خلال العقد محل الرصد 142567 نسمة فقط، ارتفعت بينهم نسبة البطالة من 3 إلى 5%، وهي على الرغم من كونها نسبا لا تعتبر مرتفعة من وجهة النظر الاقتصادية، إلا أنها كانت عامل إعاقة لاستقرار مخرجات المعاهد والجامعات البحرينية بحسب استشهاد الدكتور هاشم الباش في إحدى دراساته عن إنجازات الاقتصاد البحريني. هذا الاستشهاد في حد ذاته، يعكس تدني حجم الطلب على العقار إلى ما دون النسب التي كان ممكنا أن تكون لو لم تكن هنالك بطالة، أو لو لم تشكل نسبة البطالة عائقا أما استقرار فئة من الشباب هي الأكثر طلبا على العقار السكني والإيجار، إلى جانب عائق آخر يحد من حجم الطلب على السكن والإيجار الذي لا يتم عادة إلا في حالات استقلال الشباب عن أسرهم بسبب التزاوج، وهو أمر على الرغم من أنني لا أملك حاليا أرقاما مدققة، إلا أن تدني مستوى الأجور لابد ساهم مساهمة كبيرة في حجم الزيجات التي تمت خلال السنوات العشر الماضية، إلى جانب النسبة الكبيرة للطلاق في البحرين التي رصدتها الصحافة مؤخرا عند مستوى 33% من إجمالي عدد الزيجات الأمر الذي يقلّص من جانب آخر، معدلات الطلب على العقار.