يواجه حوالي 38 مليون نسمة من الافريقيين خطر المجاعة هذه السنة بسبب ازمة المواد الغذائية التي يتكهن مسؤولو الاغاثة بانه قد يستمر عدة اجيال بسبب الايدز. ويقول عمال الاغاثة ان الدمار الناجم عن الايدز المصحوب بآثار الحرب والفقر وسوء الادارة والفساد وتقلبات الطقس قد شل مقدرة المجتمعات في البلدان الافريقية الواقعة جنوبي الصحراء على التعافي من المجاعة. وتقول براندا بارتون الناطقة باسم البرنامج العالمي للغذاء في نيروبي، وكينيا، ان الرسالة المجردة هي ان هذه الازمة لن تنتهي بل ستكون لدينا ازمة ابدية. اننا نشهد اعادة تحديد للمجاعة، والازمات الانسانية كما نعرفها. في اروقة الاممالمتحدة يعرف هذا بالتحديد الجديد باسم (مجاعة من نوع جديد) ويعني ذلك انه بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المساعدة والمتبرعون فان الخسارة السكانية التي يسببها تفشي الايدز بدأت تدمر الانظمة الزراعية والاقتصادية والصحية. ان ما يناهز التسعة والعشرين مليونا من البشر في البلدان الافريقية الواقعة جنوبي الصحراء يحملون عدوى فيروس المناعة البشرية HIV اي حوالي 70 في المائة من مجموع المصابين في العالم. وبشكل عام 9 في المائة من الاشخاص البالغين في المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 633 مليون نسمة يحملون العدوى، غير ان النسبة تصل الى 40 في المائة في بعض الاماكن. ولقد هبط متوسط مدى العمر في بعض هذه البلدان الى الثلاثينيات بسبب المرض الذي اصبح مستوطنا واخذ يتفشى اكثر. وتقول الاممالمتحدة ان مرض الايدز قتل اكثر من ثمانية ملايين من الفلاحين وعمال المزارع في افريقيا خلال اقل من عشرين سنة. ولقد قضى المرض على المعيل الاساسي في ملايين العائلات ودمر قرى ريفية فقيرة ويتم 2ر4 مليون طفل. وتقول بارتون: هذا المرض بدأ يغرز وتدا جديدا في قلوب الفقراء. وكيف تستطيع ان تشفى اذا لم يبق احد على قيد الحياة ليزرع المحاصيل الغذائية؟. وتضيف بارتون: ما نشهده هو اذلال المجتمع. اننا لم نر ذروة احصاءات ال HIV ولم نشهد بعد اقصى اضراره. في الحقول الخصبة المحيطة بتشيمبومبو الواقعة على بعد 90 كيلو مترا شمالي لوساكا، عاصمة زامبيا، تقوم الرابطة التعاونية للولايات المتحدة وهي مجموعة تعمل برعاية الحكومة الامريكية بتعليم المزارعين الصغار الذين يعملون من اجل تأمين قوتهم فقط، اساليب التعامل مع الجفاف وزيادة مردود محاصيلهم. وراء كوخ متداع، يعمل صبي بمعول ذي قبضة طويلة في حفر التربة، فيما والدته فريدة سيتشالوي، تتجول بين نباتات الذرة الطويلة النضرة. وتقول فريدة ان الاساليب الجديدة زادت مردود حقلها الصغير خمسة اضعاف، وانه بعد حصاد المحصول لن تحتاج الى مساعدات غذائية لعائلتها المؤلفة من ستة افراد، بل سيكون لديها بعض الفائض من الذرة لتبيعه. ويقول كينستون منكونزي، من فريق الرابطة التعاونية ان المزارعين الخمسمائة الذين يعمل معظمهم في منطقة تشيمبومبو حققوا مكاسب مماثلة، وان المزارعين الثلاثين الآخرين ضافوا محاصيلهم على الاقل. في جميع انحاء افريقيا تعمل المنظمات الانسانية بلا كلل لاستعمال المساعدات الغذائية لدفع ثمن التحسينات الزراعية ودعم العائلات التي تعمل في الزراعة في الوقت الذي تتعلم فيه الاساليب الزراعية الجديدة. كما تحاول المنظمات ادخال محاصيل جديدة مقاومة للجفاف في بعض المناطق، والحد من الحوافز التجارية وتحسين احوال السوق. ويقول رفي نانكولاس، منسق الامن الغذائي الجنوب افريقي في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر، انه رغم النجاح المحدود فان جهود الاغاثة هي (اشبه بالبصق في الريح). ويضيف نانكولاس: لن تتمكن اي منظمة وحدها من احداث أي أثر على مثل هذه الازمة الهائلة. لقد اخذ زمام الامور يفلت من الايدي فعلا. وتوافق براندا كابر، مديرة البرنامج في مجموعة CARE للاغاثة في زامبيا، على هذا القول، قائلة: اننا بحاجة الى استراتيجية موحدة وليس لدينا مثل هذه الاستراتيجية. ولقد كانت استجابة البلدان المانحة في اطار الازمنة الغذائية الحالية كافية حتى الآن، الا ان العاملين في مجال المساعدات يخشون ان تؤثر الحرب في العراق والاحتياجات الانسانية في اماكن اخرى على كمية المساعدات الواردة الى افريقيا. وتقول بارتون: لقد تمكنا من الحؤول دون حدوث كارثة، الا ان الازمة لاتزال بعيدة عن الحل. في هذه الازمة تجد منظمات الاغاثة نفسها مضطرة الى اطعام اعداد متزايدة من الناس في المراكز الحضرية الكبرى حيث لا يملكون، ببساطة، مما يستطيعون ان يشتروا به الطعام. وتقول الاممالمتحدة ان 300 مليون شخص في افريقيا أي 51 في المائة من مجموع سكان البلدان الواقعة جنوبي الصحراء يعيشون بأقل من نصف دولار في اليوم. ويتوقع البنك الدولي ان يرتفع عدد هؤلاء الى 345 شخصا مع حلول 2015. ان افريقيا هي افقر القارات والقارة الوحيدة التي حدث فيها تراجع منذ العام 1960. وقد ساهمت الادارة السيئة والفساد المتفشي في السقوط وفي ازمة الجوع المتواصلة. وفي زيمبابوي، على سبيل المثال، يقول عمال الاغاثة ان الحكومة دمرت قطاع الزراعة بمصادرتها المزارع التجارية ببرنامج سريع وعنيف لاصلاح الاراضي. والاراضي الخصبة هي الآن بور والبلد الذي كان اهراء للمنطقة فيه اليوم سبعة ملايين نسمة يواجهون خطر الجوع. ويقول عمال اغاثة ودبلوماسيون غربيون ان ثمة 200 الف طن متري من المساعدات الغذائية الحكومية لزيمبابوي ضائعة. وهذه الكمية مساوية تقريبا للكمية التي سلمها برنامج الغذاء العالمي لاطعام اربعة ملايين شخص في شهر شباط الماضي. ويرجح ان تكون الاغذية الضائعة قد حولت الى السوق السوداء، حيث يقول عمال الاغاثة ان كيس دقيق الذرة الذي يعتبر من المواد الغذائية الاساسية، يباع بعشرة اضعاف السعر الرسمي. ويقول عمال الاغاثة والدبلوماسيون ايضا ان حوالي ثلث كميات الاسمدة التي انتجتها الحكومة بيع بصورة غير مشروعة الى بلدان مجاورة. وفي مالاوي باعت الحكومة مخزونها الاحتياطي من المواد الغذائية في العام 2001، في الوقت الذي قالت فيه الاممالمتحدة ان نقص المواد الغذائية بات واضحا. ويقول صندوق النقد الدولي ان الفساد الرسمي كلف انغولا اكثر من قيمة المساعدات الدولية التي طلبتها. الا ان العنصر الواحد الاكبر في استدامة الجوع هو وباء الايدز المستشري حسب ريتشارد راغان مدير فرع برنامج الغذاء العالمي في زامبيا الذي يشير الى ان الفساد يطال كل شيء تفعله في هذا الجزء من العالم. وقال راغان ان الايدز يسبب تدني الانتاج وزيادة الفقر ويعيق قدرة الدوائر والوكالات على التعامل مع الازمات وكمثل على ذلك اشار راغان الى ان برنامج الغذاء العالمي قام بتدريب 40 مهندسا على طرق افريقية لاصلاح الطرق والمساعدة في وضع حد توزيع المساعدات الغذائية، واربعة من هؤلاء فقط لايزالون احياء. لكي تتمكن من التغلب على الجوع ينبغي ان تشن الاممالمتحدة والحكومات الافريقية حملة منسقة شاملة ضد الايدز، واذا تقاعست عن شن الحملة فان الجوع سيقضي على القارة بأكملها.