في ظل طوفان المعلومات والتغير المتلاحق وتقادم المعرفة بمعدلات سريعة والذي نتج عن الثورة التي نعيشها الآن اصبح من الضروري اعادة النظر في اسلوب التعليم والتدريب على حد سواء. وقد ادى التطور المذهل لتكنولوجيا المعلومات واستخدام شبكة المعلومات العالمية (World Wide Web) عبر الانترنت الى ظهور ما نسيمه بالتعلم المرن. والمرونة هي القدرة على تعديل وتوفيق الاوضاع وفقا للظروف. وعلى ذلك يمكن القول ان المتعلم المرن هو اسلوب يجعل المتعلم اكثر تحكما في العملية التعليمية بحيث يستطيع تحديد الاوقات المناسبة له والموضوعات التي تستهويه, بالاضافة الى التحكم في سرعة التعلم وفقا لقدراته ووقته وامكاناته. ويندرج تحت هذا المسمى الكثير من المسميات الجديدة منها على سبيل المثال: التعلم المفتوح (Open Learning) والتعلم عن بعد (Distance learnicng) والتعلم الالكتروني (lerninge). ومن اهم مميزات هذا الاسبوع انه يساعد على تحقيق التعلم المستمر الذي اصبح من اهم متطلبات العصر الحديث: عصر المعرفة والمنظمات دائمة التعلم في اي سن وتحت اية ظروف. فقد اصبحت المنافسة العالمية كما يقول ايمان محمد الغراب رئيس قسم الموارد البشرية بمعهد تدريب الموانئ بجمهورية مصر العربية من الشراسة بحيث لايمكننا الا ان نتحول الى آلات تعلم لكي لا نجد انفسنا على هامش المعركة او ان نختفي تماما من على الساحة ولكي نكون على دراية ووعي بكل التغيرات المتلاحقة حتى يمكننا شحذ الهمم وطرق السبل الجديدة والسبق الى آفاق الابتكار اللانهائية.الى جانب ذلك فان للتعليم المرن العديد من المزايا وفقا للغراب خاصة في مجال التدريب من حيث توفير الوقت والتكلفة للشركات وتشجيع العاملين على تطوير وتنمية مهاراتهم ومعارفهم على اختلاف القدرات والشخصيات. وفي ورقته البحثية والتي قدمها في المؤتمر العربي الثاني للاستشارات والتدريب بالشارقة بعنوان (التعلم الالكتروني مدخل الى التدريب غير التقليدي) قال ايمان الغراب ان المعرفة في ابسط تعريف لها هي معلومات ذات قيمة وهي نوعان: معرفة صريحة ومعرفة ضمنية اما الصريحة فهي موجودة في المستندات وقواعد البيانات والرسومات والكتابات وهي ارقام وبيانات ومعلومات يسهل تناقلها وهي متاحة للجميع. واما الضمنية فهي غير ملموسة وهي عبارة عن تراكم الخبرات وسر المهنة (Know - how) الذي يكتسبه الفرد عبر سنوات عمله وهي غير منطوقة ولا مكتوبة لا تنتقل الا بالمعايشة والملاحظة والمعايشة اليومية لتذويب الخبرات. وتهدف ادارة المعرفة الى تحقيق الاستغلال الامثل للمعرفة بنوعيها المتوفرة داخل المنظمة متمثلة في الافراد والمنظمات والمستندات المتراكمة عبر تاريخ المنظمة. ويشير الى ان من اهم مهام ادارة المعرفة خلق وتنمية عمالة المعرفة والاحتفاظ بالمعرفة داخل المنظمة, مضيفا بان هناك فوائد جمة وعديدة ستعود على المنظمة التي تعتمد التعلم الالكتروني، منها: تقليل مصروفات السفر والانتقال بالنسبة للمتدربين, وتقليل اوقات الغياب عن العمل, وتنمية مهارات استخدام التكنولوجيا الحديثة, خلف بيئة وثقافة مناسبة لتنمية عمالة المعرفة, تحقيق ذاتية التدريب وتعلم المهارات المطلوبة, تدريب عدد اكبر من العاملين, سرعة نشر الاخبار والتعليمات والثقافة الجديدة وطرح المشاكل على الشبكة. وللتعلم الالكتروني الفعال يؤكد الغراب بانه يجب ان لا ننسى المقولة الشهيرة بان الانسان كائن اجتماعي, لذا فالتحول الى التعامل من وراء اجهزة الكترونية وشاشات مهما كانت ملونة ومعبرة فان الانسان لابد وانه سوف يفتقد الجانب الاجتماعي, وعلينا ان نضع نصب اعيننا دائما العوامل النفسية التي تنتج عن دخول المتدربين في عالم جديد وبيئة مختلفة قد لا تتناسب وطبيعتهم البشرية. ومن اجل تحقيق فاعلية التعلم الالكتروني لابد ان تتضافر جهود المنظمين والمدربين على السواء من اجل مراعاة العوامل النفسية والاجتماعية التي قد تعوق المسيرة نحو هذا العالم الجديد. لذلك كان من الضروري التأكيد على العوامل التالية: التغلب على المقاومة, التآلف مع التكنولوجيا, التواصل مع الآخرين, الاعتماد على الذات, معرفة مواطن القوة وتحديد الاحتياجات, التأكد من وضوح المضمون, والمشاركة في اعداد المادة العلمية. وحول صعوبات التحول الى التدريب عبر الشبكات يقول ايمان الغراب: بالرغم من محاولات العديد من الشركات والمؤسسات التحول من التدريب التقليدي الى التدريب عبر الشبكات الا ان تلك المحاولات يعترضها العديد من الصعوبات. ولقد اوردت الجمعية الامريكية للتدريب والتنمية () القائمة التالية لاسباب عدم نجاح المحاولة وهي: 1- اختيار التكنولوجيا قبل تحديد الاحتياجات التدريبية. 2- عدم تحديد الاحتياجات التدريبية بدقة. 3- عدم الدراية الكافية من جانب الادارة العليا. 4- عدم تكوين فريق للتعلم عن بعد. 5- عدم اعتبار المتدربين جزءا من هذا الفريق. 6- عدم ادراج ممثل من الادارة المالية في الفريق. 7- عدم تدعيم فكرة التعلم الذاتي والدور الاساسي للمتعلم. 8- عدم الترويج لهذه المنظومة داخليا. 9- ضعف تحليل فاعلية التكاليف. 10- اختيار تكنولوجيا غير مناسبة او معقدة. 11- ان تكون المنظومة غير متاحة بالنسبة للمتدربين المحتملين. 12- المغالاة في حساب تكاليف السفر والانتقال. 13- عدم وجود دعم من الادارة العليا. 14- عدم العناية الكافية بمستخدمي هذه المنظومة. 15- عدم التدريب الكافي للمدربين قبل تنفيذ البرامج. 16- عدم كفاءة الانشطة الادارية المساعدة. 17- المقارنة الدائمة بالتدريب التقليدي. 18- اختيار برامج غير مناسبة للبدء في التعلم عن بعد. 19- عدم وجود تفاعل كاف بين المدربين والمتدربين. 20- عدم وجود متابعة للمتدربين. وفي حديثه عن التدريب عبر الشبكات في الوطن العربي قال: لاشك ان اهم مقومات التحول الى التدريب عبر الشبكات هو توافر البنية الاساسية التكنولوجية من ناحية ومن ناحية اخرى توافر الثقافة والمهارات المطلوبة لتحقيق ذلك. وبالنسبة للوطن العربي هناك بعض المعوقات التكنولوجية والثقافية والاجتماعية التي تحول دون التطور السريع بالشكل الكافي في هذا المجال. اما بالنسبة للمعوقات التكنولوجية فهي عدم وجود بنية اساسية للاتصالات متطورة بالقدر الكافي الا ان اهتمام الحكومات في الوطن العربي بالتحول الى العالم الالكتروني بدأ يتزايد مؤخرا حيث بدأت تظهر الحكومات الالكترونية والتجارة الالكترونية في كثير من البلاد العربية منها الامارات العربية وعمان ومصر والمغرب مما جعل الاهتمام من قبل الحكومات بالبنية الاساسية للاتصالات يتزايد بصورة ملحوظة. واما من الناحية الاقتصادية فقد ادى احتكار الحكومات لشبكات الهاتف الى تأخير الاستثمار في شبكات الاتصالات الى ان بدأ ينتشر مفهوم الخصخصة الى جانب انتشار الشبكات الخاصة للهواتف المحمولة مما ادى الى وجود طفرة في البنية الاساسية للاتصالات. كذلك ارتفاع تكلفة التجهيزات المطلوبة بالنسبة لمستوى دخل الفرد انما هو من اهم المعوقات الاقتصادية, فمثلا لا تتعدى نسبة الذين يمتلكون حاسبات شخصية في الدول العربية 20 في الالف بينما تصل الى 200 في الالف في الدول المتقدمة. ولاشك ان اهم المعوقات واخطرها هي المعوقات الاجتماعية والثقافية حيث ادى حذر بعض الحكومات العربية من شبكة الانترنت بما تحتويه من انتهاكات للعقائد والثقافات العربية الى تأخر انتشارها, الا ان هذا الحذر بدأ يتراجع امام اهمية استغلال هذه الشبكة وتوظيفها للاغراض التعليمية والاقتصادية بما لا يدع مجالا لتجاهل تأثيرها. وقد اظهرت العديد من الاحصائيات ان عدد مستخدمي الانترنت في الوطن العربي بالنسبة للعدد الاجمالي في العالم هو 5ر0% بينما عدد سكانه هو 5% من سكان العالم. وقد قسم دواشي المستشار الاقليمي لمنظمة الاسكوا التابعة للامم المتحدة البلاد العربية فيما يتعلق باستخدام الانترنت الى ثلاث مناطق هي: * دول شرق الوطن العربي وهي مصر والعراق وسوريا ولبنان والاردن والضفة الغربية وغزة واليمن. * دول شمال افريقيا وهي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وجيبوتي والسودان والصومال وجزر القمر. * دول الخليج العربي وهي السعودية والكويت والامارات وقطر البحرين وعمان. التدريب عبر الشبكات وسيلة حديثة التعليم عبر الانترنت يتميز بالمرونة