صدر للباحث المغربي الراحل الحسين بولقطيب في اطار سلسلة (قضايا تاريخية) ضمن (منشورات الزمن) المغربية كتاب (جوانح واوبئة مغرب عهد الموحدين). ويتناول الكتاب تاريخ المناخ في عهد دولة الموحدين من حيث الترتيب وما يتعلق بتقلباته من كوارث طبيعية وجوانح واوبئة من خلال التنقيب في مختلف المصادر سواء اكانت تاريخية ام فقهية ام ادبية ام صوفية. وقد حاول الباحث تحديد مفاهيم الجائحة الطبيعية وغير الطبيعية راصدا مختلف النصوص من فتاوى فقهية وشهادات تاريخية من اجل تبين معالم هذه الجوائح وابعادها التاريخية وتأثيراتها السياسية والحضارية. الكتاب الصادر ضمن ثلاثة مباحث هي: * مفهوم الجائحة والجوائح الطبيعية. * الكوارث غير الطبيعية. * مراجع البحث. وتناول الاصدار البحث في التاريخ المناخي لبلاد المغرب قاصدا من وراء ذلك العثور على ما يساعد على الاجابة عن بعض الاسئلة التي يطرحها الوضع المناخي الصعب الذي تعيشه المحافظات المغربية منذ بداية عقد ثمانينات القرن الماضي, والمتمثلة في توالي سنوات الجفاف. المبحث الاول (مفهوم الجائحة والجوائح الطبيعية) تحدث عن حضور عامل المناخ في التحليل الخلدوني باعتبار ابن خلدون من المؤرخين العرب الاوائل الذين تناولوا المناخ في تحليلاتهم, حيث اعتبر ان المناخ ينعكس بشكل مباشر على الوضع العمراني والبشري, اذ ان الربع الشمالي من الارض اكثر عمرانا من الربع الجنوبي. اكثر من ذلك تبلغ (الحتمية المناخية) مداها عندما تناول المبحث الاول ربط ابن خلدون (النبوءة بالمناخ) ذلك ان الانبياء انما ظهروا في الاقاليم المعتدلة, حيث ان التاريخ لم يذكر خبر بعثة نبوية في المناطق الجنوبية ولا الشمالية مرجعا ذلك الى ان الانبياء والرسل انما يختص بهم اكمل النوع في خلقهم واخلاقهم. بالاضافة الى ذلك تناول المبحث الاول تعريف مصطلح (الجائحة) عند الفقهاء حيث ذكر الكاتب الدكتور الحسين بولقطيب في مؤلفه, ان مجموعة من الفقهاء وضعوا تعريفا مدققا ومضبوطا. وبالعودة الى كتب الفقه فان الفقهاء ميزوا بين الحوائج التي تغطي قطاعي الحرف والتجارة وباقي الكوارث الاخرى المرتبطة بالكوارث والمجاعات, حيث اتضح ان مهنيي هذين القطاعين هم الاكثر تضررا من مخلفات الكوارث الطبيعية بالنظر الى ما يترتب عن الكوارث الطبيعية والمجاعات, لكن ميزوا بين الحالتين فالكساد ليس جائحة, وقلة الربح ليس جائحة, وغلاء السعر ليس جائحة وسوء المبتاع غير جائحة من هنا فالجائحة هي التي تصيب الارض والنسل جراء الكوارث من قحط وجفاف ومجاعات وزلازل وما شابه ذلك.. المبحث الثاني لكتاب (جوائح واوبئة مغرب عهد الموحدين) رصد اكبر عدد من المجاعات التي ضربت المغرب خلال القرنين السادس والسابع بعد الهجرة, ليخلص الى نتيجة مفادها ان الكوارث بمختلف اوجهها توالت على المغرب منذ الهزيمة التاريخية لجيوش المغاربة في عهد الدولة الموحدية امام الاسبان في معركة (العقاب) بالاندلس والتي منها بدأ العد التنازلي للوجود المغربي (العربي) بالاندلس الذي استمر 8 قرون. ربط الكاتب لتوالي الكوارث (الجوائح) بهزيمة معركة العقاب امر يدعو الى المزيد من التمعن والتفكير ذلك ان مؤلفي العصر الوسيط وقعوا ربما في خطأ الخلط بين الجوائح ذات المنشأ الطبيعي والاخرى الناجمة عن الحروب والفتن الاهلية. المبحث الثالث من الكتاب الذي يعتبر الاول من نوعه عربيا والذي يتناول التأريخ المناخي فتناول فيه الكاتب الراحل الكوارث غير الطبيعية آخذا من الحروب نموذجا لبحثه, حيث يؤكد فيه التأثير السلبي للحروب والنزاعات العسكرية على المستوى المعيشي للسكان, وهو ما كان يترجمه المرخون بقولهم ان انتهاء الازمات السياسية يعبد الطريق لعودة الازدهار والرخاء الاجتماعي والاقتصادي. تجدر الاشارة الى ان صاحب الكتاب الذي كان يعمل استاذا بكلية الآداب بالجديدة والعضو في المجموعة المغاربية للدراسات التاريخية قد وافته المنية في 14 اكتوبر 2001, مما يعني ان كتاب (جوائح واوبئة مغرب عهد الموحدين) نزل للاسواق في الذكرى الاولى لوفاة الدكتور الحسين بولقطيب. الكتاب: جوائح واوبئة مغرب عهد الموحدين المؤلف: حسين بولقطيب الناشر: منشورات الزمن المغربية سلسلة قضايا تاريخية