العالم كله ينحشر في زاوية صغيرة في مواجهة اميركا بكامل اسلحتها التدميرية الفتاكة، وهي تهدد بالحرب على العراق، وتقوم بتمثيل مسرحيتها الكوميدية السوداء امام كاميرات التلفاز ! الذرائع المتهافتة التي يسوقها بوش الابن لهذه الحرب التدميرية لا تقنع احدا واذ ترى دول وشعوب كثيرة ان الهدف المعلن وهو نزع اسلحة العراق ذات التدمير الشامل قد تحقق، او هو يمكن ان يتحقق كاملا، بدون الحرب، وبالطرق السلمية، وباعطاء المفتشين الدوليين مهلة كافية يصر بوش على الحرب ويبدو مستعجلا اكثر من اللازم. ولا يقبل باعطاء العراق اكثر من مهلة ايام قليلة لا تصل الى اسبوع فيما لا يحرك ساكنا إزاء الجرائم الفعلية التي يرتكبها شارون ضد الانسانية. وحده توني بلير مقتنع بوجهة النظر التي يحملها بوش ويروج لها رامسفيلد، باول وبضرورة الحرب، واستعجال شنها للتخلص من الرئيس العراقي ونظامه، وتدمير الجيش العراقي، وابادة الشعب العراقي ومن بعد اقامة نظام ديموقراطي، على الانقاض، ولا بأس بعد ذلك من التفكير في اعادة (اعمار) العراق، ببيع النفط العراقي ! وفيما يواصل شارون تدمير فلسطين (الضفة الغربية وغزة) ارضا وشعبا، نساء واطفالا وشيوخا وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ويتباهي بذلك بدعوى مكافحة (الارهاب) وفيما يسقط القتلى والجرحى بالعشرات والمئات كل يوم وتتهادى الدور السكنية على رؤوس اصحابها، وتطير السيارات مزقا بركابها، يستعد جورج بوش الابن الى فعل مماثل في العراق، ويتباهى بأنه صنع قنبلة (أم القنابل) ذات الاطنان التسعة ، وذات القدرة التدميرية الكبيرة حيث يعادل اثرها التدميري اثر قنبلة نووية صغيرة !! ثمة مفارقة عجيبة، وتناقض غريب في هذا الذي نشهده في هذا العالم ! اذ ان الذين يملكون فعلا اسلحة الدمار الشامل الفتاكة والحقيقية يأتون الى العراق لنزع اسلحة يدعون انها ذات تدمير شامل. وهي ان كانت موجودة لدى العراق فلا تشكل سوى (لعب اطفال) قياسا على الاسلحة التدميرية الاميركية بل حتى الاسرائيلية ناهيك بما لدى بريطانيا منها : ومع هذا يريدون منا ان نصدقهم بان (نزهتهم) القادمة هي في مصلحتنا وللدفاع عن الناس، وارساء قواعد جديدة للديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان وتخليص الشعب العراقي من حكم صدام حسين !! اذا كانوا حريصين حقا على ذلك كله، فأين موقفهم من الشعب الفلسطيني ولماذا يتجاهلون جرائم شارون اليومية، ويطلقون يده ليفعل ما يشاء بهذا الشعب الاعزل.. وأين هي وعودهم القديمة بحل القضية الفلسطينية ؟! بل أين (خريطة الطريق) التي رسموها ؟ ولم لا يأتون لحماية الشعب الفلسطيني ؟واذا كانوا جميعا ديموقراطيين حقا، فلماذا يتجاهلون ارادة شعوبهم : الشعب الاميركي والشعب البريطاني، على الاخص اللذين يعارضان الحرب، ويرفضان القبول بمبرراتها. خصوصا ان تشن خارج نطاق ما سموه هم (الشرعية الدولية) ؟! ثم اين الاخيار، واين الاشرار.. في عالم كهذا تحكمه الغطرسة والقوة، ويلوح به بوش ب(ام القنابل) لإخافة العالم، وبث الرعب في قلوب العراقيين المحاصرين الذين يعانون اشد المعاناة من هذا الحصار الجائر ؟! الوطن العمانية