في أول بادرة من نوعها على الصعيد العربي شهدت العاصمة المغربية الرباط يومي 26 و27 من شهر فبراير الماضي احتضان ملتقى "موعد الاستثمار العربي 2003 " الذي استضاف العديد من الفعاليات العربية من أجل تدارس سبل تعزيز العلاقات البينية العربية وفرص الاستثمار العربي وكيفية معالجة العراقيل والمعيقات التي تحول دون استثمار المال العربي في البلدان العربية.. وخلال فعاليات الملتقى التقت "اليوم" بالخبيرة الاقتصادية العربية منى سليم بسيسو مديرة "دائرة العمليات وتنمية الأعمال" ومسؤولة "تحليل مخاطر قطرية وترويج الاستثمار" بالمؤسسة العربية لضمان الاستثمار التي يوجد مقرها بدولة الكويت، حيث تطرقت في حوار شامل معها للعلاقات الاقتصادية العربية البينية ووضع الاستثمارات في البلدان العربية ومستقبلها وتأثيرات أحداث الحادي عشر من سبتمبر عليها. وفيما يلي نص المقابلة : @ موعد الاستثمار 2003 في ظل نذر الحرب التي تخيم على المنطقة، ألم يكن من الضروري تأجيل هذا الموعد حتى يمكن أن تتوضح الرؤية أكثر ، وبناء على نتائجها يمكن عقد هذا المنتدى ؟ * أعتقد أن جوابي سيكون بالنفي ، فالحمد لله أننا تمكنا من عقد هذا المنتدى ، لأننا في حاجة إلى دليل واضح على التضامن العربي وعلى صوتنا كأمة عربية تريد أن تعمل معا. إذا فالطرح الذي يضع مثل هذا المؤتمر التظاهرة الهامة التي انطلقت فكرتها من المغرب وتحت عنوان موعد الاستثمار العربي هو كيفية تفعيل الاستثمارات العربية البينية، ونحن في أمس الحاجة في مثل هذا الوقت إلى ذلك،فحرية قرارنا السياسي تأتي عبر قوة اقتصادنا، وبالتالي فلا شك في أن تأجيل عقد هذا المنتدى كان سيعتبر خاطئا، والانتظار وتوقع ما قد يطول ، فحياتنا لا يجب أن ترتهن وتتوقف بإرادة الآخرين، وفي انتظار ما سيأتي من تطور، فيجب أن نعمل كل يوم ونجتهد، وهذه التظاهرة أثبتت أولا تفاؤلنا، وثانيا اندفاعنا نحو التعاضد الاقتصادي الذي بدوره سيصب في تدعيم التعاضد السياسي. الاهداف @ ما الأهداف المتوخاة من موعد الاستثمار2003 ؟ * الحقيقة ان شل هذه التظاهرات الكبيرة التي تجمع أطرافا عديدة مهمة جدا، لأنها فعلا تشكل منبرا لتبادل الآراء المختلفة بين وجهة نظر المسؤولين السياسيين وفي مواقعهم الرسمية الحكومية من جهة ، ومن وجهة نظر المستثمرين في مواقعهم المختلفة من جهة ثانية ، بل وحتى بالنسبة للقائمين على الترويج للاستثمار، وهم يشكلون الجهات الوسيطة التي تعمل للتعريف بالمشاريع التي يمكن الاستثمار فيها والتي تعمل في التمويل أو في الضمان مثل مؤسسة المؤسسة العربية لضمان الاستثمار التي أنتمي إليها، وبالتالي فمثل هذه المنابر فرصة لتجميع كل هؤلاء تحت سقف واحد لتبادل الآراء حتى يمكن الخروج بشيء أفضل يفيدهم وبالتالي يفيد أقطار أمتنا العربية. التطلعات @ كمهنيين في الاستثمار العربي ما تطلعاتكم في ظل الظروف الراهنة؟ * بالنسبة إلينا في المؤسسة العربية لضمان الاستثمار التي أسست سنة 1975 في عصر كان وجودها مطلبا قوميا مهما، وذلك لتعزيز الاستثمارات العربية البينية، واستمر عملها في هذا الطريق إلى حدود العام 1986 عندما أدخل في مهامها عملية ضمان الصادرات العربية البينية ، فأصبحت تضمن الاستثمارات البينية بين الدول العربية والصادرات العربية،والمؤسسة الآن تعمل على ضمان الصادرات العربية إلى دول خارج الدول العربية. وبالعودة إلى موضوعنا كيف نعزز العلاقات الاقتصادية العربية البينية والتي حسب رأي ترتبط بركيزتين أساسيتين هما الاستثمار والتجارة ، ونحن في هذه المؤسسة التي تعتبر رائدة في مجال العمل القومي العربي المشترك أصبحنا ومنذ العام 1986 معنيين برصد وتكوين قاعدة بيانات عربية ترصد بالتعاون مع الأطراف العربية القطرية إحصاءات وبيانات الاستثمارات العربية البينية الخاصة المرخصة ، وبالتالي فلدينا قاعدة لهذه البيانات وكافة الأرقام التي كانت متداولة عربيا تأتي من المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ونحن بصدد تجديدها وتحديثها والتدقيق في معلومات أصبحت مهمة لصناع القرار والسياسة والمخططين وواضعي الاستراتيجيات، ونحن نرى من موقعنا كيف تتطور هذه الاستثمارات، فالرصيد التراكمي من 1986 إلى 2001 وصل إلى 17.2 مليار دولار بمعدل 1.3 مليار دولار أمريكي سنويا، وهذا يعتبر مبلغا ضئيلا جدا إذا نظرنا إلى حجم الاستثمارات، حيث أننا في حاجة إلى مئات المليارات من الدولارات في قطاعات هامة في وطننا العربي كالبنية التحتية وقطاع الاتصالات وقطاع المعلوماتية وتكنولوجيا المعلومات مثل قطاعات توليد الكهرباء وقطاعات توليد الكهرباء ، وقطاعات الصناعات الزراعية وتأمين الأمن الغذائي العربي. الاموال اللازمة @ بمناسبة تحدثك عن الأموال اللازمة لهذه الاستثمارات إذ ما قورنت بالأموال والاستثمارات المتداولة حاليا، ألا يمكن أن نقول ان أحداث 11 من سبتمبر التي ولدت ملاحقة أمنية للأموال العربية وتجميدها في بعض الأحيان، ألا يمكن أن يؤدي ذلك إلى التحاق هذه الأموال بالوطن العربي وبالتالي المساهمة في تعزيز الاستثمار البيني بين الدول العربية؟ * أنا متفقة معك إلى أبعد الحدود، وكما سمعت في هذا المؤتمر رب ضارة نافعة فإن أحداث 11 من سبتمبر حدثت وكانت الدول العربية بتحليل الخبراء الدوليين وقد حضرت مؤتمرا بهذا الخصوص في فرنسا خلال شهر يناير من سنة 2002 يتحدث عن المخاطر السياسية في مختلف دول العالم ، وقد وضعت الأقطار العربية كمجموعة تعتبر من أكثر المجموعات الخاسرة فيما بعد 11 سبتمبر، من واقع أنهم ألصقت بهم تهمة الإرهاب، وأن تحركهم بات صعبا وللعقبات التي باتت تعترضهم والتي طالت أموالهم المستثمرة منذ سنوات طويلة خاصة بعد الطفرة الدولارية التي ارتبطت بارتفاع أسعار البترول والتي كانت عوائدها تجوب الأسواق المالية العالمية وخلقت منها وسائل لجذبها وشفطها يقصد تداولها في البلدان الغربية، ليتكون رصيد مالي ضخم تقديراته تتراوح بين 800 مليار دولار إلى تريليون و200 مليار دولار 1200 مليار دولار ، لكن في تقديرات أخرى أن الأموال العربية المستثمرة خارج الوطن العربي خاصة في الغرب قد تصل إلى 3 تيريليون دولار أي 3 آلاف مليار دولار ، لكن أحداث 11/9 غيرت الكثير من المفاهيم ووضعتنا في قائمة الإرهاب، وأصبحنا كلنا كأننا إرهابيون محتملون، وعانى المستثمر العربي وهو يدخل هذه الأسواق وكأنه تهمة ، وأصبحت تحويلاته المالية والنقدية تعامل وكأنها شبهات، وقد طال ذلك حتى التحويلات البسيطة، وبالتالي أصبح العربي سواء كان طالبا أو سائحا أو مستثمرا غير مرتاح ، وهو ما وضعنا بقوة على طريق إعادة التفكير في ذلك، وبالطبع فإن القضية لا تأتي بين يوم وليلة ، فالمستثمر لا يستطيع سحب أموال فورا وتحويلها إلى أسواق ، لكن رصدنا بعض البوادر من عدة مصادر والتي تتحدث عن عودة ما بين 20 إلى 40 مليار دولار من أصل 800 إلى 1200 مليار دولار ، وبالتالي فهذه المبالغ ما زالت بسيطة ، لأن تحويل الأموال لا يحدث بين ليلة وضحاها، لكن كما لحظت في هذا المؤتمر، فالتفكير منصب بشكل جدي على تحويل هذه الأموال إلى منبعها لتصب في الوطن العربي، فالمال العربي أكثر أمنا وضمانة وحماية في وطنه العربي، ووجود مؤسسات مثل المؤسسة العربية لضمان الاستثمار والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات وغيرها تستطيع أن تقدم الضمانات المطلوبة، خاصة أن الضمانات السياسية بشكل عام في بلداننا العربية بوجه عام ضد المخاطر السياسية والتي تشمل عدم التحويل والحروب ..أصبحت أقل من سنوات السبعينات. لذا فإني أقول أننا في حاجة لعودة هذه الأموال، وقرار المستثمر فردي يعود له بناء على اقتناعه ومدى راحته ، ونحن نستطيع التأثير بتحسين مناحي الاستثمار في الدول العربية ، وليس بطريق آخر، وإذا تعددت قصص النجاح لمستثمرين اثبتوا نجاح استثماراتهم ، فإن هذه هي أحسن طريقة لانتقال هذه العدوى الإيجابية بين المستثمرين العرب، وبالتالي سيعملون وبشكل تدرجي على إعادة أموالهم. المناخ الحالي @ في اعتقادك هل المناخ الحالي يمكن أن يشجع الاستثمار العربي البيني؟ * نعم، أنا لا أستطيع أن أقول أن مناخ الاستثمار في البلدان العربية غير مشجع، لأن البوادر الإيجابية عديدة، فهناك توازن بين النقط الإيجابية وبعض النقط السلبية التي بقيت ويجب القضاء عليها، فالدول العربية ومنذ منتصف الثمانينات وبالخصوص بعد حرب الخليج بدأت تأخذ إجراءات جدية، وهنالك تحسن نوعي وتأثير هذا التحسن يتضاعف بشكل متسارع بفعل التراكم الذي يحدث مع تقدم السنوات، والذي لا يمكننا توقعه بين يوم وليلة . على العموم إذا أخذنا المؤشرات العامة هناك درجة وعي تجوب الوطن العربي من أهمية تحسين بيئة الاستثمار ليس فقط لجذب المزيد من الاستثمارات، ولكن أساسا لضمان الحفاظ على مستثمرهم المحلي الذي يعتبر أحسن طعم لجلب المستثمر الأجنبي ، إضافة إلى ذلك لا بد من سن إصلاحات اقتصادية التي تسير مع إصلاحات اجتماعية، نحن لا نريد أن نعمق من بؤر الفقر في دول العربية لتزداد الفجوة بين من يملك وبين من لا يملك، بل عكس ذلك نريد تعميم الفائدة على كافة القطاعات ويتأتى ذلك بتعميم التعليم وتحسينه وأيضا الخدمات الصحية، ثم تعزيز دور القطاع الخاص الذي نشهده في تزايد مطرد. من هنا فإننا نقول ان هناك وعيا عربيا بهذه النواحي وهو ما يتأتى لمن يرصد الاتجاهات والمؤشرات حيث يرى هذا التحسن في اتجاه الصعود، ولكن هل نستطيع أن نقول ان هناك مناخا حامل يسمح بالاستثمار، أقول لا ، لكن هناك عملية متوالية ديناميكية من التحليل المتواصل ولا شك في أن المستثمر يلعب دورا في ذلك ، لأنه عندما يعطي ملاحظاته وشكواه من معيقات الاستثمار فإن ذلك ينعكس على مناخ الاستثمارات وتيسر هذه الإجراءات لما فيه صالح المستثمر والاقتصاد الوطني. التشريع المالي @ في هذا الإطار هل تدعين إلى ثورة في المجال التشريعي الخاص بالأموال وتنقلاتها واستثماراتها وفتح الحدود أمام تنقلاتها؟ * الإصلاحات التشريعية بدأت منذ مدة ، ونحن في المؤسسة العربية لضمان الاستثمار نعتبر أن رصد مناخ الاستثمار ورصد التطورات التشريعية جزء من عملنا ، وقد أنهينا مؤخرا دراسة مقاربة عن قوانين الاستثمار في الدول العربية وما تمنحه من مزايا والتشابه والاختلاف بينها ، ووجدنا انطلاقا من هذه الدراسة أن معظم البلدان العربية تمنح حوافز إيجابية وان معظمها تلجأ إلى بناء ترسانة تشريعية متكاملة ، لكن نحن في حاجة إلى وقت ،وبصفة عامة فإن الأسواق العربية في حاجة إلى قوانين تهم حقوق الملكية الفكرية ، قوانين محاربة غسيل الأموال، وقوانين تشجيع التنافسية والحد من الاحتكار، حتى تواكب بيئتنا التشريعية تحولات العالم الاقتصادية. من هنا وردا على سؤالك فأنا لا أدعو إلى ثورة تشريعية، لأن الأقطار العربية أوعى بمصالحها وأوعى بمستجدات المنظومة العالمية وما يحدث بها، وتزايد عدد الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وارتباطهم باتفاقيات سواء متعددة الأطراف أو الثنائية أو من خلال التجمعات الإقليمية أو شبه الإقليمية تجعل العرب لا يستطيعون الالتزام بهذه الاتفاقيات إلا إذا حسنوا بيئتهم التشريعية والقانونية. الاستثمارات البينية @ تكلمت عن حجم الاستثمارات البينية وقارنته بالاستثمارات الأجنبية. كمواكبة للميدان الاستثماري ، ما حجم الاستثمارات العربية البينية إذا ما قارناها بالأجنبية، وما الدول الأكثر جلبا للاستثمار كمشرق ومغرب عربيين؟ * الأرقام التي ذكرتها لك كانت مختصة بالاستثمارات العربية البينية ، أما من ناحية حصة الدول العربية في الاستثمارات المباشرة فهي قد وصلت عام 2001 إلى 6 مليارات دولار تقريبا، وكانت تتراوح خلال السنوات العشر الأخيرة بين 4 مليارات إلى 4مليارات ونصف المليار دولار، لكنها تختلف من حيث تركزها، حيث أننا رصدنا أن الاستثمارات العربية تتركز في بعض الدول، فمثلا في المغرب العربي نجد أن المملكة المغربية التي تعتبر من أكثر الدول استقطابا للاستثمارات العربية متبوعا بتونس ثم الجزائر بالإضافة إلى مصر كبلد عربي أفريقي. أما في بلدان المشرق العربي فإن حجم الفرص مختلف ولا يعكس آمال ازدياد التدفقات ، لكن مع ذلك هناك حجم معقول من الاستثمارات بمعدل 300 إلى 400 مليون دولار تتجه نحو الأردن ، ونسبة مشابهة إلى لبنان. في بلدان الخليج العربي نجد أن دولة الكويت والمملكة العربية السعودية استقطبتا العديد من الاستثمارات خاصة من منتصف الثمانينات إلى منتصف التسعينات خلال ما كان يعرف بفورة المشاريع النفطية والبترو كيماوية وهذا المجال لها ميزة تنافسية فيه. لكن وبوجه عام فالصورة في بلداننا العربية غير مشجعة فالاستثمارات العربية ضئيلة وتتركز في عدد من الدول لا تزيد على الخمسة، وما زالت دون المستوى المطلوب ولا تشكل إلا حوالي 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العربي الذي بلغ حاليا 711 مليار دولار. سبل زيادة الاستثمار @ بالإضافة إلى مثل هذا الملتقى موعد الاستثمار العربي ، في نظرك ما السبل الممكنة للزيادة من حجم الاستثمارات العربية البينية، وتجاوز النسب غير المشجعة التي يعرفها هذا المجال حاليا؟ * لزيادة حجم الاستثمارات العربية المالية ،دأبت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار على وضع استبيانات حول سبل رفع المعوقات التي تواجه المستثمر العربي، والبحث عن أسباب تدفعه نحو الامتناع عن الاستثمار في البلدان العربية، وعبر هذه الاستبيانات والتواصل مع المستثمرين لأنهم هم أصحاب رأس المال والقرار الاستثماري حاولنا رفع هذه المعيقات إلى أصحاب القرار السياسي والحكومات، الذين يحاولون بدورهم تجاوزها وإيجاد حلول مناسبة. وعطفا على ذكر موعد الاستثمار العربي فإني أعتبر مثل هذه الملتقيات تظاهرة احتفالية أكثر ، لكن نحن في حاجة إلى العمل خارجها، فهذه الملتقيات تخلق فقط جوا من العلاقات العامة والتبادل ، لكن العمل الحقيقي هو العمل اليومي الدؤوب الذي يقوم به كل من موقعه، حتى يمكننا تعزيز مناخ الاستثمار العربي ورفع نسبته في ناتجنا المحلي الإجمالي في الدول العربية إلى نسبب تزيد على ما هو حاصل حاليا والمتراوح بين 10 إلى 12 بالمائة أو حتى حد أقصى 15 بالمائة، بينما المناطق الاقتصادية الأخرى تشهد 25 بالمائة فأعلى. وأسمح لي أن أقول لك هنا ، انني كاقتصادية في حاجة لتوعية الشعب ، لا أكتفي بأن أقول أن هيئة الترويج للاستثمار مسؤولة عن ذلك وكفى، لا عكس ذلك فإن سائق التاكسي سيارة الأجرة وهو يحمل المستثمر من المطار إلى الفندق يستطيع أن يلعب دورا. فإذا كان يتبرم من أوضاعه الداخلية ، فإن المستثمر يتراجع ويقول ان هذا الشخص الذي يعبر عن رأي ونبض الشارع المحلي هو صادق في كلامه ، وبالتالي فأنا في حاجة إلى توعيته وإلى توجيه رسالتي له، كذلك يجب توعية العمال الذين هم في أغلبهم ضد عمليات الخصخصة التي تمثل من العوامل الرئيسية لجلب المستثمرين ، في ظل وجود أصوات تنادي بوقف هذه العمليات وأنها ستضر بمصالح الطبقة الشغيلة العاملة. الفرص بالمغرب @ في كلمتك أمام المؤتمرين نوهت بحجم الاستثمار في المغرب والفرص المفتوحة أمام المستثمرين، هل يمكنك أن تحدثينا عن هذه النقطة؟ * في الحقيقة فإن المغرب يعتبر من النقط المضيئة في عالمنا العربي ، ومن التجارب العربية الجيدة جدا ،خاصة في السنوات الأخيرة. فالمغرب يعيش في حالة من التوازن الكامل هو يعرف ما يريد، وعلى معرفة بحجم الثروات الكاملة في وطنه، ويعرف المكانة التي يريد أن يتواجد عليها ضمن خارطة العالم الاقتصادية. فمثلا السياحة تعتبر من بين أهم مصادر الدخل في المغرب ، فهنالك مخطط كبير ب10 مليارات دولار للرفع من مستوى مساهمة السياحة من 7 بالمائة إلى 20 بالمائة بحلول عام 2010 م، هنالك مخطط آخر لتعزيز دور المغرب كمصدر هام للفوسفات وخاماته كالحامض الفسفوري .. كذلك هناك الثروة البحرية ، حيث يحتوي المغرب على 15 بالمائة من احتياطات العالم من الثروات البحرية. بالإضافة إلى القطاع الفلاحي الذي يؤثر بالسلب والإيجاب على الاقتصاد على خلفية الأحوال المناخية بسبب مساهمة الفلاحة في خمس الناتج المحلي الإجمالي، من هنا فالقطاع الزراعي المغربي يحتاج للتطوير عبر عصرنته . وبعيدا عن الثروات الطبيعية فالمغرب يمتاز بتقدمه على مستوى قطاع الاتصالات ومن هنا فالفرص مفتوحة أمام الاستثمار في قطاع الهاتف الثابت والتخصيص المرتقب لمؤسسة اتصالات المغرب وهو ما سيساهم في الرفع من رواج الإنترنت ، خاصة بعد النجاح الذي عرفه قطاع الهاتف المحمول والذي بفضله أصبح المغرب من أعلى دول العالم استخداما للهاتف المحمول حيث وصلت النسب إلى رقم قياسي وفي زمن قياسي مع وجود شركتين متنافستين. ويؤمل أن تزيد خصخصة قطاعات النقل البحري والجوي والسكك الحديدية و الطاقة والسياحة التي تسير بانتظام وتوازن وبدون هرولة من مضاعفة حجم الاستثمارات. وبالتالي فإن الفرص أمام المستثمرين عديدة في المغرب وبالمليارات. المستقبل العربي @ كخبيرة في المجال الاستثماري كيف ترين المستقبل العربي في هذا المجال؟ * أنا من الناس المتفائلين دائما ، فمستقبلنا تصنعه إرادتنا، لكني أنا أيضا مع القول ان الشعارات والكلام الكثير ليس هو المطلوب في هذا العصر ، إنما الفعل ثم الفعل والفعل هو المطلوب ، فنحن في حاجة إلى تنفيذ الأقوال والشعارات، وإلى ربط مصلحتنا القطرية - الوطنية الضيقة بمصالحنا القومية ، وبالتالي نوجد شبكة من المصالح المترابطة . وكمؤسسة عربية لضمان الاستثمار فنحن على يقين بأن الاستثمار سينجح في دولنا العربية مع وجود كفاءات وتأهيل عدد كبير من الشباب والقدرات والمعارف الذين يعملون بأساليب الإدارة الحديثة التي تتجه إلى القيادة بالعمل، وليس القيادة بالأوامر ، وإن شاء الله سيتعزز هذا.