قد تبدو نخب المال والأعمال في مجتمعنا قمة في الطليعية وهي تستورد لنا المصطلحات والمفهومات المتقدمة في عوالم السوق والانتاج وعلاج مشكلات العمالة وتوطين الصناعات, للدرجة التي لا نشكك معها في اوضاعنا او في وجود علل لدينا تحتاج التدخل العلاجي او الجراحي.. نخب المال والاعمال مثلها مثل نخب الثقافة والاعلام والتربية تظن ان اقصى ما تخدمنا به هو اكوام النظريات والآليات والاساليب المتطورة في العالم المتقدم, دون ان تتوقف للحظة عند اوضاعنا الداخلية الاجتماعية والمؤسسية والعمل على استصلاح قوانين او استصدار تشريعات من قبل الدولة ترتقي ببيئة الاستثمار الوطني وتهيئ فرصا للمشاريع المتوسطة والصغيرة من حيث التمويل والدعم.. فنحن لا نزال بلدا استهلاكيا حتى في الكثير من السلع والخدمات البسيطة والتي من السهل توطينها كونها ليست بالصناعات الضخمة والعالية التقانة وكلفتها باهظة ماديا وبشريا. قد لا نكون بحاجة لمفهومات واساليب وانظمة عمل وانتاج وتصريف تمثل ابرع ما وصلت اليه انظمة السوق المفتوح والاقتصاد الرقمي, قدر حاجتنا لنفض الغبار عن ارضية واقعنا الاقتصادي الذي تشكل بمعايير الطفرات البترولية والعقارية وانفاق الدولة الضخم على المدن والخدمات ومشاريع التوسعة.. اغرب ما يواجهك اليوم من طليعي المال والاعمال تداولهم بنية افكار فوقية متطورة جدا في الوقت الذي تحتاج فيه البنى التأسيسية والتحتية للعمل والانتاج وعمليات التحويل في مدخلات ومخرجات الانظمة. نحن يا ناس اليوم لدينا اوضاع في انظمتنا التجارية والعمالية والمؤسسية تحتاج لغربلة واعادة هيكلة فيما يخص الحد الادنى للاجور والسقوف المالية الخاصة بمؤسسات المهن الاعلانية والانتاجية وتلك التي تتصل باعمال الديكور والصوالين النسائية وغيرها.. وبحاجة للنظر في امور الوكالات المتخصصة والعامة ونظام العلامات التجارية ونخب المال والاعمال اليوم تستطيع من خلال المنتديات الالكترونية والعامة من تنوير الافراد والهيئات المجتمعية المعنية بامور الاقتصاد والتجارة والصناعات بثقافة الاقتصاد والتجارة والبنى التأسيسية اللازمة لوجود بيئة منتجة وجاذبة للاستثمار الداخلي والاجنبي والعمل على استصدار التشريعات والقوانين والضوابط التي تعزز كل ذلك من خلال الدولة.