اتجه البنك المركزي الاوروبي إلى بناء ثقة اقتصادية في مواجهة النمو المتدني والحرب التي تلوح في الافق ضد العراق، وذلك بإجراء خفض على أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساسية (كسر عشري). وصرح رئيس البنك فيم دويسنبرج في أعقاب اجتماع مجلس تحديد أسعار الفائدة بالبنك في فرانكفورت والذي يضم 18 عضوا، بأن النظرة المستقبلية للنمو الاقتصادي قد ضعفت مقارنة بالتوقعات السابقة وذلك بسبب التوترات الجيوسياسية بصورة خاصة، وما يصاحبها من ارتفاع في أسعار البترول. وقال: وبناء على ذلك فإنه ليس من المتوقع تحقيق سوى نمو اقتصادي متواضع للغاية خلال هذا العام. ويعتبر خفض تكاليف الاقراض هو الاول الذي يتخذه البنك منذ ثلاثة شهور، حيث أدى قرار يوم الخميس إلى خفض فائدة إعادة التمويل إلى نسبة2.5 بالمائة. غير أن دويسنبرج أعلن أن البنك سيكون مستعدا لاجراء خفض آخر على أسعار الفائدة في ظل المناخ الجيوسياسي الغامض حاليا. وقال دويسنبرج أنه وفقا لاي تطورات أخرى فإن المجلس الحاكم للبنك يقف على أهبة الاستعداد للتصرف بأسلوب حاسم وفي الوقت المناسب. غير أن القرار أحبط آمال السوق التي كانت تنتظر خفضا أكبر، توقع غالبية الاقتصاديين أن يصل إلى 5. نقطة أساسية (كسر عشري). وقد انخفضت أسعار الاسهم والسندات الاوروبية إلى مستوى متدن كرد فعل على الخفض الحذر بواقع 25 نقطة أساسية فقط، وهو الخفض الذي انتقده الاقتصاديون باعتباره حلا وسطا من جانب البنك، وليس حلا حاسما. ومع ذلك فقد اتاح قرار البنك المركزي للعملة الاوروبية الموحدة (اليورو) تحقيق مكاسب جديدة مقابل الدولار حيث ارتفعت إلى أعلى معدل لها خلال أربع سنوات لتصل إلى1.10 دولار. وفي الواقع فإن الارتفاع الكبير في قيمة اليورو خلال الشهور الاخيرة والذي بلغت نسبته حوالي 26 بالمائة عما كانت عليه في العام الماضي، قد أزال بدرجة أساسية المكاسب التي كانت منتظرة من آخر خفض أجراه البنك في ديسمبر الماضي بواقع 50 نقطة أساسية. بل إن الاقتصاديين ينظرون إلى هذا الارتفاع باعتباره العامل الذي ساعد على بناء وضع يتطلب إجراء خفض آخر على أسعار الفائدة. كما ساعد ارتفاع اليورو أيضا، كما يقول الاقتصاديون على زيادة القلق السائد داخل القطاع الصناعي الاوروبي إزاء النظرة المستقبلية للصادرات، التي كانت بالاساس العمود الرئيسي للنمو بمنطقة اليورو. وقد تزامن اجتماع البنك المركزي الاوروبي يوم الخميس مع اجتماعين لاثنين من البنوك المركزية الرائدة في أوروبا وهما بنك إنجلترا والبنك المركزي السويسري. وفي حين أجرى البنك السويسري خفضا على أسعار فائدته بواقع 50 نقطة أساسية لتصل إلى0.25 بالمائة، أبقى بنك إنجلترا على أسعار فائدته عند معدل3.75 بالمائة. ومن ناحية أخرى فقد جاء اجتماع البنك المركزي الاوروبي يوم الخميس الماضي في أعقاب جولة أخرى من تعديل توقعات النمو تنازليا في منطقة اليورو، وبصفة خاصة في أكبر قوة اقتصادية في المنطقة وهي ألمانيا. كما جاء كذلك في أعقاب الكشف عن بيانات أظهرت أن البطالة في ألمانيا قد وصلت إلى أعلى معدل لها منذ خمس سنوات وذلك مع استمرار هذه الازمة وازديادها عمقا. ويذكر أن البنك المركزي الاوروبي قد خفض أسعار فائدته خمس مرات منذ بداية عام 2001، وذلك في حين أجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي خلال نفس الفترة 12 خفضا على أسعار الفائدة مما وصل بأسعار فائدة اليوم الواحد إلى أدنى معدل لها منذ واحد وأربعين عاما وهو1.25 بالمائة. أما بنك إنجلترا فقد أجرى خلال نفس الفترة خفضا على أسعار فائدته ثماني مرات ليصل بها إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1955.