الحكومة اليمنية بدأت في التحرك مؤخرا ضد ظاهرة المرافقين بعد ارتكابهم عددا من الجرائم، ومهاجمتهم رجال الشرطة. تمثل الحراسات الشخصية او ما يطلق عليهم في اليمن المرافقون وهم ثلة من المسلحين تحرص الوجاهات السياسية والقبلية على وجه الخصوص اصطحابهم معها اينما حلت او رحلت لغرض الحماية الشخصية من جهة ولإضفاء بعض ملامح الهيبة على هذه الوجاهات ابراز المعضلات التي تواجه الاجهزة الامنية في هذا البلد الذي يعانى افرازات سلبية لبنية اجتماعية وقبلية ومعقدة. ولم تستطع المحاولات الحكومية المتكررة اجتثاث هذه الظاهرة او حتى الحد من انعكاساتها السلبية باحاطتها بضوابط قانونية منظمة يكون من شأنها التخفيف من المشاكل والقلاقل الامنية التي يسببها هذا النوع من الحراسات الشخصية وبخاصة البودى جارد القبلي الذي لا يرتبط بمؤسسات امنية وانما يكون حقا مكتسبا للوجاهات القبلية التي تقوم باختيارهم والحاقهم بخدمتها من اوساط العناصر القبلية المقربة القادرة على الاستخدام المتقن للسلاح دون مراعاة اكتسابهم الحد الادنى من ادبيات التعامل الامثل مع الآخرين. ويصف احد مسئولي وزارة الداخلية اليمنية تداعيات انتشار هذه الظاهرة بقوله بالتأكيد نجد صعوبة بالغة في السيطرة على هؤلاء المرافقين المسلحين واعداد كبيرة منهم لا تحمل تراخيص رسمية بحمل السلاح. ويضيف انهم يمثلون بالنسبة لنا مشكلة، كما ان هيئتهم القبلية وحملهم الدائم والسافر السلاح في المدن الرئيسية يستفز العامة، انهم باختصار احد بؤر التوتر والمنغصات الامنية التي سنناضل للسيطرة عليها. ويرى كمال ياسين المتخصص في علم الجريمة ان البودى جارد القبلي او المرافقين المسلحين قد تحولوا بالفعل الى احد الاسباب الرئيسية للجريمة في البلاد اذ يحتمي هؤلاء بنفوذ الوجاهات القبلية الذين ينضوون تحت خدمتها وهو ما يجعل السلطات الامنية تتردد كثيرا قبل اتخاذ اجراءات عقابية ضدهم حرصا منها على عدم استثارة تلك الوجاهات القبلية المتنفذة. وتزخر السجلات الامنية اليمنية بالعديد من الجرائم التي ارتكبها مثل هؤلاء المسلحين المرافقين لمشايخ ووجاهات قبلية في اليمن ومن ابرز تلك الجرائم مقتل صاحب احد محلات بيع المواد الغذائية في حي الجراف بالعاصمة صنعاء قبل عدة اشهر على ايدي ثلاثة مسلحين يرافقون شخصية قبلية متنفذة في البلاد وحاول المسلحون السطو على محل الضحية وسرقة خنجر تقليدي ثمين كان يتقلده قبل ان يلقوا مقاومة شديدة منه اضطروا على اثرها الى قتله ومن ثم الفرار الى منزل مخدومهم المتنفذ الامر الذي كاد يتحول الى حرب قبلية بين عشيرة القتيل والقبيلة التي يتزعمها ذلك الشيخ المتنفذ لولا تدخل السلطات الامنية واقناعها الاخير بتسليم القتلة للعدالة. كما تعرض احد اشهر المطاعم في العاصمة لمحاولة سطو مماثلة من قبل مرافقين مسلحين آخرين لكنهم لاذوا بالفرار بعد ان اشهر عمال المطعم السكاكين والعصى في وجوههم. ويرى المحامى على حمود سفيان ان من ابرز اسباب تفاقم افرازات هذه الظاهرة غياب تشريع قانوني حازم ينظم ظاهرة حمل السلاح وبخاصة في المدن الرئيسية ويكون قادرا على فرض آليات ملزمة على الوجاهات القبلية التي تمارس ضغوطا شديدة لعرقلة صدور مثل هذا القانون الذي لا يزال حبيس أدراج البرلمان اليمنى. في حين يقول منصور الخطيب الباحث الاجتماعي ان ثقافة العنف التي لا تزال مسيطرة على قناعات رجال القبائل هي السبب الاول في انتشار مثل هذه الظاهرة اذ ان الحرص على الظهور بمظهر القوة يدفع الكثير من المشايخ والوجاهات القبلية الى التغاضي عن سلوكيات مرافقيهم المسلحين. ويرى بعض المراقبين المحليين ان التوجهات الحكومية قد بدأت في التشدد ازاء انتشار هذه الظاهرة ربما بسبب الانتقادات الحادة الى وجهت للآليات المتراخية في وضع حد لانعكاساتها الامنية السلبية. حيث رصدت في الآونة الأخيرة عددا من عمليات الايقاف والتحقيق من قبل اجهزة النيابة اليمنية لبعض الوجاهات القبلية المشهورة بنفوذها الواسع اثر قيام هذه الوجاهات ومرافقيها المسلحين باعمال عنف ضد دوريات للشرطة حاولت ايقافهم.