وفي الوقت الذي يستمر فيه المزارعون العراقيون بزراعة كل المساحات التي توفر الغذاء لمواجهة مجاعة كبيرة قد يسببها الهجوم الأمريكي او استمرار الحصار فان بعض المحللين يرى ان الخطورة تكمن في إمكانات توقف شحن المواد الغذائية من الدول المجاورة في حالة قيام الحرب وطول أمدها واتساع ساحاتها. ويزرع الفلاحون حتى في اخطر الاماكن وبالقرب من الحدود الكويتية، اذ يقابلهم في الجانب الاخر حشد القوات الامريكية واستمرار المناورات العسكرية على مبعدة مئات الامتار منهم. يقول الخبير الاقتصادي الباحث عبد الرحمن عناد: ان الحرب ستوقف العمل بكل جوانبه خاصة استمرارية تنفيذ عقود الغذاء وفق برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء او ضمن التعامل الثنائي ووقف عمليات الشحن عبر الموانئ مع امتداد العمليات العسكرية الذي سيؤدي بالنتيجة الى وقف شحن الغذاء و نفاد خزين الغذاء لدى العراقيين. ويؤكد رئيس جمعية رعاية الاسرة العراقية سعدون خليفة ويقول: في الوقت الذي تحدد فيه المعايير الصحية الدولية حاجة الانسان البالغ الى ما لا يقل عن 2500 سعرة حرارية يوميا من بينهما 65 غرام بروتين كحد أدنى يشتمل على 40 غرام بروتين حيواني فان مفردات البطاقة التموينية للمواطن العراقي لا تقدم اكثر من 40 % من السعرات الحرارية المطلوبة ولكن رغم هذا فان المواد الغذائية التي وزعتها الحكومة لمواجهة احتمالات حرب قادمة أمنت مخزونا غذائيا جيدا إضافة لما تم ابتياعه من مواد غذائية وحياتية أخرى. وأضاف كل ذلك بعث الاطمئنان في القلوب على الأقل من حيث الوضع الغذائي وامتلاء الأسواق بكل أنواع المواد التي تحتاجها البيوت لمواجهة مخاطر الهجوم الأمريكي المرتقب واحتمال انتشار المجاعة إذا ما كانت الحرب طويلة. وتحسبا لهجوم أمريكي محتمل خلال الأيام المقبلة وردا على القلق المشروع من شبح المجاعة واصلت وزارة التجارة العراقية توزيع المواد الغذائية في البطاقة التموينية الشهرية بشكل مضاعف وهو الأمر الذي حرصت عليه منذ منتصف العام الماضي بعد تزايد وتواصل التهديدات الأمريكية بالحرب على العراق. وبعد ان استلم العراقيون حصصهم لثلاثة شهور قادمة بدءا من مارس أعلنت الوزارة وعبر نداءات في الصحف والإذاعة العراقية انها بدأت منذ يوم اليوم العاشر من الشهر الجاري بتسليم حصص شهري يونيو ويوليو المقبلين وتبلغ الحصة الشهرية للفرد الواحد ضمن هذه البطاقة (9 كيلو غرامات) من الدقيق و(3 كيلو غرامات) من الرز و(كيلو غرام) من السكر و(200 غرام) من الشاي و(كيلو و250غراما) من الزيوت و(125 غراما) حليب للكبار و(250 غراما) من الصابون و(500 غرام) من مساحيق التنظيف و(125 غراما) من الفاصولياء و(250 غرام) من الحمص و(75 غراما) من ملح الطعام ، كما يتسلم الأطفال دون العام الواحد ثمانية علب حليب مجفف زنة الواحد (450 غراما). ويلاحظ خلو البطاقة من أي بروتين حيواني كاللحم الأحمر او الأبيض والبيض وغيره. وما يزيد القلق من احتمال المجاعة هو انخفاض المنتج الزراعي في العراق رغم الإجراءات التي تتخذها الحكومة لتطويره وتجاوز ما خلفته الحرب والحصار من تدمير وتراجع فيه خاصة في المشاريع الزراعية والحيوانية، على الرغم من محاولات إعادة عمليات تأهيلها من خلال إصلاح المشاريع المتضررة واستصلاح أراضى زراعية وترشيد استخدام المياه من خلال الأساليب الحديثة وإعادة المئات من مشروعات تربية الدواجن الى العمل وكذلك أحواض تربية الأسماك. ووصف أمين عام اتحاد الصناعات الغذائية العربية الدكتور فلاح سعيد جبر الوضع الزراعي المتدهور نتيجة الحصار أنه يدل على حقيقة سوء الوضع الزراعي في العراق نتيجة حرب الخليج الثانية عام 1991 واستمرار الحصار مما سبب تدهور الوضع الغذائي.. ولكن الإجراءات المتخذة من حيث الإنتاج الزراعي او الحيواني ساعدت في التقليل من مخاطر هذا التدهور. ويؤكد المزارع إبراهيم حسين استطعنا تجاوز المصاعب التي واجهت عملية الزراعة ولكن إذا ما بدأت الحرب ربما لا نستطيع ان ننقل هذه المحاصيل الى الأسواق وفضلا عن ان القصف سيمنعنا من التحرك بحرية مما يسبب تلف مزروعاتنا ونقص الغذاء بالتالي. تزيد هذه الحلقات المتشابكة القلق وتدفع العراقيين لتخزين الأغذية الجافة والمعلبة بشكل خاص، ولكن هذا القلق المشروع لن يمنع من تعلق العراقيين بأمل ترسمه بعض الفرص لابعاد شبح الحرب وان لا تحصل الكارثة فقد يموت الآلاف جوعا إذا لم تقتلهم الطائرات والصواريخ. جندي عراقي يفكر في مصير بلاده الآن