تستقبل منطقة الخليج كما تستقبل تركيا حشودا تتهيأ لحرب تنتهي بتغير النظام العراقي، كما تنتهي بفتح الصندوق العراقي الذي ما زال مغلقا بعد سنوات من القبضة الحديدية التي تميز بها نظام صدام حسين. التغير المطروح في العراق يثير ردود فعل كبيرة في العالم غربا وشرقا. فقد حسمت الولاياتالمتحدة من جهة امرها عسكريا. ولكن المحرك لهذا الحسم هو احداث الحادي عشر من سبتمبر، وان الاحداث كما تطورت منذ ذلك الوقت في افغانستان وغيرها قد عززت القناعة الامريكية بأن تغيير النظام في العراق هو المدخل للكثير من الابعاد الجديدة في منطقة الشرق الاوسط، بما فيها ما تعتبره واشنطن استعادة لهيبتها التي هزتها احداث الحادي عشر من سبتمبر. وبينما تحسم الولاياتالمتحدة سياستها تزداد المعارضة الاوروبية الشعبية والعالمية والى حد كبير العربية للتدخل الامريكي في العراق. فبين التصور الامريكي الذي يقوم على ضرورة تغيير النظام في العراق وبين التصورات العربية والأوروبية التي تخشى من الحرب، تتطور الاحداث كل يوم لصالح عاصفة كبيرة. في هذه العاصفة يقرر الاقوى مستقبل الأضعف، ويقرر الاكثر نفوذا مستقبل الاقل نفوذا، هذا هو حال علاقات القوة والدروس التي تأتي معها والتي قررتها شريعة الامبراطوريات منذ فجر التاريخ. وجهة النظر العربية المطروحة على الأخص في الشارع العربي تتلخص في الآتي: ان العراق لم يكن متورطا في عمليات الحادي عشر من سبتمبر، كما ان الدليل الامريكي على انتاج اسلحة دمار شامل ليس دامغا. والعراق دولة ذات سيادة ولا يحق لدولة تغيير نظامها الا من خلال آليات داخلية وسلمية. الوجهة العربية تنطلق بأن التغيير بالقوة في العراق سوف يعني فتح الباب لفوضى لا حدود لها ولقتال داخلي لا نهاية له، ولانتقام كردي من العرب العراقيين لا حد له. بل ترى الرؤية العربية عراقا مقسما وعراقا شديد التفتت. الحرب كما يراها الكثير من العرب هي حرب اسعار نفط، وهي حرب للسيطرة على مخزون العراق الهائل من النفط ومن الاحتياط، وهي حرب هدفها اشاعة الفوضى في العالم العربي وذلك لتمهيد الطريق لمزيد من التسلط والسيطرة الاسرائيلية. بل تنطلق الرؤية العربية من ان التدخل الامريكي سوف يطيح بدول عربية عدة وسوف يوجد عدم استقرار لا نهاية له، وكأن الولاياتالمتحدة تريد أن تصدر ما حصل لديها في الحادي عشر من سبتمبر للدول العربية وذلك من باب الرد والانتقام وتأكيد دورها الدولي البوليسي. الرؤية العربية تتشاءم من النتيجة النهائية لهذه الحرب وهي تتخوف من انعكاساتها على ايران والسعودية ومصر والخليج وسوريا والقضية الفلسطينية. في هذا يقف معظم العرب في موقف المعارضة للحملة الامريكية تجاه العراق. ومع ذلك لا نجد ان جميع معارضي الحرب ضد تغيير النظام العراقي. فقد نستطيع ان نقول ان معظم العرب مع تغيير النظام.. في العراق وان كانوا يختلفون بطبيعة الحال على هوية الذي يغير هذا النظام: فهناك مع يؤيد نشوء وضع داخلي عراقي يؤدي الى التغيير، بينما نجد ان اقلية هي مع تدخل دولي وأمريكي. في هذا يقع الخلاف العربي العربي، اذ ينقسم العرب الى اغلبية تعارض الحرب، والى اقلية ترى ان الامر الراهن قد وصل الى طريق مسدود وان التغيير في العراق أمر حتمي ولا يمكن ان يقع الا بأيد خارجية تساهم في تغيير حال الشعب العراقي. بين الآراء العربية المتناقضة يعيش العالم العربي تجربته الراهنة ولكن الخوف الاكبر امام العالم العربي هو في مدى نجاح التغيير في العراق وفي مدى نجاح التهدئة في العراق بعد تغيير النظام وفي مدى استيعاب الاثار التي سوف تتركها الحرب عراقيا واقليميا وايرانياوتركيا. الآثار ستكون كبيرة في العراق وفي العالم العربي وذلك على الصعيد الاقتصادي والامني والسياسي وسوف تبقى على العرب مسئولية التعامل مع الاوضاع الجديدة واكتشاف السياسات الاسلم في كل دولة عربية، وسوف يبقى جزء كبير من المرحلة المقبلة حملا ثقيلا على الشعب العراقي. فالاساس سوف يرتبط بمدى مقدرة العراقيين على الاستفادة من الفرصة التي ستطرح نفسها عليهم بعد تغيير النظام العراقي، بما في ذلك تفادي الحرب الداخلية والانهماك في بناء عراق جديد مستقل وديمقراطي. البيان الاماراتية