بدايةً، شكراً دبي فقد أسعدتني بفوزك. الأمر المعروف أن دبي سعت بجد لا يعرف الكلل وبسجل انجازات مبهر وبخطة محكمة للفوز بتنظيم «أكسبو2020» على أراضيها، فما مكاسب دبي؟ ولماذا كل هذا الكم من الفرح والابتهاج والسعادة والأمل؟ إمارة دبي لا تعتمد على النفط والغاز اللذين يساهمان بنحو 5 بالمائة من ناتجها، فقد أدركت منذ عقود أن نصيبها منهما محدود وأن خيارها تنويع اقتصادها، إذا ما أرادت الحفاظ على موقعها التجاري المتميز، وقد فطن الشيخ راشد بن سعيد لذلك ووضع مرتكزات استراتيجية التنويع الاقتصادي، ولم يضع أي وقت، بل عمل بجد وتبعه أبناؤه بالابداع وتحدي ذات ومنافسة الآخرين. نعود لموضوعنا، فقد انطلق «معرض إكسبو الدولي» للمرة الأولى في العام 1851 في لندن بمسمى «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم»؛ لتعزيز العلاقات التجارية الدولية، ولبناء جسور للتواصل الثقافي، وعرض الإبداعات التقنية. ولا يزال «أكسبو» يمثل الحدث الأهم عالمياً لعرض الابتكارات واستعراض القضايا التي تهم العالم كالتنمية المستدامة، وتحسين مستوى معيشة البشر. يقام المعرض كل 5 أعوام، ويستقطب الملايين من الزوار، وتشارك فيه أجنحة وفعاليات ثقافية تنظمها الحكومات والمنظمات الدولية والشركات. يعد «أكسبو» تظاهرة عالمية فريدة، لكن لنبقى في دبي؛ فما الذي ستجنيه؟ لعل الطريقة الأنسب للإجابة أن نعرض لما استفادته الصين من تنظيمها لأكسبو 2010، فقد احتل «إكسبو شنغهاي 2010» منطقة الصناعات الثقيلة في وسط مدينة شنغهاي لتصبح منطقة مفعمة بالحيوية، واستقطب المعرض -الذي أقيم تحت شعار «مدينة أفضل، حياة أفضل»- نحو 73 مليون زائر. أما أكسبو 2015 فسيقام في ميلان عاصمة «الموضة» العالمية، لكن أكسبو هناك سيتخذ شعار «تغذية الكوكب: طاقة الحياة» لبقية العالم، يعتبر «معرض إكسبو الدولي» أحد روافد وفعاليات تعاضد القوى الفاعلة في العالم (حكومات وقطاع خاص، وقطاع تعاوني ومؤسسات نفع عام) لجعله مكانا أفضل لعيشنا جميعاً، عبر تعزيز التحول الاقتصادي والثقافي والاجتماعي. أما مكاسب البلد المضيف والمدينة المضيفة فتتجاوز ذلك لما هو أبعد؛ «اكسبو 2010» قلب شنغهاي رأساً على عقب لما هو أفضل، إذ بلغت تكلفة أكسبو 45 مليار دولار، أي ضعف تكلفة «الألعاب الأولمبية» في بكين! وتخطى كل الأرقام القياسية لأكسبو منذ إنطلاقه، وجعل من شنغهاي مدينة أفضل باقتصاد أكثر حيوية وتنوعاً وفرضها بقوة على الخارطة العالمية لأفضل المدن. من الذي ينفق كل هذه المليارات؟ على الدولة المضيفة أن تجهز المدينة للحدث الاستثنائي من حيث الموقع، والبنية التحتية، والإيواء، والنقل مستحضرة أن هذه فرصتها التي لن تتكرر لتستضيف العالم، وعليها في سبيل تحقيق ذلك إيجاد قنوات للتمويل، والأطراف المشاركة تنفق لتجهيز أجنحتها، وهنا نتحدث عن تنافس محتدم بين الدول، فمثلاً بلغت تكاليف بناء وتجهيز وتشغيل جناح استراليا 83 مليون دولار في اكسبو شنغهاي، وقد أشرفت على المشروع برمته وزارة الخارجية الاسترالية، وبالمثل فقد أنفقت عشرات الحكومات والشركات مبالغ أكثر أو أقل لتحكي قصتها لزوار الاكسبو. @ihsanbuhulaiga :تويتر