تناول عدد من ائمة وخطباء المساجد دور المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، والصحابة وتابعيهم وعدم اقتصاره على اداء الصلوات الخمس، بل انه كان مدرسة ودار علم، وتربية تخرج فيها الكثير من صحابة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - كما كان المسجد مكان نبوغ المسلمين في مختلف العلوم. واكدوا في تصريحات ل (اليوم) بمناسبة برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها الذي تنفذه حاليا وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في كافة مناطق المملكة انه يمكن اعادة دور المسجد الى سابق عهده ودوره في حياة المجتمع المسلم من خلال الاخلاص ممن هم اهل لذلك، واقامة الدروس العلمية، واقامة مكتبات داخل المساجد، وحث الشباب خصوصا واهل الحي عموما على التبرع بكل ما فيه مصلحة للمسجد والمصلين. الدروس العلمية واستهلالا لهذه التصريحات, قال فضيلة الشيخ الدكتور محمد عبدالله زربان الغامدي امام مسجد قباء بالمدينة المنورة ان من اهم ما يعيد للمسجد دوره - بإذن الله تعالى - اقامة الدروس العلمية التي ترسخ هذا الدور في حياة المسلمين، وتربط المسلم ببيوت الله حتى يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (ورجل قلبه معلق بالمساجد). من جهته ، قال الشيخ محمد بن محمد بن عبدالله الطالب امام وخطيب جامع محمد ناهض البلوي بالمدينة المنورة : ان دور المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والصحابة الكرام رضي الله عن الجميع لم يقتصر على اداء الصلوات الخمس او الجمع، بل كان المسجد مدرسة ودار علم وتربية ومكان انطلاق الجيوش الاسلامية التي فتحت الامصار ونشرت فيها الاسلام، وكان المسجد مكان تداول الآراء والمناقشات التي تهم الدولة الاسلامية، ومكانا لاستقبال الوفود واستضافتهم ويمكننا ان نعيد المسجد الى سابق عهده اذا وجد قوم امثال الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - فيمكن للمسجد ان يعيد دوره سائلا الله ان يوجد امثالهم أومن يقتدي بهم. اعداد الائمة والخطباء وذكر امام مسجد سليمان الحازمي بالجرف الغربي بالمدينة المنورة الشيخ عهده تتم عن طريق اعداد الائمة والخطباء الاعداد الصحيح، وعقد الدورات والندوات واللقاءات لهذا الغرض، واقامة مكتبات داخل المساجد يقوم عليها متطوعون من طلبة العلم، ويقوم هؤلاء بمحاولة جلب الشباب اليها، ولعل من اساليب ذلك ان يعرض على المصلين لاسيما الطلاب انه من كان مكلفا ببحث او تعبير في موضوع ما فيمكنه زيارة المكتبة مع مساعدة القائم عليها لاولئك الطلاب وارشادهم، كذلك زيادة الاهتمام باقامة حلقات تحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار، وتتخلل دروس القرآن الكريم دروس في السنة والسيرة مثلا، وايضا ان يتبرع بعض المدرسين من اهل الحي ولو بساعة في الاسبوع على اختلاف اختصاصاتهم بتوجيه التلاميذ من اهل الحي فيما يشكل عليهم من الدروس مع جدولة لتلك الساعات بالاضافة الى اعلان ذلك للمصلين، وفي هذا اثر عظيم باذن الله في جلب الشباب الى المسجد, وحث الشباب خصوصا واهل الحي عموما على التبرع بكل ما فيه مصلحة للمسجد والمصلين ولو بشيء قليل مثل : ساعة وتقويم ومناديل.. الخ. المحور إمام المسجد اما فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله الزايد خطيب جامع حمزة بن عبدالمطلب وامام مسجد عبدالله بن عباس بنجران فيرى انه لن يعود المسجد الى سابق عهده الا بتفهم المسلمين عموما لدور المسجد ثم قيام الائمة والخطباء بجهد مضاعف لتفعيل دور المسجد او الجامع في هذا الجانب، وقال : ان المحور في هذه المسألة هو امام المسجد والذي يجب ان يكون من الكفاءة بمكان ومن النشاط والحرص على الدعوة وايصال الخير ونفع الغير بشتى الوسائل ولا اقصد بالكفاءة ان يكون طالب علم فذا ولكن ان يحمل الهم فيمكن ان يقوم بتنسيق المحاضرات في مسجده مع الجهة المختصة، ويمكن ان يجمع الفتاوى او الاسئلة ويأتي باجابتها بعد سؤال احد العلماء، وعنده مجال واسع لتوزيع الكتيب والشريط الاسلامي، وعنده مجال في الاجتماع بأهل الحي لسماع آرائهم وتفهم احتياجاتهم والامر ميسر وسهل على من يسره الله عليه. دورات متتالية من جهته قال فضيلة الشيخ محمد بن يوسف العبيسي امام مسجد عبدالله بن العباس بالخرمة أنه يمكن اعادة دور المسجد، بحسن العناية بالامام واخضاعه لدورات متتالية ومتنوعة سواء فيما يتعلق بمستواه العلمي، او مستواه المهاري والتفكيري. اجتماعات في المساجد اما فضيلة الشيخ عبدالله بن سعد البلوي امام وخطيب جامع صدر بالعلا فبين انه يجب اعطاء الدروس في المساجد وتشجيعها، وبحث امكانية ان تكون هناك اجتماعات في المساجد لمناقشة جميع الامور والاستفسارات وكل ما يهم اهل الحي ودراسة نتائج هذه الاجتماعات، ويكون ذلك بمشاركة ومتابعة من ادارة الاوقاف بعد موافقة مقام الوزارة على هذه الفكرة, ويشير الى ان المسجد هو النواة الاولى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين والصحابة الكرام وتابعيهم باحسان ومنه تبدأ التعاليم والاحكام والخطب والدروس والاجتماعات والمشاورات والتوجيهات وكل ما يهم الامة من المصالح والخيرات ودفع الشرور عنها والمكروهات. الاهتمام المتزايد من جانبه اضاف الشيخ محمد بن علي بن يحيى التمني امام جامع ابي حنيفة بنجران قائلا : من المعلوم ان دور المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والصحابة - رضوان الله عليهم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين - لم يقتصر على اداء الصلوات الخمس فحسب، بل كان مدرسة ومقرا للشورى والفتيا، وتنطلق منه الجيوش الاسلامية ويتخرج منه اهل العلم الشرعي وحفظة القرآن الكريم ولا يمكن ان نعيد للمسجد دوره في العهد السابق الا بالتعاون المستمر والمثمر بين الوزارة ومنسوبيها، وانتهاز الفرصة للائمة والخطباء المتاحة لهم من قبل الوزارة في تفعيل دور المسجد سواء كان في الحي او في غيره. وقال فضيلته : وبالنسبة للامام المعين فانه اذا كان متخرجا في العلوم الشرعية ولديه معرفة والمام بكثير من الاحكام الشرعية فانه يستفاد منه في موقعه، وسيكون الامام في المسجد مرجعا للناس في امور دينهم ودنياهم، ومحل ثقة الناس لدرجة انه قد يعطى من قبل اصحاب الظروف الخاصة بعض الاسرار الاسرية الخاصة لكون ذلك الشخص يطلب من فضيلة امام المسجد مساعدة له في حل مشكلته التي يعانيها لان الامام محل الثقة عند الناس. واشار فضيلته الى انه لاشك في ان الاهتمام المتزايد للعناية بالمساجد من قبل الوزارة وعلى رأس المسؤولين فيها معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ - وفقه الله وحفظه ووفقه لخدمة بيوت الله - ، فمن التوجيهات التي وصلت للائمة قراءة الكتب النافعة المعروفة على المصلين في المساجد، حتى تعم الفائدة من كتب التوحيد، والحديث، والفقه، والسيرة النبوية، وكذلك تمديد الاعلان عن الدروس العلمية الشرعية في المساجد، وهذا مما يساعد ان يعود المسجد الى سابق عهده كما كان في عهد السلف الصالح - رضي الله عنهم -. الدروس الخاصة واكد فضيلة الشيخ عبدالله بن علي الاحمري امام وخطيب جامع علي بن ابي طالب بنجران أنه لا يعاد المسجد الى سابق عهده الا عن طريق الاخلاص ممن هم اهل لذلك، فالامام مسؤول عن هؤلاء المصلين وواجب عليه توعيتهم لكل امر يصلح حالهم كذلك الداعية عليه نفس العبء فلا يحصل ذلك الا باخلاص بعد اخلاص، حتى يرتقي ذلك المعلم الى الحد من الايمان الذي وصل اليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها يحصل في المسجد الصلوات الخمس ويكون مدرسة خاصة من مدرسي حلق تعليم القرآن الكريم فهو والله الذي يقوم بالدور الاكبر. وبين فضيلته ان المسجد له دور كبير في حياة المجتمع المسلم، وتغيير سير حياتهم الى كل خير والصد عن نشر الفساد، واشغالهم بما ينفعهم بدلا مما يسوؤهم لاسيما ونحن في عصر تلاطمت فيه الفتن بشتى انواعها - والعياذ بالله - ايضا لا تحصل تربية الناشئة الا عن طريق الاب والام وتفعيل الامام لهذه التربية باقامة دروس خاصة يبين فيها الامام مدى تأثير الوالدين على ابنائهما من جميع النواحي فبهذا يحصل المراد، ويصبح الجامع والمسجد والمصلى منطلقا للتعليم والتربية والنبوغ في جميع مجالات العلوم. برنامج ثقافي وفي نفس السياق اكد فضيلة الشيخ حامد بن محمد السبيعي امام مسجد الهاجري بالخرمة اهمية تهيئة المساجد بجميع الاحتياجات ، من الاثاث ، ومكبرات الصوت، والمكتبة، ووضع برنامج ثقافي مثل : المحاضرات , الدروس، والندوات، وكذلك وضع مقر بجانب المسجد، ليتجمع اهل الحي فيه في ايام الاعياد، ورمضان وغيرها. العناية بخطبة الجمعة اما فضيلة الشيخ حامد بن يعقوب الفريح امام جامع الخلف بمدينة الدمام بالمنطقة الشرقية فأبان انه لاعادة المسجد الى سابق عهده ودوره في حياة المجتمع المسلم فلابد من العناية بخطبة الجمعة، ومخاطبة الناس بما يفهمونه، والعناية باختيار الائمة والخطباء، ووضع اسس واضحة لاختيار الامام والخطيب، ولابد ان تكون هناك رقابة مستمرة من قبل الوزارة على الائمة والخطباء من حيث اداء دورهم بالشكل المطلوب، على ان يكون هناك تقويم دوري للائمة والخطباء من خلال المصلين، والمراقب، والامام والخطيب نفسه. لجنة من المصلين من جهة اخرى، ركز الشيخ حبيب نافع المغربي امام جامع خادم الحرمين الشريفين بمحافظة خليص بمكة المكرمة على انه لا يمكن ان نعيد المسجد الى سابق عهده في التربية والتعليم وخدمة المجتمع، حتى تتم العناية وتأهيل وتدريب القائمين على ادارة المساجد وخدمتها سواء كانوا موظفين في الجهات المعنية بالمساجد، او ائمة او مؤذنين او عاملين، وتشكيل لجنة من المصلين واهل الحي الموجود فيه المسجد للاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم للنهوض والعناية بالمسجد في جميع النواحي التربوية والتعليمية والاجتماعية وذلك اسوة باللجان الاهلية التي يشكلها كثير من مؤسسات المجتمع التربوية والتعليمية والاجتماعية في بلادنا، وكذلك تشجيع الجامعات ومراكز البحوث على الاستمرار في اجراء الدراسات العلمية المقننة والموضوعية حول دور المسجد في المجتمع وآلية تفعيله.