أمير الرياض يطلع على أعمال محكمة الاستئناف.. ويعزي ابن لبده    تحالف النمو بين الرياض وواشنطن.. استثمارات ضخمة وعوائد متبادلة    ولي العهد ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية يوقعان اتفاقية الدفاع الإستراتيجية بين البلدين    الزيارة التاريخية من المؤسس إلى ولي العهد    الرئيس الأمريكي يستقبل ولي العهد في البيت الأبيض ويرأسان القمة السعودية الأمريكية    ولي العهد والرئيس الأميركي يعقدان قمة في البيت الأبيض    جلوي بن عبدالعزيز يشيد بجهود تحقيق الأمن المائي    «الكشافة» تعزز أهدافها التربوية والمجتمعية في أبوظبي    نحو تفعيل منصة صوت المواطن    المبتعثون.. القوة الدبلوماسية الناعمة    نظرية داروين وعلاقتها بأزلية العالم    الترجمة في السياق الديني بين مصطلحات الشرع والفلسفة    أمير الشرقية يرعى احتفال جامعة الأمير محمد بن فهد بتخريج دفعة عام 2024–2025    الزميل آل هطلاء عضواً بمجلس إدارة جمعية سفراء التراث    الأسهم الآسيوية تتراجع لأدنى مستوياتها في شهر مع قلق تقييمات التكنولوجيا    النفط يتراجع مع انحسار مخاوف الإمدادات وتقييم تأثير العقوبات    الفيفا يوقف 7 لاعبين مجنسين من المنتخب الماليزي    العزلة الرقمية    مبادرات تطوعية مبتكرة بالمدينة المنورة    ماستان نادرتان بوزن ضخم    ظل بشري أمام الشمس    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تعقدُ لقاءً عاماً مع اللجان العاملة في الميدان ومنظِّمي البطولات    أدوية معروفة تحارب ألزهايمر    استخراج حصوة تزن كلغ من رجل    نستله تضيف السكر للسيريلاك    15% نمو تسجيل العلامات التجارية    المشترون يدفعون 7% زيادة لأسعار المنازل المستدامة    «الأصقع».. مشهد نادر في «حَرَّة لونير»    كيف تعزز حضورك الرقمي؟ (3 - 4)    «الأخضر» يخسر تجربة الجزائر ويكرم «الأسطورة» سالم    إنفيديا ومايكروسوفت تستثمران 15 مليار دولار في «أنثروبيك»    نائب أمير الرياض يطلق مشروعي تطوير أدلة الإجراءات وجدول الصلاحيات ضمن الخطة الإستراتيجية للإمارة    العلاقات السعودية الأمريكية.. 92 عاما من الرؤى المتقاربة والمصالح المشتركة    العراق تتفوق على الإمارات ويتأهل إلى الملحق العالمي ل كأس العالم 2026    اتفاق دفاعي وشراكة واستثمارات سعودية أمريكية في كافة المجالات    إقرار أممي لخطة ترمب ومخاوف من انفلات أمني في قطاع غزة    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من ملك البحرين    الأستاذ أحمد السبعي يقدّم درسًا عمليًا لطلاب الصف الخامس حول الطريقة الصحيحة لأداء الصلاة    أمين الطائف يوقع عقد خصخصة رقابة الحفريات ضمن فعاليات معرض سيتي سكيب العالمي    أمير تبوك يرعى حفل تخريج 372 متدربًا من برامج البورد السعودي والدبلومات الصحية    مبادرة "ارسم بسمة على المرضى" تضيء أيام المرضى بالمستشفى المدني بخميس مشيط    نائب أمير القصيم يطّلع على أبرز الجهود الميدانية والتوعوية لهيئة الأمر بالمعروف في موسم الحج العام الماضي    مجلس الوزراء: زيارة ولي العهد لأمريكا تأتي لتعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية    أمير تبوك يستقبل سفير جمهورية بولندا لدى المملكة    حسن الظن بالله أساس الطمأنينة    ولي العهد يبدأ زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة.. تعزيز الشراكة بين الرياض وواشنطن بمختلف المجالات    إثراء يعيد رسم المشهد الإبداعي بالسعودية    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم سحر    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. هيئة التخصصات الصحية تحتفي بتخريج (12.591) خريجًا وخريجة في ديسمبر المقبل    الجيش السوداني يدخل «بارا» و«أم سيالة»    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    استهداف عنصر من حزب الله في المنصوري.. إسرائيل تواصل الاغتيالات في لبنان    رفع الشكر والتقدير للقيادة.. الحقيل: 161 مليار ريال صفقات أولية في سيتي سكيب    ضمن فعاليات موسم الرياض 2025.. مشاركة قياسية في بطولة السعودية الدولية للجولف    الزهري الخلقي في أمريكا    «التخصصي» يعيد بناء شريان أورطي بطُعم من «قلب البقر»    ورحل صاحب صنائع المعروف    برعاية سمو محافظ الطائف افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صندوق عالمي للتضامن، لماذا؟ (2/2)
رأي
نشر في اليوم يوم 01 - 01 - 2003

شدّد تقرير الأمم المتحدة حول الفقر في العالم لسنة 2000 على وجود أوضاع خطيرة في مناطق عديدة من العالم تضاعفت فيها نسب الفقر حيث سجّل ارتفاعا تراوح بين 1 و3% سنويا خلال العشرية الماضية منها على سبيل المثال الهند حيث مرّ عدد الفقراء من 277 مليون إلى 335 مليون والباكستان والنيبال حيث ارتفع عدد الفقراء على التوالي من 29 مليون إلى 32 مليون و من 7 إلى 9,8 مليون. كما أشار تقرير سنة 1998 إلى أنّ 12 مليون طفل أعمارهم دون الخمس سنوات يموتون سنويا نتيجة لتفشّي الفقر في بلدانهم و30 % من الأطفال في البلدان النامية يعانون من حالة سوء التغذية.
وفي تقريره حول نشاط منظمة الأمم المتحدة، بين كوفي عنان، الأمين العام، أن أكثر من مليار و200 مليون شخص يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، و3 مليارات من البشر يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، وقرابة مليار من الكهول، معظمهم من النساء، هم أميون، كما يشكو 830 مليون شخصا من سوء التغذية، ويفتقد 750 مليون شخصا إلى المسكن اللائق.
وجاء في تقرير المنظمة العالمية للصحة في يونيو/حزيران 2000، أن 32 دولة - يوجد أغلبها في إفريقيا - لا يتعدى معدّل أمل الحياة في صحّة جيّدة فيها ال 40 سنة وهو في تراجع مستمر منذ عشر سنوات بل أن هذا المعدّل يصل في رواندا إلى 32,8 سنة. ولا يتعدى في بوتسوانا وزمبيا والملاوي والنيجر وسراليون ال 26 سنة.أما بالنسبة لبلدان جنوب الصحراء مجتمعة، فقد تقلّص أمل الحياة فيها بصفة كبيرة خلال العشر سنوات الأخيرة لينزل من 51 سنة إلى 46,3 سنة بالنسبة للنساء، ومن 47,3 سنة إلى 44,8 سنة بالنسبة للرجال. ويصل هذا التراجع في بعض البلدان الواقعة في جنوب القارة الإفريقية إلى 15 أو 20 سنة.
وعلى سبيل المقاربة، فإنّ أمل حياة طفل يولد اليوم في سيراليون ليبقى في صحة جيدة وإلى سن متقدمة أقلّ 3 مرات من طفل يولد في اليابان أو فرنسا.ويشير نفس التقرير إلى حالات سوء التغذية المتفشّية في البلدان الفقيرة وإلى أن إفريقيا تتأخر إلى حد لم تصله البلدان الصناعية منذ العصور الوسطى. وإذ يشير تقرير التنمية البشرية لسنة 2000 إلى أنّ 40 دولة من إفريقيا تحتلّ آخر الترتيب، فإنّ التقرير السنوي للمعهد الدولي للأبحاث حول السلام الصادر بستوكهولم في يونيو/حزيران 2000 قد سجّل حصول نزاعات في 25 دولة، وقع نصفها في إفريقيا. وهي نزاعات أغلبها داخلية ناتجة بالأساس عن التقسيم الاستعماري الأوروبي لإفريقيا علاوة على تنامي نزعة الكراهية والتعصّب التي تغذيها كثرة القوميات واختلافها. وقد ضاعفت هذه الحروب من انتشار الفقر والأوبئة والمجاعة والتهجير الجماعي.
هكذا يبقى القضاء على الفقر من أكبر تحديات الإنسانية في مطلع الألفية الثالثة، رغم المجهودات الدولية التي يبذلها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي جعل من مكافحة الفقر أحد أولويات برامجه. وممّا يزيد هذا التحدّي جسامة عدم تجاوب جل البلدان المتقدّمة مع توصيات قمّة كوبنهاغن الاجتماعية (سنة 1995) الداعية إلى الترفيع في قيمة المساعدة لمكافحة الفقر إلى 7.0 % من ناتجها الداخلي الخام ما عدا أربعة بلدان فقط هي السويد والدنمارك واللكسنبور والنورويج، حيث لم تتجاوز هذه الحصّة إلى حدّ الآن نسبة 22.0% إضافة إلى تفاقم ثقل التداين الخارجي في الأصل وفي خدمات الدين للبلدان الفقيرة.
وحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD)، فإنّ حاجيات المجتمعات النامية لتمكين المواطنين من التمتع بالخدمات الاجتماعية الأساسية كالصحة والماء الصالح للشراب والتعليم الأساسي، تساوي 40 مليار دولار سنويا للفترة المتراوحة ما بين 1995 و2005. وتمثل هذه الاستثمارات 0,2 % من الدخل العالمي، أو 4 % من ممتلكات ال225 ثروة في العالم. كما تقدر بأقل 20 مرة من نفقات التسلّح في العالم التي تتراوح ما بين 690 و800 مليار دولار سنويا حسب التقديرات.
كل هذه الأرقام تبرز أسباب وواقع انخرام التوازنات الداخلية في الكثير من البلدان بسبب تهميشها الذي أدّى إلى إقصاء العديد من الفئات داخلها. فتقدم الإنسانية لا يمكن تحقيقه في حالة حصول قطيعة بين أطراف المجتمع الدولي و تعميق الهوّة بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية.
بوادر الوعي العالمي
يتضح من كلّ ما سبق أن التضامن الدولي يعتبر الوسيلة الأكثر فعالية لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والبلدان ولتأسيس علاقات دولية متوازنة ومتضامنة، خلال الألفية الثالثة، خدمة للاستقرار الدولي ودعما للتنمية البشرية المشتركة فالإنسان يبقى هو القضية المركزية في كل مشروع تنموي.
وفي القمة الاجتماعية الدولية الثانية المنعقدة بجينيف في أواخر يونيو/حزيران 2000، عرض كوفي عنان تقرير موحّد لأكبر أربعة منظّمات عالمية (الأمم المتّحدة، البنك العالمي، صندوق النقد الدولي ومنظّمة التعاون والتنمية الاقتصادية) يقترح فيه سبعة أهداف للإقلاع التنموي وذلك خاصّة بزيادة وتحسين عبور المنتوجات والخدمات التابعة للبلدان ذات الاقتصاد النامي إلى الأسواق الدولية لمساعدتها على النهوض وتحسين مردودية اقتصادياتها.
وانعقدت ببرلين في جوان 2000 قمة أطلق عليها اسم " قمة القيادة الحديثة في القرن 21" "Confژrence de la gouvernance moderne au 21ژme si?cle" جمعت عددا من الدول الكبرى، وخصصَت لتدارس التحديات التي طرحتها العولمة، حيث دعا 14 رئيس دولة وحكومة تنتمي إلى يسار الوسط إلى البحث عن "طريق جديد للتقدم" "un nouveau chemin de progr?s" للتوفيق بين العولمة والتقدم الاجتماعي. وحول آثار العولمة على البلدان الفقيرة، اعترف هؤلاء بوجود عدد أكبر من الخاسرين في العولمة، واقترحوا إنشاء "ميثاق اجتماعي عالمي جديد" "Un nouveau pacte social international"، تتحمل الدول الصناعية من خلاله مسؤولياتها لمعالجة الأوضاع السائدة في تلك البلدان الفقيرة بما يخفف من الحالات المأساوية داخلها، كما أكدوا أن للدول المتقدمة دورا سيجب عليها الاضطلاع به نحو الدول النامية لمواجهة الفقر والمجاعة. ومن ناحية أخرى، فقد دعا رؤساء العديد من الدول النامية المجتمعين يومي 19 و20 يونيو/حزيران 2000 بالقاهرة في إطار "مجموعة 15" لتدارس الأوضاع التنموية بأقطارهم، إلى ضرورة إقامة نظام عالمي جديد أكثر إنصافا يقوم على الديمقراطية وعلى التوزيع الأعدل للخيرات مشيرين في نفس السياق إلى أنّ انخفاض معدّل النموّ في البلدان النامية من 6 % إلى 2% منذ سنة 1997 يمثّل مؤشّرا سلبيا يعكس محدودية نظرية دعاة اللاحدود واللاضوابط. وتعتبر كلّ هذه التحرّكات والمواقف تعبيرا إضافيا لما ينتاب العديد من الأوساط العالمية من خوف من تأثيرات العولمة وما أفرزته بعد من فوارق مشطّة بين العديد من الدول وبين الفئات الاجتماعية. إنّ العولمة وإن تبدو منذرة بكل المخاطر والمنزلقات، فهي واعدة ومبشرة بكثير من المنافع والخيرات. وسوف تكون العولمة على تلك الصورة أو هذه بحسب قدرة المجتمعات على وضع الضوابط الكفيلة بترشيد صيرورتها وبمدى توضيح مقاصدها لتكون أداة لإعادة الأمن إلى النفوس وإحلال السلام وتحقيق الرقي الاجتماعي وتحسين نوعية الحياة لا أداة للإقصاء والهيمنة والتفقير. فالإنسانية عرفت دائما كيف تتجاوز الأزمات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.