تمتاز المنطقة الشرقية بتراث تعدد بتعدد المدن والحرف فيها بالاضافة الى اهميتها كمنطقة استثمارية وتجارية وزراعية وشهدت المنطقة قفزات تطويرية متوالية كانت ذروتها منذ تعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد اميرا لها ولايختلف اثنان على اهمية المنطقة التاريخية والتجارية ولهذا اتت دعوات عديدة لانشاء هيئة تطوير للحفاظ على هذه المدخرات والتخطيط المدروس للاستفادة من هذه القدرات.. مع الاخذ في الاعتبار التوسع العمراني والسكاني الذي تشهده المنطقة.. (اليوم) طرحت هذا الاقتراح في ندوة شارك فيها عدد من المختصين لاهمية الفكرة فكانت الندوة: الهيئة ضرورة ملحة @ اليوم: ما رؤيتكم فيما طرح مؤخرا حول انشاء هيئة تطوير المنطقة الشرقية؟ * البابطين: أصبحت الهيئة في الوقت الراهن ضرورية وملحة ولابد ان تؤخذ بجدية مطلقة وذلك لما تتميز به المنطقة الشرقية من وضع خاص جغرافيا واقتصاديا واستثماريا واجتماعيا. فالمنطقة تطل على الخليج العربي ودوله المتعددة وفيها شركات ضخمة كثيرة العدد منها ارامكو وسابك. اضافة الى ما ذكرت يوجد موروث تاريخي يضع المنطقة الشرقية كمنطقة استثمارية اولى بالبلاد في عصرها الحاضر. وما دامت المنطقة لديها كل هذا التميز فان تطويرها يعد من اوجب الواجبات ويظل إنشاء هيئة لهذا الغرض اولوية تتضاءل امامها كل الاولويات. كما ان وجود سمو الأمير محمد اميرا للمنطقة قفز بها خطوات الى الامام في كل المرافق بلا استثناء والمنطقة بحاجة الى الحفاظ على مكتسبات هذا العهد الميمون بالشكل المناسب. ولأن المنطقة بها موروث علمي من مظاهره وجود جامعة الملك فهد للبترول والمعادن, ووجود قسم العمران كتخصص من تخصصات جامعة الملك فيصل فان قيام هيئة للمحافظة على هذه الكنوز العلمية امر في غاية الاهمية. وهكذا نرى ان الحاجة الفعلية لقيام الهيئة موجودة وسبل قيامها ايضا موجودة فلم يبق الا التنفيذ. وهناك نقطة تستدعي وقفة وهي عدم النظر الى الهيئة المزمع انشاؤها كجهة تسعى للحصول على ميزانية مستقلة اذ من الممكن ان تكون البداية من خلال الميزانيات الموجودة في الدوائر الحكومية دون ان يمنع ذلك من استقلالها وبهذه المناسبة اذكر انني قبل (17) سنة كنت عضوا في لجنة وزارية ورئيسها الأمير عبدالمحسن بن جلوي - يرحمه الله - اضافة لوزير المالية وامين مدينة الدمام الاسبق. كانت هذه اللجنة تنفذ المشاريع اولا باول ضمن صلاحيات متوافرة لدى اصحاب القرار. والنقطة الثانية هي وجود تكامل بين مدن المنطقة كالدمام والجبيل والاحساء والخفجي وحفر الباطن والقطيف والنعيرية, وهذا التكامل من شأنه تسهيل انشاء الهيئة. هذه بعض الاسس التي رأيت ان بعضها ربما غاب عن الاذهان مما جعل البعض يستصعب قيام هيئة لتطوير المنطقة الشرقية فالأمر ليس بذاك التعقيد مادامت الحاجة موجودة والوسائل متيسرة. تكامل.. وليس قصورا @ السويكت: أضيف الى ما ذكره الاخ عبدالله ان المطالبة بإنشاء الهيئة لا يعني قصورا من اي نوع في عمل مختلف الجهات المختصة بل يعني الدعوة لتكامل مختلف الادارات والمؤسسات الخدمية والارتقاء بمستوى اتخاذ القرار بشيء من التنسيق بين الدوائر للخروج بتوصيات ومقترحات ذات طبيعة مركزية فهناك خطة وخطة مركزية وبينهما فرق. ويوجد الآن تخطيط لكنه ليس خاصا بالمنطقة الشرقية فمثلا عند اعداد تخطيط لاي مرفق بمكة المكرمة نجح نجاحا ساحقا لا نضمن نجاحه بنفس المستوى في المنطقة الشرقية او غيرها. وما ينطبق على العاصمة المقدسة ذات الخصوصية الاسلامية ينطبق على الرياض عاصمة البلاد ذات الثقل السياسي ومن الاهمية بمكان استحداث تخطيط يراعي خصوصية المنطقة الشرقية كما تناوله الاخ عبدالله في الاجابة السابقة. وارى ان وجود سمو الامير محمد ونائبه سمو الأمير سعود بن نايف كسب للمنطقة لان وجودهما وما عرفا به من حب للمنطقة وعمل على تطويرها سيوجد ارضية خصبة للتطوير في وجود هيئة من مهامها تنسيق الاتصال بين الدوائر لحسن استغلال كافة الموارد التي لا تستغل الآن بالطرق المثلى. وخطة هيئة التطوير تأخذ في الحسبان التوسع العمراني والسكاني والمواقع الاستراتيجية التي ينبغي ان تستغل. تطوير العقليات الإدارية @ اليوم: الهيكل الاداري من اهم عناصر الهيئة, ماذا تقولون عنه؟ * البابطين: نجاح اية ادارة مرتبط ارتباطا وثيقا بوجود هيكل اداري جيد والعكس صحيح. والهيكل المناسب هو الذي يتغير حسب ما يستجد في الحياة او بمعنى آخر ارى ان الادارة الجامدة تظل ثابتة تكرر نفسها بينما العالم من حولها يتغير نحو الافضل ومتى ما استمرت الادارة في جمودها فان مصيرها ان تظل في ذيل القائمة. ولابد من خطة رئيسة Master Plan تعتمد على دراسة مفاهيمية للمدينة بكل عناصرها من خدمات عامة وصحة وتعليم وصناعة ومجالات استثمارية.. الخ. ولابد من الوقوف عند التوزيع السكاني مع تحديد نوعية الخدمات المزمع تقديمها. وللهيئة المقدرة على تمييز كل ما ذكرت وانا هنا لا اريد توجيه اتهام محدد لبعض الادارات الحكومية ولكن اعلم من المفروض على كل ادارة وجود تعليمات وانظمة ولوائح داخلية كلها بحاجة الى تحديث لمواكبة المستجدات في كل حقل. ومجرد التفكير في عمل هيكلة جديدة للادارات المعنية يستوجب قيام الهيئة التي نحن بصددها والتي لن يقوم بها بالسرعة المطلوبة الا الهيئة العليا لتطوير المنطقة الشرقية. والهيئة العليا لتطوير المنطقة الشرقية سيكون لديها كامل الصلاحية فيما يتعلق بالامور الادارية والفنية دون ان يعني ذلك ان ننظر الى الهيئة كغطاء حكومي اكبر وذلك لان الهيئة تضم القطاعات الحكومية وغير الحكومية وفق نظرة مستقبلية. اننا الآن - مثلا - مقبلون على تطور اقتصادي جديد من خلال التجارة العالمية وعلينا الاعتراف باننا لا نملك التجربة الكافية ولا الخبرة المعرفية لدخول هيئة عالمية كمنظمة التجارة لذا لابد سلفا من التسلح بالامكانات المادية والقدرة الفنية والهيكلة الادارية. ولاقتناعي بما اوردته في اعترافي هذا اقترحت في احدى المقابلات تطوير عقلية الموظفين الذين هم على رأس العمل في شتى الادارات ليس في المنطقة فحسب بل في الدولة كلها بدءا بمن لهم علاقة مباشرة بالخدمات. كيف يكون تطوير عقلية الموظفين؟ عن طريق التدريب الخارجي واعني التدريب لدى من سبقونا في تطبيق التجارة العالمية كما خطط لها. لذا فان الحديث عن هيكلة الهيئة يتطلب ان تكون وفق معايير مدروسة تتميز بها المنطقة الشرقية عن مثيلاتها بالمملكة. وعلينا في المنطقة ان نقر هذا التميز ونثبته. تجربة تطوير الرياض @ اليوم: الاستفادة من الخبرات المحلية داخل المملكة؟ * البابطين: المطلع على منجزات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وتوجهات الأمير سلمان التي كانت اساسا لها يجد نفسه امام تجربة جديرة بان يقتدى بها كتجربة محلية دون الاستغناء عن تجارب الآخرين خارج البلاد. ولاننا لن نستغني عن اللجان الموجودة داخل المملكة ولا عن خبراتها فلابد من الاتصال بها والوقوف على منجزاتها مع مراعاة خصوصية المنطقة الشرقية كرائدة صناعة في المقام الاول بحكم تفجر حقول النفط في اراضيها ومن هذا المنطلق علينا ان نأخذ من خبرات من سبقونا ما يلائم المنطقة كما يحدد المختصون بالمنطقة الشرقية لانهم ادرى بها وهم القادرون على اعطاء التصور الدقيق حسب الأسس والثوابت المتوافرة. والثوابت متوافرة لاننا لن نبدأ من الصفر او المربع الاول فنحن امة لها تاريخها ولها استثماراتها الخاصة التي يمكن ان تكون نواة وأساسا للانطلاق لآفاق أرحب ومجالات أوسع. الرؤية واضحة تماما @ اليوم: هل لرجال أعمال المنطقة الامكانات والقدرات للمساهمة في ايجاد هذه الهيئة؟ * السويكت :رجال الأعمال لديهم القدرة المالية والمعرفية والموارد البشرية للقيام بالأعمال ولكن فريق العمل الواحد لا يقوم بانجاح مشروع او خطة والشواهد على ذلك كثيرة. عندما تسلم سمو الأمير محمد بن فهد مقاليد منصبه كأمير للشرقية بدأت نقطة تحول جوهرية استندت على الرؤية الواضحة لحاجة المنطقة للتنمية ثم متطلبات المواطن, ووضوح الرؤية عندما تحقق نقلنا الى الخطوة التي تليه وأعني تكامل الخدمات بالتنسيق بين الجهات ذات الصلة. وهنا اعتقد ان وجود هيئة عليا لتطوير المنطقة رؤية ثاقبة لكنها تفتقر للتنسيق ليتحقق المنشود, ما دام الهدف واضحا لم يبق إلا التنسيق بين الجهات لتحويل الأهداف الى واقع عبر وسائل وخطوات واضحة المعالم. فمثلا نقل مبنى قائم في مكان ما الى مكان آخر هدفه واضح وهو فك الزحام والاختناق إلا ان تنفيذ النقل بحاجة الى موافقة البلدية وتأمين شارع وتزويد الشارع بوسائل سلامة و.. الخ. وكل هذه العناصر بحاجة لتنسيق بين الجهات التي ستنفذ من بلدية, وتخطيط عمراني, ودفاع مدني, ووزارة الزراعة والمياه, وغيرها, من يفعل هذه الأمور؟ يفعلها سمو الأمير محمد بن فهد قائد هيئة تطوير المنطقة الشرقية الذي بحكمته الإدارية ودرايته يعطي الصلاحيات. الموضوع برمته ليس مالا ولا ميزانية ترصد ومبالغ تصرف بل رؤية واضحة للاستفادة القصوى من الموارد المتاحة. التقصير ليس عيبا! @اليوم: ما رؤيتكم للهيئة ودورها وما هو مأمول منها؟ البابطين: مهمة الهيئة العليا لن تنحصر في تقديم الخدمات اليومية التي يحتاجها الناس كما يتوقع الكثيرون بل هي هيئة قرار وتطوير شامل وصلاحية نافذة وتحديث لكل ما هو قديم من الأنظمة. وأقولها صريحة من الآن لن تنجح الأنظمة الحكومية ولا الخاصة اذا تجمدت وابتعدت عن التطوير والتحديث. لا بد للإدارات ان تتمتع بنظرة مستقبلية تتجاوز الموجود الى ما ينبغي ان يكون دون الخروج بأية صورة عن اعرافنا وتقاليدنا وعاداتنا التي نشأنا عليها وتوارثناها جيلا عن جيل. وعلى عاتق الهيئة مسؤولية استحداث كل ما هو صالح لهذه البلاد التي أنعم الله عليها بخيرات كثيرة أبرزها تطبيق قيادتنا الحكيمة لشرع الله في كل تعاملاتها. ولان التوجيه الإسلامي يدعونا دائما الى التحديث والتطوير (سيروا في الأرض فانظروا) فان تحديث كل الموجود يجب ان يكون مستمرا ولا يتوقف. لدينا أنظمة إدارية ومالية بحاجة للتغيير والتبديل لوجود قصور فيها وليس هذا عيبا لان الإدارة منتج بشري لا يعيبه وجود القصور الذي هو صفة بشرية ولكن العيب الحقيقي ان يستمر القصور بعد ان أصبح معروفا وظاهرا. مثلا في الغرفة التجارية أنظمة صادرة منذ عشرين سنة وليس عيبا ان تظهر خلال هذه الفترة ثغرات وفجوات من الممكن سدها بتعديل الأنظمة وتحديثها لتواكب مستجدات العصر. اذن تطوير الفكر والعقل والرؤية أمر مطلوب في كل حين وفي كل مرفق ولا يستثنى من هذا قطاع خاص او عام.ان القطاع الخاص في المنطقة الشرقية له نظرته الخاصة وله تطلعاته التي ينبغي ان تؤخذ بعين الاعتبار. وظروف المنطقة تحتم علينا ان نكون بعقلية تجارية استثمارية متفتحة. فمثلا معظم رجال الأعمال بالمنطقة كانوا من العاملين السابقين بشركة أرامكو فماذا استفادوا؟ يرى البعض انهم استفادوا ماديا بحكم المرتبات والامتيازات العالية ولكني بعكس هذه النظرة القاصرة أرى انهم استفادوا فائدة أخرى أكبر وهي تطور التفكير لديهم وانفتاح عقلياتهم لاستيعاب واستيلاد مفردات جديدة في التجارة والاستثمار. هذه العقلية ينبغي ان تسود. ومساهمة رجال الأعمال في تطوير المنطقة لا ينبغي ان تقف عند حد المساهمة المالية, هذه نظرة ضيقة جدا, والمساهمة المطلوبة ينبغي ان تكون وفق معايير استثمارية تحكم الكل وتخدم الجميع. مغلق من كل الجهات! @اليوم: خصوصية المنطقة, وجود الشركات الضخمة, الموروث الثقافي, النهضة الصناعية وغير ذلك من الأسس كيف تتصورون انتظامها في الهيئة؟ السويكت: انتهينا من مرحلة الثورة الانتقالية وأنشأنا البنى التحتية فدعونا نتساءل: ما الخطوة القادمة؟ من وجهة نظري أرى انها تحديث الأنظمة التي عفى عليها الزمن لانها قيود تكبل رجال الاعمال وتقتل الإبداع لدى بعض مسؤولي الدوائر الحكومية. ان الهيئة العليا برئاسة سمو أمير المنطقة بصلاحياتها الكاملة ستحرر رجال الاعمال من القيود التي كبلتهم, لذا سينطلقون حاملين رؤاهم وتصوراتهم وواضعين الخطط لتفعيلها مدركين أهدافها وغاياتها, ولرجال أعمال المنطقة إبداعات ولمسات لا تخفى على أحد, وأتصور ان كل الطاقات المهدرة والامكانات المعطلة ستنهض من سباتها وتؤدي دورها فتنتعش المنطقة ويلمس المواطن كل ذلك. وأعود مرة اخرى لتطوير العقلية الإدارية وأضرب مثلا متداولا وهو ان اطفاء الحريق اذا اشتعل يعد عملا مفيدا ونافعا وجميلا ومطلوبا لكن الأفضل منه الحيلولة دون اشتعاله من الأصل وذلك بالتركيز على وسائل السلامة. هذا المثال يوضح ما نحن بحاجة اليه.. نحن بحاجة لوضع الخطط السليمة المؤدية للهدف لا انتظار المشاكل حتى تحدث لنفكر في الحلول وكل مدير في أي موقع بحاجة لان يفكر بهذه العقلية وقديما قالوا (توقي الداء خير من علاج). في أرامكو مثلا غرفة مغلقة تسمى (خزان التفكير) كل ما فيها مهيأ للجلوس وتلاقح الأفكار ولا يخرج المجتمعون من هذا الخزان إلا بتفكير سليم. لماذا لا نحذو حذو أرامكو؟ ان التفكير السليم مطلوب قبل اتخاذ القرار النهائي, مثلا في احدى مناطق الدمام الرئيسية والمهمة تم اغلاق الشوارع من ثلاثة اتجاهات. @ من الذي اتخذ هذا القرار؟ @ ما ذنب المحصورين بين الشوارع المغلقة؟ @ كم تخسر مؤسسة اغلقت الشوارع المؤدية اليها؟ هذا مثال واحد والأمثلة كثيرة وعلى من يريد اتخاذ أي قرار ان ينظر اليه من كل جوانبه حتى لا يضار احد او يتم التنفيذ بأقل الخسائر وأهونها. في بعض الدول العربية والخليجية اذا تقدمت بنشاط تجاري او استثماري تزودك الجهات بخطة السنوات الثلاثين القادمة لتتخذ قرارك باطمئنان وتتحرك بخطوات محسوبة أليس هذا أفضل من افتتاح منشأة ثم اغلاق كل الطرق المؤدية اليها بعد عام او عامين؟ اعداد دراسة مفاهيمية @ اليوم: بعض اجراءاتنا فيها تعقيد إداري كيف ستتعامل الهيئة معها؟ * البابطين : أول عمل للهيئة سيكون اعداد دراسة مفاهيمية تحدد احتياج المنطقة الشرقية بدقة متناهية ولسنوات طويلة قادمة من خلال وضع تصور عام للمنطقة جغرافيا وبشريا وذلك بالاجابة الموثقة لسؤال واحد: ما الموجود وما المطلوب؟ والموجود يشمل الفني والتنفيذي والخدمي اما المطلوب فيعني الاحتياج المستقبلي المرحلي. اذن لابد من خطة ووسائل تنفيذ واجراءات عمل مع مدة زمنية محددة وفي كل الخطوات يجب التأكد من سلامة أي اجراء يلي ذلك الاستفادة من الخطة الموضوعة بكل جزئياتها. وكل هذه المراحل ينبغي ان تكون موجودة في الهيئة. اما التكامل في التخطيط فليس المقصود به التنسيق في الخدمات فقط بل في الأسلوب الإداري والتنظيمي والاجراءات المختلفة. في الهيئة لجان ومختصون مهمتهم تسهيل الاجراءات فالنموذج الذي يتطلب تعبئته وقتا أطول كونه يتكون من ست صفحات يمكن اختزاله في صفحة واحدة بالتركيز على المعلومات المهمة واسقاط ما عداها. واني اتساءل: لماذا الاصرار على الأوراق ونماذج الاحالة التي لا حصر لها؟ ألا يكفي الحاسوب والانترنت والبريد الاليكتروني؟ ان هذه الوسائط الحديثة توليها المملكة جل اهتمامها فلماذا لا يستفاد منها كما ينبغي؟ هنا يأتي دور الهيئة التي سوف توظف العقلية التجارية المستنيرة والعقلية الحكومية المتميزة لتحديث الأنظمة والتحديث لا يعني بالضرورة الإلغاء بل يعني التطوير. الإدارات الموجودة لن تلغى ولن تستبدل ولكن سيتم نفض الشوائب عنها لتكون أكثر لمعانا وتوهجا. فالهيئة من هذه الزاوية لها دور تثقيفي وليست هيئة خدمات فقط. هناك استثمارات بالمليارات في بلادنا فكيف يطمئن المستثمرون على استثماراتهم في ظل بعض الأنظمة الجامدة التي تعد من معوقات الاستثمار؟ ان سلبيات جمود الأنظمة لا تخفى على أحد ففي الوقت الذي يفترض السعي فيه لاستقطاب رأس المال الأجنبي للاستثمار في بلادنا نفاجأ بهروب رأس المال الوطني المحلي لوجود تعقيدات إدارية وأنظمة روتينية بيروقراطية جامدة, والحل يكمن في الهيئة العليا للتطوير بصلاحياتها ومرونتها وتطلعاتها, ويجب ان تكون لدينا هيئة تحافظ على الاستثمارات بتبسيط الاجراءات. أخطاء ليست مقصودة السويكت : الهيئة العليا شاملة حيث تقوم بدراسة الماضي وتدارك اخطائه مع دراسة الحاضر وتوقعاته ولن تخرج هذه الكنوز إلا بعمل الدراسة المفاهيمية المشار اليها سلفا. وللهيئة عدة لجان لمناقشة عدة أمور من بينها الأنظمة, النماذج, التسهيلات التي يريدها المستثمر وطالب الخدمة, ومن الغريب اننا لا نجد من يقبل او يرضى بالروتين الموجود في بعض الاجراءات الحكومية. ويجب ان نعترف بوجود أخطاء قد لا تكون الأخطاء مقصودة في ذاتها ولكنها جزء من روتين اعتاد عليه الكل رضوا ام أبو لدرجة ان المسؤول نفسه لا يفكر في تغييره وكأنه لزام عليه. رئيس الدائرة او الإدارة او المدير او رئيس القسم يرى ضرورة السير بموجب نموذج معين بصورة آلية فما الذي يضر اذا تم تعديل هذا النموذج لنموذج أفضل يجعل العمل أكثر مرونة وانسيابية دون ان يفقد الاجراء من جوهره شيئا؟ هناك اجراءات ومعاملات وتقسيمات لاضرورة لها بل يجب اسقاطها والغاؤها سواء في الاستثمار الاقتصادي أو اداء الخدمة أو الاتصالات أو التخطيط.. الخ. لماذا نضحك على انفسنا ونؤكد وجود تنسيق بين الجهات الحكومية ونحن نعلم ان هذا التنسيق ليس موجودا؟ انا احد المسؤولين واعترف بعدم وجود تنسيق. وانا في موقع المسؤولية يوما ما لم اكن انسق مع احد لاني ان نسقت لاخرت اعتماد مشاريع بمقدار 12 مليار ريال!! التنسيق مطلوب وبحاجة لغربلة دقيقة لجميع الانظمة والنماذج المعمول بها في معظم الدوائر الحكومية هذا ان اردنا هيئة عليا مميزة ومتميزة اما ان انتقينا نماذج ومشينا عليها فلن نصل لاية نتيجة ولن يحدث تغيير ذو بال. اضافة إلى النماذج الورقية (المستندات) هناك نماذج بشرية (العاملون) يجب اعادة النظر فيها لاننا بحاجة الى عقليات متفتحة قادرة على استيعاب المفردات الإدارية الحديثة بنظرة مستقبلية وليس هناك ما يمنع الاستفادة من هيئات موجودة في المملكة وخارجها بحكم ان المنطقة الشرقية تطل على الكثير من الدول التي لها مفاهيم اقتصادية. سيارة موديل 60 @ اليوم: ما مدى اهمية التنسيق بينكم وبين الاجهزة الحكومية علما بان بعضها يتهمكم بعدم الالتزام بالتعليمات وتكملة الاوراق المطلوبة؟ * السويكت: الدوائر الحكومية ما وجدت الا لخدمة المواطن لا فرق في ذلك بين الموظف الحكومي وموظف القطاع الخاص وعائل الاسرة. والمرافق الحكومية تسير حتى الآن بانظمة ولوائح وتعليمات يعود تاريخها إلى الثمانينات الهجرية وبعيدة عن ايقاع العصر ومستجداته بعكس بعض الدول العربية الخليجية المجاورة المواكبة لكل جديد فلماذا نظل نحن (محلك سر)؟ وهنا يقفز سؤال, ايهما اولى واجدى: ان اصطدم مع الدوائر الحكومية ام انسق معها؟ المنطق يقول ان التنسيق هو الحل. ويبرز سؤال آخر اكثر الحاحا: كيف؟ والحل في نظري هو التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى. الا ان هذا التخطيط الاستراتيجي يحتاج لتحديث الانظمة لان من غير المعقول الاصرار على عبور صحراء الربع الخالي بسيارة موديل 60!! لابد من ازاحة المعوقات التي نفرت المستثمر وتسببت في زرع نوع من عدم الثقة في نفس المستثمر. لكل ما ذكرت ارى ان وجود هيئة التطوير سيعيد الثقة المفقودة وسأتوقف عند مثال واحد: المساهمات المتعثرة. المساهمات المتعثرة المساهمات المتعثرة مبلغ ضخم جدا بمئات الملايين, معطلة تماما من التسعينات الهجرية ويعود السبب الى اصطدام بعض المشاريع بانظمة الدوائر الحكومية فهل يعقل ان تظل كل هذه المبالغ مجمدة اكثر من ثلاثين سنة؟ لا يمكن! اذن لا حل الا بيد هيئة لديها الصلاحيات للبت والحسم لذا ارى ان الهيئة العليا لتطوير المنطقة الشرقية امامها الكثير وهي قادرة على ذلك واهل لوضع الامور في نصابها. وليت الامر وقف عند حد المساهمات المتعثرة بل هناك موارد معطلة ومعروف ان كل شيء معطل تتضاءل قيمته حتى تنتهي فماذا نحن منتظرون؟ نحن موقنون بان كل مديري الادارات الحكومية مخلصون يحبون بلادهم ولا يضمرون لاحد أو جهة سوءا ولكن البعض منهم بحاجة إلى جرعات تطويرية لتكون عقليته اكثر تفتحا. ومجمل القول وخلاصته اننا لن نوجد جديدا ولن نستغني عن رئيس أو مدير بل سنستفيد من خبرات من سبقونا في الداخل والخارج ونختار ما يناسب المنطقة وظروفها ونعيد ترتيب الامور بحيث تصبح الإدارات اكثر قدرة على المواكبة من خلال برامج التنوير والتطوير.. فالاقتباس والتطوير مطلوبان وممكنان ايضا. ومتى ما فعلنا ذلك نجحنا في جذب الاستثمارات وتطوير الموارد المتاحة حاليا واستغلال الكوادر الوطنية والعقول المبدعة وبحمد الله عندنا عقول مبدعة لكنها للاسف معطلة. هروب 900 مليار ريال @ اليوم: ما ابرز ما نتوقعه من الهيئة العليا لتطوير المنطقة الشرقية؟ * البابطين: كل الدلائل تشير إلى ان المنطقة الشرقية متميزة لذا لابد ان تكون الهيئة متميزة اقتصاديا واستثماريا وسياحيا. ومن ابرز ما نتوقعه من الهيئة بصلاحياتها المخولة انها ستحول دون هروب رأس المال المحلي وكما جاء في الصحف المحلية لدينا 900 مليار ريال سعودي قد تهرب ان لم نوفر لها قنوات استثمارية مطمئنة.. لماذا الهروب؟ لوجود تعقيدات ادارية في الحصول على التراخيص والنماذج والاجراءات والانظمة. كيف نحافظ على ريالنا في بلادنا؟ بتسهيل اجراءات الاستثمار المحلي ليستقر وتشجيع الاستثمار الاجنبي ليأتينا طائعا مختارا وما لم نفعل ذلك فسنفقد الكثير وتتسرب المليارات على مرأى ومسمع منا كسهام تنطلق ولا تعود. الهيئة والسعودة @ اليوم: بعيدا عن الشعارات الهتافية, ماذا ستوفر الهيئة للبلاد في مجال السعودة؟ * البابطين: ستوجد الهيئة مناخا صحيا للسعودة بايجاد توازن بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص كون الهيئة نقطة التقاء للطرفين. ولان الهيئة ستوفر الاستثمار الجيد المطمئن فان الجهة المستثمرة ستتجه للتجاوب مع النداءات الوطنية كالسعودة بتذليل الصعوبات والمعوقات التي تحول دون سعودة مختلف الوظائف كتسهيل اجراءات التوظيف والتعيين واحلال الكوادر الوطنية محل العمالة الوافدة. اعادة الاستثمار @السويكت: نحن نمر الآن بمنعطف مهم ومحك اساسي من مظاهره التقلبات الاقتصادية وما ينتج عنها من تغير جذري في هيكلة اقتصاد العالم ووجود هيئة عليا لتطوير المنطقة في وجود الرجل المناسب والفريق المتناغم وحسن التخطيط كل هذا من شأنه الخروج بقرارات طيبة موضوعة بموجب استراتيجيات بعيدة المدى تخضع للمراجعة أولا بأول. ان المنطقة الشرقية زاخرة بكل شيء ولا تعاني من قصور في الموارد ولا الاستثمارات ولا العمالة السعودية ولا البنية التحتية ولكن الحقيقة المرة هي ان المملكة من اقل الدول في اعادة الاستثمار للبلد بمعنى ان المبالغ التي تغادر بلادنا في العمليات الاستثمارية لا تعود الينا او يعود الينا منها اقل القليل. ومتى ما قامت الهيئة بعملها خير قيام فسيحدث توظيف جيد للكوادر المؤهلة المعطلة حاليا, وستنخفض نسبة الفقر في المجتمع وتتحسن احوال المواطن المعيشية وستتضح امامه الرؤية لسنوات قادمة. كما ان من المتوقع حدوث هبوط في مستوى الجريمة. وكرجل اعمال ارى ان من المهم جدا ان يكون هناك ملجأ اخير عند الاحساس بالابواب مغلقة في وجوه المستثمرين هذا الملجأ هو الهيئة وعلى رأسها سمو الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية ورجل المواقف الصعبة. الخطة الاربعينية @ اليوم: وأنتم على رأس العمل في المصلحة طرحتم خطة لاربعين سنة. هل لنا ان نعرف ابرز ملامحها؟ * البابطين: قمنا بالدراسة عام 1400ه ليمتد مداها حتى عام 1440ه. وكانت البداية تقسيم الشرقية إلى ثماني مناطق جغرافية وعند توزيع الدراسة على الاستشاريين كل في مجال اختصاصه خرجنا بتصور شامل عن كل شيء بالمنطقة, فعلى سبيل المثال توافرت لدينا معلومات دقيقة عن المياه, الآبار, الصرف الصحي, الشبكات, الخزانات, نسب الاستهلاك, التعداد السكاني, نوعية الانابيب, نوعية المضخات, العمر الافتراضي لمختلف الانابيب والمواد المستخدمة, التكاليف, التوقعات المستقبلية, مدى الحاجة, نوعية المشاكل, الاختلافات واوجه التشابه بين المناطق الثماني,.. الخ. وكانت هذه الدراسة المفاهيمية عظيمة الجدوى. لو فكرنا في الهيئة اعداد دراسة مماثلة لغير المياه ستكون الفائدة عامة ولن يستغرق اعداد اية دراسة أكثر من ستة اشهر كما ان من الممكن ان تكون هذه الدراسة مفاهيمية وتنفيذية في نفس الوقت. ومن خلال الدراسة ستتكون رؤية واضحة لاحتياجات المنطقة من كل عناصر الخدمات كالاستثمارات, التعليم, الصحة, التوقعات المستقبلية, الكهرباء, النظافة, الشوارع, التخصيص, ومشاركة المواطن في خدمات الدولة. واقول بصراحة ان المواطن بعيد عن بعض المرافق التي تم أو سيتم تخصيصها بينما المفترض ان يكون المواطن راضيا تمام الرضا ومتعاونا كل التعاون عن اقتناع. عند اعداد دراسات الهيئة العليا لتطوير المنطقة نضع نصب اعيننا رضا المواطن بل سنسعى لكسب رضاه من خلال تفهمه ومن خلال قضائنا على بعض السلبيات الموجودة في بعض الانظمة لاننا ندرك سلفا ان استشارة المواطن في تخصيص بعض المرافق تعني رفضه كما ان تطبيقه عليه وهو رافض من الاساس سيثير اشمئزازه لاحساسه بانه لن يجني من التخصيص الا اعباء ورسوما جديدة. اما الهيئة فستحل هذه الاشكالية من خلال وضعها نيل رضا المواطن هدفا اعلى. المختصر المفيد @ اليوم: على مدى ساعة ونصف الساعة سعدنا برفقتكم الميمونة, دعونا نقدم للقارئ الخلاصة وزبدة الندوة؟ * استحداث هيئة عليا لتطوير المنطقة الشرقية سيحافظ على مكانة المنطقة ومقوماتها وتوجهاتها. * الموروث الاقتصادي والصناعي في المنطقة سبب رئيس في البحث عن البدائل ذات النفع المستمر قبل الدخول في هيئات عالمية كمنظمة التجارة. * من المهم ايجاد فريق عمل قيادي وموجه قادر على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ضمن مفاهيم وتأثيرات ايجابية. * توفر المعلومات الفنية وحداثتها يجعل المنطقة الشرقية ارضا خصبة لابداعات اللجنة العليا. * من اسباب نجاح الهيئة وجود شركتي ارامكو وسابك وجامعتي الملك فهد للبترول والمعادن والملك فيصل فهذه الدعامات الاساسية تعد مقومات هامة لاستمرارية اللجنة ونجاحها. * الهيئة رغبة جميع المواطنين دون استثناء مما يجعل التفاعل والمشاركة اعمق بين المواطن وحكومته الرشيدة. * مسك الختام رعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني لا تخفى على مواطن على مستوى البلاد, اما على مستوى المنطقة فبالاضافة الى هذه الرعاية لدينا أميرنا الهمام محمد بن فهد ونائبه المتوهج سعود بن نايف اللذان يبذلان الجهد كله لتطوير المنطقة ومادام الامر كذلك فان الانجازات ستتوالى بإذن الله بادراك الجميع وتفهمهم لهذه الاهمية. المشاركون في الندوة عبدالله محمد ابابطين مدير عام مصلحة المياه والصرف الصحي بالشرقية سابقا ورئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية راشد عبدالله السويكت رئيس لجنة المساهمات المتعثرة - رجل أعمال التوصيات نعتقد ان الندوة شملت كل ما يدور بذهن الجهات ذات الصلة من مسؤولين ومستثمرين ومهتمين بأمر التطوير في المنطقة وان كان لابد من توصيات كالتقليد المتبع في كل ندوة فاننا نوجزها فيما يلي: @ لولاة الامر في هذه البلاد اهتمام بكل ما من شأنه التطوير. @ لابد من تفكير جماعي يتناسب مع متطلبات المرحلة. @ بعض الانظمة المعمول بها منذ ربع قرن بحاجة لتحديث. @ العنصر النسائي اساسي ولابد من مشاركته في التطوير. @ ضرورة الاستنارة بآراء من سبقونا محليا واقليميا. @ لن يضار من التطوير مدير ولا رئيس ولن يفقد احد وظيفته. @ نحن بحاجة لتخطيط استراتيجي بعيد المدى ولدراسة مفاهيمية. @ رجال الاعمال دعموا برامج التنمية والهيئة بحاجة لآرائهم السديدة. @ للمنطقة الشرقية خصوصية جغرافية وصناعية واقتصادية وثقافية لابد من اخذها في الاعتبار. @ التقصير ليس عيبا ولكن الاستمرار فيه هو عين الخطأ. @ تدني نسبة اعادة الاستثمار مشكلة بحاجة الى حل.