اما وقد وصلت الحرب بين الولاياتالمتحدة وحلفائها وبين العراق الى ما يشبه ذروتها لاسيما بعد ان اضحت القوات الامريكية والبريطانية قريبة من مشارف بغداد فان السؤال الملح الذي يطفو على سطح الاحداث هو: من يتحمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية العراقية المأساوية التي خلفتها الحرب التي لم تنته بعد.. ولاتدري الاطراف المشاركة فيها متى يمكن ان تضع هذه الكارثة اوزارها؟ وحتى اذا قيل اعتمادا على معاهدة جنيف الدولية ان القوى المحتلة هي المسؤولة عن تأمين احتياجات العراق الانسانية, فمن يلزم تلك القوى باحترام تلك المعاهدة او التقيد ببنودها؟ بل من يضمن استمرارية برنامج النفط مقابل الغذاء في اتون هذه الحرب التي لايبدو انها ستكون سريعة وخاطفة كما تكهنت بذلك واشنطن وحلفاؤها؟ فمن تابع مجريات الحرب يعلم ان العراق كان يضخ حوالي مليون برميل يوميا من النفط لقاء حصوله على الغذاء قبل ان تدق الحرب طبولها, وباشراف من الاممالمتحدة, غير ان الضخ توقف بعد اندلاع ألسنة الحرب, فكيف يمكن مواجهة الكوارث الانسانية المحتملة اذا علم ان المصرف الفرنسي الذي اودعت فيه اسعار نفط العراق وفقا لبرنامج النفط مقابل الغذاء لايسعه التصرف في ظروف الحرب المحتدمة باوراق الاعتماد الا بتواقيع معتمدة من الحكومة العراقيةوالاممالمتحدة معا, وهو امر متعذر في ظل تلك الظروف, بما يؤكد ان المأساة الانسانية الفظيعة بسبب نقص الغذاء سوف تقع في العراق لامحالة ان لم تتم معالجة هذه المشكلة بالسرعة المتوخاة, وازاء ذلك فان الاممالمتحدة رغم انفلات زمام الامر من امينها في عدم تمكنه من منع اندلاع ألسنة الحرب مسؤولة عن معالجة هذه الازمة قبل وقوعها, لاسيما ان بوادرها بدأت الظهور في عدد من المدن العراقية في غياب سلسلة من الخدمات الانسانية الضرورية في اعقاب نشوب الحرب, ويبدو ان الدول الكبرى صاحبة العضوية الدائمة بمجلس الأمن والرافضة اصلا لتفاصيل وجزئيات الحرب الدائرة حاليا مسؤولة هي الاخرى بشكل او آخر عن معالجة الازمة الانسانية في العراق قبل استفحالها وخروجها عن نطاق المعالجة.