في الخريف تبدأ حياة جديدة.. في السابق كانت حرارة الصيف تملأ مظاهر الحياة, وتجعلها مملة إلا فيما يتعلق بنضارة الازهار وجمال الطبيعة.. اما الآن وقد حان الخريف.. بدأت الاشجار تبدل ملابسها القديمة بحلة اخرى جديدة, استعدادا لموسم حافل بالبهجة, عندما شعر النمل بتساقط الاوراق بكثرة هذه الايام, احس بأن عليه الاستعداد لموسم الشتاء, فهاهو يجمع ما يتوافر من بقايا الاطعمة وفتات الاكل ويخزنه في مخابئ تحت الارض. اما الطيور, فقد تشاورت فيما بينها في احد الاجتماعات الصباحية, واتفقت على تحديد موعد الهجرة مبكرا هذا العام كي لا يدركهم الشتاء القاسي ببرده, واشار طائر منهم الى ان تكون الهجرة الى جنوب الكرة الارضية لانها اكثر دفئا. وهكذا كان الاستعداد في فصل الخريف لتهيئة مسكن جديد اكثر امانا واذا كان الامر كذلك فالاشجار الضخمة والغابات الكثيفة ستكون هي الملجأ, لانها الاكثر اثارة في الشتاء. اما ذلك النهر القابع في وسط المروج, فقد كانت مياهه باردة, بالرغم من سطوع الشمس عليها بين حين وآخر. لذلك فقد حذر النهر الجاري الاسماك والكائنات التي يحتويها بأن تجد لها بيوتا وزوايا تقبع فيها طيلة الشتاء حتى بداية ربيع جديد. وبالفعل كان هذا الخريف بداية الشتاء جديدا ومختلفا عن الموسم السابق. وفي صباح احد الايام الخريفية, التقى عصفور بنملة, وكان كل منهما يستعد لبدء حياة جديدة. وبينما كان العصفور يلملم بقايا طعام متناثر ليحمله الى عشه للصغار, تساقطت من فمه بضع كسرات من خبز جاف, حينما هم العصفور بالتقاط ما سقط منه, صرخت النملة : (لا .. إنه رزقي!), قال العصفور : (بل أنا من حمله اليك), ركضت النملة الى أقرب جحر, ورفعت ورقة الشجر الساقطة عنده لكي تخبئ كسرة الخبز, لحق بها العصفور, ورأى تحت تلك الورقة دودة صغيرة, (يا لها من وجبة مغذية للصغار) هكذا قال, وهم بالتقاطها بمنقاره, قالت النملة في عجل : (نحن الآن متعادلان, وكل له رزقه) فرح العصفور بالدودة وبكلام النملة, وطار منصرفا. في هذه الأثناء لمحت النملة خنفساء كبيرة, انها تريدها وجبة للغداء, شعرت النملة بالخوف , وقالت : (لابد أنك ستأكلينني؟) أجابت الخنفساء : (هذا رزقي!) قالت النملة (أجل, ولكن انظري خلفك! انه رزقك ايضا!) حينما دارت الخنفساء للخلف, قفز عليها ضفدع من البحيرة المجاورة والتهمها في الحال, قائلا : (هذا رزقي!), قالت النملة : (الآن عرفت, ان هذا الخريف يأتي بالمفاجآت التي ستجعل الشتاء مختلفا هذا العام, والآن ايضا عرفت, انه لا احد يأخذ رزق غيره, وان الحياة تأتي لنا بالافضل دائما). هكذا عاشت النملة خريف هذا العام, وهي ترى من حولها ان الارزاق مقسمة بين الكائنات وان لا احد يستطيع التعدي على رزق غيره, ولهذا فانها تنتظر الشتاء القادم لترى المفاجآت, لكي تعيش حياة جديدة. @@ ربوع الزريع @ من المحرر * أشرنا كثيرا يا ربوع الى موهبتك في الكتابة للاطفال.. وقرأنا لك نصوصا أجود فنيا من هذا النص.. ونود أن يكون هناك تكثيف يطال التفسيرات والوصف والعناصر التي لا تخدم النص.