الصورة تبدو قاتمة ، في احد جوانبها حشود هائلة جرارة من معدات عسكرية فنية متقدمة، ناقلات طائرات وراجمات صواريخ ومدمرات وناقلات جنود، تجوب منطقة الشرق الأوسط من الخليج العربي، والبحر المتوسط والمحيط الهندي، واستعراضات وتدريبات مكثفة ومخيفة تؤذن بشبح الحرب والدمار والخراب الذي يخيم على سكان هذه المنطقة الملتهبة من العالم، وتهديدات صريحة باستخدام الأسلحة النووية لمقابلة أي تهور في استخدام أسلحة الدمار الشامل، ليتحول الإرهاب من إرهاب تنظيمات وأفراد الى إرهاب دول.وفي الجانب الآخر من الصورة مشاعر الغضب الشعبي العارم التي يعبر عنها الملايين في العالم بمظاهرات سلمية ودموية أحيانا، ازاء الحملة الشرسة التي تجهز وتعد لها الإدارة الأمريكية لدق طبول الحرب في الشرق الاوسط وغزو العراق وتقسيم أراضيه وإسقاط نظامه رغم انصياعه لمقررات الشرعية الدولية والتزامه بما قررته الأممالمتحدة من التزامات، وقبوله بالتفتيش بلا شروط او قيود، وتسليمه لملفات برامج التسليح.وفي زاوية اخرى من الصورة الآلة العسكرية الإسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة ترك لها الحبل على الغارب تعربد وتدك وتقتل وتحرق وتبطش وتشرد وتهدم وتدمر، بحجة الدفاع عن النفس وتجاهل عالمي لما يحدث، وتقوم الدنيا ولا تقعد عندما يقدم البعض على تفجير أنفسهم في حافلة جنود او سوق أو مرقص. ولن نستبق الأحداث ولكننا من هذا المنطلق نستشعر ان اقدام الولاياتالمتحدة على ضرب العراق في هذا الظرف العصيب بلا سبب يبرره الآن على الاقل، بعد ظهور العراق بموقف الانصياع والرضوخ التام والالتزام بقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، سوف يكون السقطة والخطيئة الكبرى التي لا ولن تحتملها الحكومات والانظمة بما فيها الدول الكبرى، لأنه اذا حدث فان العراق كنظام لن يكون هو المتضرر الوحيد بل سيجر معه شعوب المنطقة جميعا في خطر التأثر من ويلات حرب لا هوادة فيها، وسينعكس هذا على النظام العالمي كله اقتصاديا وعسكريا، وسيؤدي الى الشعور بالإحباط واليأس نتيجة لفقدان الأممالمتحدة ومجلس الأمن لدورهما في الحفاظ على هيبتهما واحترامهما وحمايتهما للدول المنصاعة لمقرراتهما، وانفراد وهيمنة دولة واحدة على العالم والتأثير عليها، وستبدو في نظر النظام العالمي كالشيخ الهرم الذي يرى أبناءه يتطاحنون ولا يملك القدرة على التأثير او رد الظالم.