النتيجة الكاسحة التي حققها الحزب الجمهوري في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين في الانتخابات النصفية وفرضها للمرة الأولى لحكومة تتسيد البيت الأبيض وجناحي صناعة القرار السياسي الامريكي تمثل في نظري براعة البنتاغون ووزارة العدل وجهاز الأمن القومي في استزراع الخوف في قلوب وعقول الأمريكيين للدرجة التي لم يعد أمامهم من بدائل سياسية او استراتيجية متاحة أفضل مما يعدهم به صقور الإدارة الجمهورية والذين تمكنوا من رسم واقع شيزوفريني لا يملك معه الناخب الأمريكي في ظل بؤس وعجز الديمقراطيين وغياب القيادة النافذة فيه إلا تسليم رقبته لرامسفيلد ومسز رايس والسيد اشكروفت. الناخب الأمريكي مع تدهور اقتصاده وترحيل مزيد من الفائض المالي لموازنات الأمن الداخلي والبنتاغون اقول لم يعد أمام هذا الناخب الأمريكي الذي فقد إيمانه في الكثير من الميراث السياسي الداخلي بعد 11 سبتمبر 2001م وحالة العُصاب التي ضربت رؤوس رموز السياسة الأمريكية والفوضى التي حلت بصناعة القرار وغياب البدائل لدى الديمقراطيين.. ناهيك عن براعة وسائل الإعلام الامريكية في خدمة شعار الحرب على الإرهاب وتسويقه على المواطن الامريكي ومعه رئيس طموح لصناعة اسم يحفر في الذاكرة الامريكية مثل جيفرسون وكنيدي وواشنطن في الوقت الذي يجهل فيه الكثير من اللعبة السياسية ويدفع به متشددو اليمين أمثال تشيني ورامسفيلد وريتشارد بيرل لمنطق الحافة المفرغ تماما من الواقعية في فن الممكن.. انا لا استغرب فعلا ان يكون اختيار رجل الشارع الأمريكي لايديولوجية التشدد هذه والتي تثبت لنا ان الظواهر السياسية من الممكن ان تعيد نفسها حتى وان اختلف الشكل والسياق والتاريخ. منطق القوة واستدراج الآخرين للحرب سبق لأمريكا وان اخذت به في بيرل هاربر في فيتنام والآن افغانستان والإسلام الأصولي والعراق.. السؤال هو متى وكيف يتحرر المواطن الأمريكي من صور الخوف والحرب ومجاهيل الأعداء التي غرست في رأسه منذ 11 سبتمبر؟ أظن عندما تأتي الحرب بفواجع مؤلمة للاقتصاد وللآلة العسكرية والإعلامية التي تركض في كل اتجاه!!