ثورة جديدة في مفهوم اتصال الأجهزة ببعضها البعض تتجاهل الأسلاك والكوابل وتستخدم موجات لاسلكية بدلا منها لنقل البيانات والصوت والصورة أصبح جميع مستخدمي الحاسبات سواء بحاجة يضجرون من غابة الأسلاك التي تحيط بأجهزتهم فجميع الأجهزة الملحقة بالحاسب تتصل بالحاسب بأسلاك كثيرة كالفأرة والطابعة والشاشة. وفي عصر تحكمه الاتصالات اللاسلكية كان يجب التوصل إلى طريقة تربط تلك الأجهزة ببعضها البعض دون استخدام كل تلك الأسلاك التي تجعل التعامل مع الحاسب في بعض الأحيان شيئا مرهقا. وجاءت تقنية بلوتوث لتقود ثورة حقيقية في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية سواء أكانت حاسبات أو تليفونات. فهذه التقنية تأخذك إلى عالم لاسلكي سحري، عالم بدون أسلاك. وبلوتوث هي رقيقة راديو إلكترونية يتم تثبيتها في الحاسب أو التليفون المحمول أو أي جهاز آخر. وتم تصميم تلك الرقيقة خصيصا لكي تحل محل الأسلاك التي تربط بين الأجهزة المختلفة. وتعمل الرقيقة على نقل البيانات بواسطة موجة راديو خاصة تستقبلها رقيقة أخرى مصممة بتقنية بلوتوث مخصصة لاستقبال البيانات التي ستقوم بدورها بإرسال البيانات إلى الجهاز المثبتة به. وتعد تلك هي الفكرة الأساسية التي بدأت بها تقنية بلوتوث، لكن سرعان ما أدرك مطورو التقنية أنه يمكن استخدامه على نطاق أوسع. فإذا كان المستخدم يستطيع باستخدام كارت بلوتوث نقل البيانات من الحاسب إلى الطابعة فلماذا لا يستطيع القيام بنفس المهمة بين الهاتف المحمول والطابعة أو حتى من طابعة إلى طابعة أخرى. ويمكن باستخدام تقنية بلوتوث عمل سماعة للاتصال بالتليفون المحمول لاسلكيا أو للاتصال بين غرفتين في منزل واحد أو لنقل البيانات بين الحاسبات أو التليفونات المحمولة أو حاسبات الجيب. وتعمل العديد من الجهات على تطوير تقنية بلوتوث في جميع أنحاء العالم من بينهم مطورو برمجيات وشركات تصنيع رقائق السيليكون ومصنعي ملحقات الحاسب والأجهزة الإلكترونية المختلفة ومصنعي معدات الاختبار والقياس. وتعود تسمية التقنية الجديدة بلوتوث إلى الملك الدانمركي هيرالد بلوتوث الذي حكم الدانمارك والنرويج في آن واحد لمدة كبيرة في العصور القديمة. وأوحت فكرة حكم بلدين بعيدين عن بعضهما إلى مطوري التقنية باستعارة اسم الملك بلوتوث. البداية والنشأة وولدت تقنية بلوتوث في معامل شركة إريكسون في أواخر التسعينيات. أما الآن فتقوم مجموعة تطلق على نفسها اسم (SIG) بتطوير التقنية ووضع مواصفات ومعايير ثابتة لها. وتضم المجموعة أسماء كبيرة في عالم الاتصالات والتكنولوجيا إلى جانب إريكسون. وتلك الشركات هي نوكيا وإي بي إم وتوشيبا وإنتل وثري كوم وموتورولا ولوسنت ومايكروسوفت. وتضم مجموعة (SIG) بالإضافة إلى تلك الأسماء الكبرى أكثر من 1400 عضو آخر.وتم تشكيل تلك المجموعة في محاولة من الشركات الكبرى العاملة في قطاع التكنولوجيا وضع معايير دولية ثابتة للاتصالات اللاسلكية باستخدام تقنية بلوتوث. نظرة فنية على طريقة العمل وإذا نظرنا سريعا على مكونات أي نظام بلوتوث نجد أنه يتكون من وحدة موجات راديو قصيرة المدى ووحدة ربط ووحدة دعم. ويعمل النظام على تردد لاسلكي يبلغ 2.4 جيجاهرتز. ويصل مدى التردد الى ما بين عشرة ومائة متر. وتعتمد قوة الإرسال على قدرة جهاز الإرسال وهوائي الاستقبال. وتوفر أنظمة بلوتوث نوعين من الاتصالات بين الأجهزة، النوع الأول هو الاتصال من نقطة إلى نقطة (الاتصال بين نقطتين منفصلتين). أما النوع الثاني فهو الاتصال بين نقطة وعدة نقاط. وتشترك أكثر من وحدة بلوتوث في هذا النوع من الاتصال في قناة اتصال واحدة. وتشكل وحدات بلوتوث المشتركة في قناة اتصال واحدة ما يعرف باسم شبكة بيكونت (Piconet). وتتكون شبكة بيكونت (Piconet) من وحدة بلوتوث رئيسية وما بين وحدتين وسبع وحدات بلوتوث فرعية. وإذا كان هناك أكثر من شبكة بيكونت (Piconet) متصلة ببعضها البعض فتكون في هذه الحالة شبكة أكبر تعرف باسم سكاترنت (Scatternet). وتتألف شبكة سكاترنت (ٍScatternet) الواحدة من شبكتين بيكونت (Piconet) وحتى عشر شبكات. مزايا وعيوب ولأن بلوتوث تعتمد في عملها على موجات الراديو المتوافرة في كل أنحاء الدنيا فإنه من المتوقع أن تغزو العالم بسرعة رهيبة. كما أن تلك التقنية اللاسلكية الجديدة غير مكلفة بالمرة، علاوة على أنها توفر وسيلة اتصال لاسلكية آمنة وسريعة في نفس الوقت. ويتوقع عدد كبير من المحللين أن تكون تقنية بلوتوث الأسرع انتشارا في تاريخ البشرية حتى الآن. لكن التجربة العملية هي التي ستحدد صحة مثل تلك التكهنات. وإذا نظرنا إلى الوجه الآخر من العملة لتقنية بلوتوث نجد أنها تواجه بعض أوجه القصور. فالاتصال بين الأجهزة المدعمة بتقنية بلوتوث يجب أن يكون مباشرا، لذلك فهو يتأثر كثيرا بجودة الخدمة التي تقدمها القناة اللاسلكية بين أي جهازين متصلين بنظام بلوتوث. كما أن التقنية اللاسلكية الجديدة لا تتمتع بالمرونة فيما يتعلق بنقل جهاز من شبكة متصلة بنظام بلوتوث إلى شبكة مماثلة.فعلى سبيل المثال إذا قمت بنقل طابعة متصلة بمجموعة من الأجهزة داخل شبكة بيكونت (Piconet) إلى شبكة بيكونت (Piconet) أخرى فإن الطابعة لن تستطيع التواصل مع الشبكة الجديدة. التخلص من الأسلاك تخيل مكتبا كاملا يعمل بتقنية بلوتوث حيث تقوم بكتابة تقاريرك اليومية وتتصفح أهم الأحداث على شبكة الإنترنت وتقرأ بريدك الإلكتروني على حاسبك المزود بفأرة ولوحة مفاتيح لاسلكيتين وتعملان بتقنية بلوتوث. وبعد قراءة الرسائل الإلكترونية الهامة تقوم بطباعتها على الطابعة التي تبعد عن المكتب ثلاثة أمتار دون أن تكون هناك أية أسلاك تصل بينها وبين الحاسب. وأثناء قيامك لأخذ الرسائل الإلكترونية المطبوعة جاءتك مكالمة هامة على تليفونك المحمول فأخرجت من جيب سترتك سماعة بلوتوث وأجبت على المكالمة بالرغم من أن تليفونك موجود على مكتبك وليس في متناول يديك. كل هذا مثال بسيط لما يمكن أن يحدث يوميا في أي مكان تغزوه تقنية بلوتوث. على أرض الواقع ومع بداية ظهور تقنية بلوتوث بدأت العديد من شركات تصنيع الأجهزة الإلكترونية المختلفة في العالم في استغلال التقنية الجديدة لتطوير منتجات لاسلكية جديدة تنهي عصر الأسلاك المتشابكة. وكشفت بعض شركات إنتاج الهواتف المحمولة ومستلزماتها بالفعل عن مجموعة من السماعات تعمل بتقنية بلوتوث. كما بدأت بعض شركات الحاسبات وملحقاتها في طرح فأرات ولوحات مفاتيح لاسلكية تعمل بالتقنية الجديدة. لكن تلك مجرد البداية، فمن المتوقع أن تزود الحاسبات المحمولة والشخصية بنظام بلوتوث لكي تكون قادرة على الاتصال ببعضها البعض. كما يجري العمل على إدخال التقنية اللاسلكية الجديدة في الكاميرات الرقمية وأجهزة الفاكس والتليفونات اللاسلكية. ومن المنتظر أن تحمل اللوحات الرئيسية (Motherboard) للحاسبات بمختلف أنواعها دائرة بلوتوث داخلية. ويمضي بعض مطوري الأجهزة في اتجاه آخر لاستخدام بلوتوث في المعدات الطبية والزراعية والأجهزة الكهربائية الأخرى كالتلفزيون والثلاجات والغسالات. ويتوقع المحللون أن يرتفع عدد الأجهزة التي تعمل بتقنية بلوتوث من 10.4 مليون جهاز إلى 690 مليون جهاز في عام 2006.