غضبت إسرائيل من بريطانيا عندما قامت الأخيرة في يونيو الماضي بحظر المنتجات التي تحمل عبارة صُنع في إسرائيل مثل الفواكه والزهور والخمور والعصائر والخضراوات التي زرعت وعبئت في الأراضي المحتلة من الضفة الغربيةوغزة وهضبة الجولان. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها الحكومة البريطانية قرارا صريحا ينص على التمييز بين إسرائيل والأراضي المحتلة. وبطبيعة الحال، أثارت الإجراءات البريطانية غضب الإسرائيليين ورجال الأعمال اليهود البريطانيين الذين يعتقدون انها جاءت نتيجة حملة فلسطينية شرسة تهدف لمقاطعة إسرائيل. كما ظلت تل أبيب تأمل في ان تنجح خلال اجتماعاتها مع الاتحاد الأوروبي في تجنب فرض مزيد من الجمارك على صادراتها التي تنتجها المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة، والتي تصل قيمتها الى 200 مليون دولار سنويا. وتمنع اتفاقية التجارة الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وضع شعار صُنع في إسرائيل على اي منتجات قادمة من الضفة الغربية او قطاع غزة او القدسالشرقية او مرتفعات الجولان. كما أن الاتحاد الأوروبي يرتبط أيضا باتفاقية تجارية مع السلطة الوطنية الفلسطينية تسمح للصادرات الفلسطينية في الضفة الغربيةوغزة بدخول أوروبا بنفس التعريفات الجمركية المخفضة. ولا تدخل المنتجات التي تصدرها المستوطنات الإسرائيلية، ضمن الاتفاق الموقع بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي منذ عام الفين والذي يمنح اسرائيل تخفيضات واعفاءات جمركية على صادراتها لدول الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل. كما لن تؤثر الجمارك الأوروبية الجديدة سوى على 2 بالمئة فقط من الصادرات الإسرائيلية للدول الأوروبية والتي تقدر ب 7,6 مليار دولار. ورغم أن القضية تبدو في ظاهرها تجارية بحتة، فهي في الواقع تقوم على أساس سياسي واضح، نظرا لتعلقها مباشرة بمسألة عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومن ثم عدم الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية التي تقام عليها. والمعروف أن إسرائيل شيدت أكثر من 100 مستوطنة على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام ،1967 ويسكن هذه المستوطنات نحو 200 ألف مستوطن يهودي. ويتوقع دبلوماسيون بريطانيون وأوروبيون أن يطرح الاتحاد الأوروبي خلال المباحثات مع إسرائيل قضايا اخرى على رأسها قضية الانتهاكات لحقوق الإنسان واصلاح المشروعات الأوروبية في الضفة الغربيةوغزة. وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية الدنماركي بيرشتيج موللر، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، إن إسرائيل يجب ان تخفف القيود التي تفرضها على الفلسطينيين وان تسمح بمرور المساعدات الإنسانية واطقم الإغاثة الى الأراضي المحتلة. وأضاف الوزير الدنماركي أن على اسرائيل ان توقف عملية توسيع مستوطناتها تمشيا مع قرارات الأممالمتحدة. ومن بين القضايا المطروحة ايضا ملايين الدولارات من العائدات الضريبية التي رفضت إسرائيل دفعها للفلسطينيين والتي يطالب الاتحاد الأوروبي الحكومة الإسرائيلية بسداده للسلطة الوطنية الفلسطينية. وكانت المفوضية الأوروبية، وهي المنظمة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قد أبلغت المستوردين في نوفمبر الماضي بأنها ستفرض جمارك كاملة على الواردات القادمة من هذه المناطق. ثم أمهلت المفوضية إسرائيل عشرة أشهر لتسوية القضية، وفي حالة عدم تسويتها سيتحتم على المستوردين الإسرائيليين ان يدفعوا ما قيمته 10 ملايين دولار كرسوم جمركية. غير ان وزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز التقى مؤخرا بوزراء الخارجية الخمسة عشر في دول الاتحاد الأوروبي واقنعهم بتأجيل فرض الجمارك الى حين عقد لقاءات بين اللجان الفنية من الطرفين وبحث الأمر في الأشهر الأولى من العام المقبل . الاتحاد-الامارات