من متقاعد إلى متقاعدين، سبقوه وزاملوه، علموه وعاونوه.من جندي سابق،إلى رفاق سلاح سابقين ولاحقين.من الذي يحمل كلمة (متقاعد)، إلى كل من يشاركه في شرف حملها.يوجه إليهم تحية احترام وتقدير وعرفان؛ احترام لسنوات عمر، تصعب بل تستحيل استعاضتها.وتقدير لجهد، أثروا به مسيرة وطنهم.وعرفان لكل من قدم النفس فداء لدينه ثم مليكه ووطنه.إلى المتقاعدين العسكريين، أوجه تحية وفاء، في يوم الوفاء.لقد كان الاحتفال بيوم المتقاعدين لفتة إنسانية عميقة من سيدي صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وهذا ليس بجديد على سموه الكريم، فالقوات المسلحة بؤرة اهتمامه،ورقيها مركز جهده، وقادتها وأفرادها موئل رعايته. منذ أكثر من 35 عاما، لم أكن أتخيل أنه سيجيء يوم أتقاعد فيه، أخلع الزي المميز، الذي يفرض الانضباط والالتزام على مرتديه، لأصبح ضابطا سابقا. كانت لحظة قاسية على نفسي تلك التي ودعت فيها عمرا من عمل أحببته وأخلصت في أدائه. وكان اليوم الأخير في خدمتي العسكرية من أصعب الأيام التي مرت بي؛ إذ كيف يضع الجندي سلاحا حمله زمنا يناهز ربع قرن؟ كيف يخلع لباسا، طالما ازدان به؟ كيف يبتعد عن رفاق الدرب وزملاء السلاح، الذين قضى معهم أزهر سنوات حياته؟! ولكنها سنة الحياة، فلا شيء دائم إلا وجهه، ولا شيء خالد إلا ملكوته. سنة الحياة، التي تفرض علينا نموذجا ينبغي أن يحتذى، فدروسها وتقلباتها، تعلمنا أن نستغل اللحظات في البناء وليس الهدم، في التقدم وليس التخلف، في النظر إلى الأمام وليس الالتفات إلى الخلف، في التطوير والابداع وليس في الجمود والتراخي، في أن نقول (سنكون) بدلا من قولنا (كنا)، نرسم المستقبل ولا نتحسر على الماضي. والأهم من ذلك أن يكون كل فرد علامة في محيط أسرته وعمله ومجتمعه. لا يغادر إلا بعد أن يؤدي أمانته، وينجز مهمته، ويكمل رسالته. تحية اعتزاز وتقدير للقادة والضباط المتقاعدين، الذين لا تزال بصماتهم واضحة في قواتهم المسلحة، رفعوا الراية بشرف، وسلموها بأمانة. لن أنسى اخلاصهم، ولن أنسى حماسهم، كل على قدر طاقته وجهده. ولن أنسى من نهلت العلم على أياديهم، ومن شرفت بالخدمة تحت قيادتهم، ومن سعدت بالخدمة معهم. وأنتهز الفرصة نفسها، وأوجه تحية اعتزاز وتقدير للقادة والضباط العاملين، الذين تسلموا الراية، فزادوها رفعة، محققين الكفاءة والفاعلية لوحداتهم. أحييهم وأدعوهم إلى بذل المزيد من الجهد والعرق، فقيادتنا تنتظر منهم تحقيق ما نسعى إليه من اعداد قوات مسلحة محترفة، قادرة على الردع، والدفاع عن المملكة، برا وجوا وبحرا. وتحية اعتزاز وتقدير لضباط الصف والجنود، عماد القوات المسلحة ورمز قوتها، أولئك المخلصون في أعمالهم، الباذلون أرواحهم، الدائبون في أدائهم. بسواعدهم نبني، وبعزائمهم نرتقي. ليدم للمملكة عزها. وليعل بقيادتها شأنها. وليهنأ بالأمن شعبها.