النزاع التكنولوجي الذي يقف خلف إضراب الشحن الذي شل حركة التجارة مع آسيا ويهدد بموجبه ضربة مدمرة للاقتصاد الامريكي، يعود إلى الايام الاولى للثورة الصناعية نفسها. وقتها أحس النساجون أنهم سيفقدون وظائفهم بسبب أشياء جديدة تلوح في الافق. والان يخشى زعماء نقابة عمال الشحن والتفريغ الذين يمثلون عشرة آلاف عامل أن تكنولوجيا جديدة للتفريغ تعمل بالكمبيوتر تهدد مصدر رزق أعضاء نقابتهم الذين تعد أجورهم بين أعلى الاجور في الولاياتالمتحدة حيث يزيد متوسط دخل العامل في السنة على مائة ألف دولار. معظم هؤلاء العمال لم يعودوا مثل العمال مفتولي العضلات الذين جسدهم مارلون براندو في فيلمه الشهير (أون ذا ووترفرونت). فقد انتهى زمن التفريغ اليدوي للسفن منذ زمن بعيد وحلت محله حاويات حديثة تعمل بوسائل تكنولوجية متقدمة. هذه الحاويات تنقل بعد ذلك بسرعة إلى مراكز توزيع مجاورة حيث ترسل للشحن (في وقت محدد تماما) بغية جعل كلفة السلع وتكاليف النقل في أدنى مستوى. في سعيهم الدؤوب نحو الكفاءة رأي أصحاب السفن وسلطات الموانئ أن موظفي المواني الذين يعلقون على صدورهم أوراقا مثبتة بمشبك يسجلون عليها حركة التفريغ بأنها رمز صارخ للتخلف. وعلى الرغم من أنهم على بعد أقل من مسيرة ساعة بالسيارة من مركز وادي السليكون، فإن العمال في ميناء أوكلاند الضخم بولاية كاليفورنيا غالبا ما يميزون الحاويات بالطباشير ويوجهون حركتها بأوامر يصيحون بها وسط ضجيج محركات الشاحنات. يريد أصحاب سفن الشحن الذي يمثلهم اتحاد الملاحة البحرية في الباسفيكي (بي.أم.ايه) إدخال نظم حديثة لتسجيل دخول وخروج الحاويات باستخدام الكمبيوتر لتسريع تدفق البضائع.