الطيور عالم عجيب متعدد الأنواع والألوان والصفات مخلوقات شفافة تحب الحرية وتكره الأقفاص تداعب الطبيعة ولو أن أجملها وأندرها محبوس في قفص لعله من ذهب أو من فضة أو صفيح المهم أنها محجوزة في مكان خانق ينطوي بكل قسوة ليحتضن داخله هذا الطائر الصغير. وإذا ما تحدثنا قليلا عن أصوات الطيور بصفة عامة فهي بالرغم من اعتبارنا لها أصواتا موسيقية تستسيغه آذاننا ونستمتع بها إلا ان لكل نوع من أصوات الطيور ذبذبة تعطي نوعية غناء مختلفة ومتباينة حيث لا نشعر نحن بهذه الفروق الطفيفة ولكن أفراد النوع الواحد من الطيور يشعرون بها ويفرقون بينها ويستجيبون لمدلولاتها. والدليل انه إذا ما اجتمعت أنواع عديدة من الطيور فإن الواحد منها لا يستجيب إلا للأصوات التي تصدر عن نوعه. وقد أثبتت أشرطة تسجيل أصوات الطيور التي يستعملها علماء الطيور ذلك. تاريخ الكناري وعودة إلى طيور الكناري وإلى تاريخ استكشافها - كما ذكر في الكتب والمجلات المتخصصة - كان ذلك في عام 1478م حينما وصل الأسبان إلى جزر الكناري حيث سحرهم ذلك الطائر الجميل بحسن تغريده فأسروه وأخذوه معهم إلى أسبانيا وأطلقوا عليه اسم "الكناري" نسبة للجزيرة التي جلب منها ليبدأ عصر جديد في تاريخ ارتباطه بالإنسان. طيور الكناري البرية وامتاز الكناري البري بتعدد وجمال ألوانه فكان الجزء الأعلى من جسمه موشى باللونين الأخضر الزيتوني والبني .. أما القسم الأسفل فيطغى عليه اللون الأصفر والرمادي .. وقد أخذ المربون في أوروبا بتحسين وتنويع الكناري البري حيث تم استنباط أنواع وأشكال وألوان جديدة منه حتى أبعدت عمليات التدجين المتراكمة لمئات من السنوات هذا الطائر عن أصلة سواء بالنسبة لشكله أو ألوانه وكذلك تغريده. تصديرها وانتشارها وقد ورد ذكر الكناري لأول مرة في المراجع العلمية عام 1622م حيث طبع أول مرجع علمي يبحث في طائر الكناري وتربيته وذلك على يد الكاتب الإيطالي أوليان كما كتب الكاتب الإنجليزي خوسية بلاغروف كتابا عن الكناري عام 1675م وقد أقبل المربون والهواة على ذلك الطائر وانتشر بسرعة فائقة في مختلف المدن الأسبانية لانبهار الناس به ثم اخذ المربون بتصدير الذكور فقط إلى باقي المدن الأوروبية طلبا للربح والاحتفاظ بالإناث منعا لتكاثر ذلك الطائر خارج أسبانيا. وأصبح ذلك الطائر حكرا على الأسبان لاكثر من مائة عام وكان مصدرا لنوع جديد من التجارة التي درت عليهم الكثير من الأموال. ويعتقد البعض أن انتقال ذلك الطائر إلى إيطاليا كان في منتصف القرن السادس عشر حين تحطمت سفينة أسبانية قبالة الجزر الإيطالية محملة بأعداد كثيرة من طيور الكناري وقد أطلق البحارة الأسبان سراح تلك الطيور حرصا على حياتها لتتخذ طريقها إلى أحدى الجزر الإيطالية (ألبا) حيث وجدت أعداد الكناري في تلك الجزيرة الظروف المناسبة فاستقرت وتكاثرت لتبدأ مرحلة أخرى في حياة الكناري وهي الانتشار في مختلف المدن الأوروبية وأصبحت بعد ذلك تجارة وتربية الكناري رائجة في المدن الأوروبية . وأصبحت بعد ذلك تجارة تربية الكناري رائجة في المدن الإيطالية ثم في مختلف دول أوروبا. تهجينها وأصنافها أما في بداية القرن الثامن عشر وبعد تهجين الكناري واستنباط الألوان والتغاريد المميزة صنف الكاتب الفرنسي "هيرفوا" كتابا سماه "بحث عن الكناري" وقد وصف المؤلف في كتابه التطورات التي طرأت على الكناري بسبب تدجينه وذكر نحو تسعة وعشرين نوعا من الكناري طبقا للحجم واللون والتغريد . ومع نهاية القرن الثامن عشر بدئ في تأسيس جمعيات للهواة في بعض مدن أوروبا بهدف تحسين وتطوير سلالات هذا الطائر المغرد. أقبل الأوروبيون والهواة على الكناري واصبح طائر الصالونات وأخذ يحتل مكانا في الكثير من المنازل لينشر ألحانه في أرجاء المساكن ويضفي عليها أجواء من البهجة ومما يجعله مميزا وأثيرا لدى المقتنين حسن تغريده وتعدد أحجامه وألوانه إضافة إلى سهولة العناية به. تغريدها يجيد الكناري (الذكر) التغريد فيطرب ويشجي من حوله أما الأنثى فلا تغرد بل تصدر صوتا تعى "صوصوة" وللتغريد أسباب وأنواع أما أسباب التغريد فأهمها: * جذب الأنثى في فترة التزاوج وأوجها في فصل الربيع. * الإعلان عن نفسه بين بقية الطيور. * التعبير عن الصحة والراحة في مكانه. * التحذير من وجود خطر. ويتألف تغريد الكناري من مقاطع يحتوي كل مقطع على نغم معين وقد تعارف المربون على تسمية تلك الأنغام ويختلف التغريد من طائر إلى آخر بحسب المقطوعات التي يرددها الطائر. وهناك ثلاثة عوامل تؤخذ في الاعتبار عند تقويم تغريد الكناري الأول طول النفس ويقيم الكناري بأنه جيد إذا استمر في التغريدة الواحدة من دقيقة إلى دقيقة ونصف الدقيقة وإن زاد على ذلك يصنف بأنه الأفضل أما العامل الآخر فهو عدد النغمات في التغريدة الواحدة يتراوح بين ثمان إلى اثنتي عشرة نغمة للكناري الجيد والعامل الثالث هو طبقة الصوت بين حاد وغليظ ومرتفع ومنخفض. وهنالك لجان في بعض المدن الأوروبية تقوم بتقييم تغريد الكناري فما كان منها مميزا في طول النفس وعدد النغمات سمي "أستاذ" ومنح شهادة بذلك مما يضاعف ثمنه عدة مرات ويتسابق المربون الى اقتنائه لتميز ذلك "الأستاذ" في التغريد وكذلك لاستخدامه في تدريب باقي أنواع الكناري حيث تحاكي صغار الكناري ذلك "الأستاذ" بتعدد الأنغام وطول النفس. وأحيانا يتوقف الكناري تماما عن التغريد ويرجع ذلك التوقف إلى ثلاثة أسباب مهمة. الأول هو تبديل الريش ففي كل سنة يبدل الكناري ريشه وخلال تلك الفترة التي قد تستمر أسابيع يتوقف عن التغريد والسبب الآخر هو تعرض الكناري لحدث مباغت غير متوقع مثل وقوع القفص أما الثالث فهو إضافة الأنثى إلى الذكر في قفص واحد بغية التكاثر. كل ذلك يوقف التغريد إلى ان ينتهي الظرف ويستعيد الطائر هدوءه وطمأنينته. أنواعها منذ القرن الثامن عشر اصبح الكناري من الكثرة بحيث تستطيع كافة مستويات المجتمع في معظم دول العالم اقتناءه واشتهرت بعض الدول بتربية أنواع من الكناري حتى أطلق على الكثير منها أسماء المناطق التي طورت فيها مثل (النورس والبوردر واليورك شاير ... الخ ) وهي مناطق جغرافية بين إنجلترا واسكوتلاندا كما أن هنالك أنواعا سميت طبقا لنوع تغريدها وأنواعا أخرى سميت بحسب لون ونوع ريشها مثل (الليزرد والملفوف) وأهم تلك الأنواع: * الكناري العادي.. وهو أكثر الأنواع انتشارا ويتميز بتغريده المتموج مثل الجرس وفي اكثر الأحيان يكون لونه أخضر وبنيا في منطقة الظهر وأصفر مموجا بالرمادي على الصدر ويطلق عليه الهواة والمربون اسم "الحبشي" ويقبل على اقتنائه الكثيرون خاصة المبتدئين وذلك لرخص ثمنه وهو اقرب الأنواع إلى الكناري الأصلي البري ويتراوح طوله بين 10إلى 14سم تقريبا. الكناري الصيني .. وهو اكثر الأنواع انتشارا في أسواقنا المحلية ويمتاز بلونه الأصفر الزاهي وشكله شبه المكور كما انه بشكل عام طائر مغرد رائع ونغماته متعددة وطبقته متوسطة. * الغولستر.. وهو سلالة حديثة ظهرت في أحد معارض بريطانيا"كريستال بالاس" عام 1925م ويتميز هذا النوع بتاج "قنبرة" على رأسه مدور منتظم واضح للعيان له رأس عريضة بارتفاع بسيط في الوسط فوق الجمجمة ويتراوح طوله مابين 12-14 سم وأجمل أشكاله ماكان ابيض بتاج أسود وهنالك ألوان أخرى جميلة ويحرص المربون من خلال تزاوج هذا النوع على استنباط ألوان جيدة أخرى. * الرولر.. لقد فاق هذا النوع باقي الأنواع وذلك لاجتماع جمال اللون مع حسن التغريد وترجع أصول ذلك النوع إلى ألمانيا حيث تم استنباطه من عدة أنواع ويوصف هذا النوع بأنه كناري الصالونات لنعومة وانخفاض تغريده ويستمر بالتغريدة الواحدة إلى ما يقارب الدقيقتين بنفس متواصل يغير في خمس عشرة نغمة مختلفة أو أكثر أحيانا. * ايورك شاير.. وهو إنجليزي تم تهجينه في الستينيات من القرن الثامن عشر في مدينة يورك شاير الإنجليزية ومنها أخذ اسمه وهو جميل اللون والشكل يقف في وضع منتصف ويمتاز بألوانه المتعددة إلى جانب كبر حجمه حيث يصل طوله إلى 20 سم تقريبا. الكناري الإيراني .. وهو من الأنواع المميزة بطول جسمه وسيقانه كما يمتاز تغريده بطول النفس وتعدد النغمات والطبقات ونظرا لارتفاع ثمنه فان الكثير من المشتغلين في بتربية الكناري في أسواقنا المحلية يجتهدون في استنساله من أنواع أخرى لذلك من النادر أن تجد كناري إيرانيا خاصا غير مهجن. الكوبرا.. هناك عدة أنواع من الكناري تسمى الكوبرا بسبب نحافتها ودقتها ووضعها المعقوف أثناء الوقوف مما اكسبها هذا الاسم بين الهواة والمربين. الليزرد .. وهو يعد من أقدم الفصائل ويكاد يكون الوحيد بين الكناري الذي يربى من أجل ريشه فقط ويمتاز بصفاء لونه والدوائر الهلالية المزركشة باللون الذهبي أو الفضي على صدره كما يمتاز بمساحة من اللون الأصفر تحتل قمة رأسه مشكلة ما يشبه التاج وهو اللون الفاتح الوحيد في جسم الليزرد ويتبارى الهواة لاستنباط فصائل مغردة بلون الليزرد. اختيارها يتوافر في مدن أوروبا وكذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية محال متخصصة في تربية الكناري وإنتاجه بشكل تجاري مع المحافظة على أنواعه من الاختلاط وتعهده بالعناية والتدريب على التغريد أو جمال اللون وتنتشر نوادي تربية الكناري في الكثير من مدن العالم وتضم في عضويتها الهواة والمتخصصين في تربية هذا الطائر الجميل وذلك لتبادل الخبرات والتجارب واستنسال فصائل جديدة عن طريق التهجين حيث من الممكن تزاوج فصائل معروفة بطول النفس مع فصائل أخرى معروفة بتنوع النغمات لاستنسال هجين يمتاز بالاثنين معا (طول النفس وتنوع النغمات) ونفس الكلام ينطبق على الألوان وباقي صفات الكناري كما تقوم النوادي بتنظيم المعارض على المستوى العالمي لتقديم السلالات الجيدة وإقامة المسابقات لأجمل تغريد وأبهى لون مما يحفز الهواة والمتخصصين على المزيد من الاهتمام والرعاية لهذا الطائر. العناية بها * الغذاء.. يجب أن يؤمن النظام الغذائي المتكامل للكناري الذي يسد حاجة جسمه من المواد التي تساعده على نمو الخلايا وإنتاج الطاقة والحرارة وبالتالي يستحسن أن يتكون غذاء الكناري من بعض الحبوب والبذور مثل الدخن وبذور الطن والفجل والبقدونس إضافة إلى بذور الشوفان المجروش وتوجد عادة خلطة خاصة بالكناري كما يستحسن إعطاء الكناري على الأقل مرة في الأسبوع فاكهة مثل قطعة صغيرة من التفاح وكذلك بعض الخضراوات. * الماء.. يحتاج الكناري إلى ما يقارب سبعة سنتمترات مكعبة من الماء تزيد أو تنقص حسب الفصول.. ويفترض في الماء أن يكون نظيفا على الدوام خاليا من المكروبات مع تجديده عند غسل الإناء يوميا. * المكان .. يجب أن يكون قفص الكناري مناسبا وخاليا من الأطراف الحادة كما يفترض أن يكون القفص في مأمن من تيارات الهواء المباشرة وبعيدا عن مصادر الضوضاء وأن يتعرض لأشعة الشمس أحيانا لأنه لا يحتمل شمس الصيف المباشرة كما أن اختيار القفص الملائم عملية ذوق يتحلى بها المربي حيث يجب أن يكون القفص متناسقا مع ما حوله من أثاث وأن يحتوي على وعاءين للماء والحبوب. * التزاوج.. إذا أراد المربي إنتاج طيور كناري عن طريق التزاوج فعليه توخي موسم التكاثر الذي يمتد من أواخر الشهر الثاني الميلادي إلى منتصف الشهر السادي والبدء باختيار ذكر جيد التغريد وأنثى حسنة اللون وكلاهما من الأنواع الجيدة ويضعهما في قفصين مختلفين متقاربين وبعد يومين أو ثلاثة يجمعهما في قفص الذكر ويكون ذلك القفص أكبر من القفص المعتاد ومجهزا بأوعية الطعام والشراب وكذلك تزويد القفص بمبيضة (المكان الذي تبيض فيه الأنثى) المبطنة باللباد مع الأخذ في الاعتبار أنه قد لا يأتلف الطائران بل يبدآن بالعراك وفي هذه الحالة يفصل الاثنان ويتم تبديلهما. وعادة ما تستمر حضانة البيض من ثمانية إلى عشرة أيام يتعاون خلالها كل من الذكر والأنثى في الجلوس على البيض وإطعام الفراخ بعد التفقيس.