بفضل من الله ومنته وعطائه فان المواطن السعودي الذي ولد أو سيولد يجد نفسه على الحياة بعد ان يخرج الى النور في وطن عزيز كريم يسوده الامن ويظلله الاستقرار , وتدور فيه ملحمة الحياة بقوة ونشاط , كل يوم في سبيل مزيد من التقدم والرقي. هذا الوطن يمثل نموذجا يحتذى به في أشياء كثيرة سبق اليها وهو في حال من ضعف الموارد المالية ومن الافتقار الى ابسط الانجازات الحضارية , ومع هذا فإن ذلك لم يمنعه من ان يخطو الخطوات الأولى بما تيسر من المال والخبرة. لقد قدم هذا الوطن صورة نموذجية للوحدة الإسلامية وهي الصورة العملية الناجحة الوحيدة للوحدة في التاريخ العربي ,فإن الوحدة الوطنية السعودية كانت عائدة الى شخصية مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه. فقد جمع الملك عبد العزيز اجزاء كانت متناثرة من شبه الجزيرة العربية وكان بعضها موضع طمع المستعمرين الذين بسطوا نفوذهم على أجزاء أخرى واستطاع بحكمته وبعد نظره ان يصهر الحضر والبادية في شعب واحد دلل في مناسبات كثيرة على تعلقه بوطنه وتمسكه بوحدته لأن هذه الوحدة قامت على أسس موضوعية حققت التكامل فيما بين المناطق الأربع عشرة ليؤدي كل منها نصيبا في المسيرة التطورية وتتكامل بذلك معالم وشواهد الوطن الواحد. وكانت المسيرة التنموية ملمحا آخر من ملامح تلك الصورة النموذجية فقد بدأت منذ تأسيس المملكة العربية السعودية واستمرت منذ ذلك الزمن الى يومنا هذا , من غير توقف وباتت ثمارها وعطاءاتها ماثلة للعين والعقل والوجدان لتعطي أقوى دليل على صحة توجيه موارد البلاد قليلها وكثيرها نحو التنمية ومواكبة حضارة العصر ونشر الرخاء والازدهار في كل مكان. كذلك كانت المسيرة التنظيمية لهذا الوطن الشاسع فلقد قام جهاز الحكم على اساس من الدين والتراث والتقاليد والطموحات فلم يقتبس من الآخرين ولم يستورد القوالب الجاهزة المصنوعة في الخارج ولهذا كان كل اجراء تنظيمي يتخذ إنما هو نتيجة الواقع الذي يعيشه شعب المملكة العربية السعودية. فوق هذا كله كانت المسؤولية الاسلامية المتميزة التي تحملها المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا تلك المسؤولية هي القيام على خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتوفير الراحة واليسر لضيوف الرحمن من الحجاج والعمار والزوار. ونتيجة طبيعية لتلك المسؤولية حملت المملكة العربية السعودية هموم مئات الملايين من المسلمين في جميع أنحاء الأرض عبر تاريخها كله , ويندر إن لم يكن مستحيلا الا تجد في كل بقاع الأرض اثرا إسلاميا سعوديا يتمثل في المساجد والمعاهد والمدارس والجامعات والمستشفيات , فضلا عن دعمها مئات الجمعيات الإسلامية المنتشرة في مختلف بلاد العالم وبمقاصد دينية وثقافية واجتماعية شتى لان المملكة العربية السعودية إنما تعمل ذلك لوجه الله تعالى غير منتظرة الشكر من أحد. ولقد أثبتت الأحداث التاريخية بعيدها وقريبها مدى ما يتمتع به هذا الوطن العزيز الكريم من محبة وثقة واحترام العالم أجمع الذي كانت معظم دولة تهب دوما لتأييد الموقف السعودي في مختلف المناسبات , هذا المركز المتميز لهذا الوطن العزيز إنما هو ثمرة المواقف الصادقة التي وقفتها المملكة العربية السعودية تجاه جميع دول العالم. ان المواطن الذي يعيش في وطن كريم يضرب به المثل في التطور الحضاري وفي القيام بالمسؤوليات الإسلامية وفي التعامل مع دول العالم بالصدق والاحترام المتبادل والعمل على كل ما يعود على البشرية بالخير والتقدم والفلاح. ولا يخفى على الجميع ما شهدته مملكتنا العزيزة من تطور متلاحق خلال العقود البسيطة الفائتة في كل مجالات الحياة وبمعدلات غير مسبوقة ,ومن أبرزها ما يشهده مجال العمل الخيري من تطور واضح للعيان. فان معدل التطور الحاصل في العمل الخيري شهد خلال عهد خادم الحرمين الشريفين أيده الله معدلات عالية سواء على المستوى العام من خلال امتداد رقعة العمل الخيري والانتشار الواسع للجمعيات والمؤسسات الخيرية أو على المستوى التفصيلي لجمعية من الجمعيات الرائدة في قضية التطور لنرى كيف استوعبت في نطاق عملها كل من هو بحاجة للعون والمؤازرة بأبناء هذا المجتمع المعطاء. ومما يؤكد ذلك ان هناك تطورا ملحوظا في الأنشطة وتنوعا فريدا استوفى جوانب عديدة من الخدمة الاجتماعية ربما لم تتحقق لمجتمعات أخرى ينظر اليها على أنها من الدول المتقدمة. والدور البالغ في الأهمية هو ما تنبته حكومة خادم الحرمين الشريفين أعزها الله في دعم وتحفيز جهات الإشراف الخيرية للقيام بمهام جليلة في العمل الخيري في هذه البلاد المباركة. وإذا اقتصرنا في حديثنا على العمل الخيري داخل المملكة فسنجد أن الإنجاز عظيم , حيث بلغ عدد الجمعيات والمؤسسات فيها (225) جمعية ومؤسسة خيرية , يضاف الى ذلك , (18) هيئة ومؤسسة لها نشاط خيري خارج المملكة ومن هنا عظمة الإنجاز .. * الأمين العام لجمعية البر بالمنطقة الشرقية