العملية الانتحارية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والاشتباكات بين اسرائيليين وعناصر من كتائب شهداء الأقصى وما سوف يتبعها من ردود فعل اسرائيلية وأخرى فلسطينية لا يخدم بأي شكل من الاشكال السلام، وهو أمر اعترفت به اسرائيل وهي تحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية ما حدث، غير ان اسرائيل تدرك تماما ان احتواء تلك العمليات الانتحارية أمر يتعذر تحقيقه في حالة احتلال الأراضي الفلسطينية وحصار ابناء الشعب الفلسطيني والتنكيل بهم وهدم دورهم واقتلاع مزارعهم والعبث بمقدراتهم، وقد اعلنت السلطة الفلسطينية مرارا وتكرارا ان السبيل الأمثل لحل الأزمة القائمة بينها وبين اسرائيل يكمن في الاحتكام لصوت العقل، وذلك بالعمل على تطبيق روح الشرعية الدولية والقرارات الأممية الملزمة القاضية بالانسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والعمل على تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وبدون تطبيق تلك القرارات فان الأزمة القائمة سوف تظل تراوح في مكانها، فمن العبث ان تطالب اسرائيل الفلسطينيين بالتوقف عن المقاومة في ظل احتلالها أراضيهم والتنكيل بهم واذلالهم، وتبقى مسؤولية المجتمع الدولي والدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة قائمة لانهاء هذه الأزمة من جذورها، فاسرائيل كما يتضح للعالم بأسره غير راغبة في اقامة سلام مع الفلسطينيين بدليل شجبها المبادرة العربية الجماعية التي لاقت استحسانا كبيرا من قبل كافة الدول المحبة للعدل والحرية والسلام ومن بينها الولاياتالمتحدة، بدليل ان اسرائيل مازالت ماضية قدما في تحديها المنظومة الدولية وقراراتها المرعية، فجميع ما اتخذته من اجراءات مازال معلقا، وهو حبر على ورق، لأن اسرائيل مازالت تضرب به عرض الحائط مستهينة وساخرة به، وهي الخاسرة في أول الأمر ونهايته، فالتسليم بشروطها واملاءاتها من ضروب المستحيل، فما تريده اسرائيل هو الحصول على السلام والأرض معا، اي القفز على الحقوق الفلسطينية المشروعة، وهو امر لن يتحقق مهما امتد الزمن وطالت المعاناة.