أصبح أمرا روتينيا أن نقرأ مانشيتات صحفية تتناول ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الوزارات الخدمية، ومهنيا فإنه من المحرج بمكان أن تشتكي وزارة مثل الإسكان من تعثر مشاريعها بسبب عدم حصولها على التأشيرات اللازمة من وزارة العمل، أو ان تبحث وزارة كالصحة عن الإعلام كمنصة للتنفيس عن احتقانها جراء عدم حصولها على الاراضي اللازمة لمشاريعها من قبل وزارة الشئون البلدية أو أن تشتكي إمارة او وزارة أخرى من عدم الحصول على مخصصات كافية من وزارة المالية لإتمام مبادرة او مشروع ما، والامثلة والمعطيات في هذا الجانب وافرة ومخجلة في آن معا إلى الحد الذي دعا احد امراء المناطق لانتقاد إحدى الوزارات علنا بقول «الفلوس واجد .. لكن ما من دبره»..! إنني لا اتخيل ان مستوى التنسيق والتواصل بين الوزراء لا يتجاوز التقاءهم على طاولة واحدة حين تعقد جلسات مجلس الوزراء الاسبوعية، للدرجة التي معها تعالت الدعوات للوزراء المعنيين بالتخلي عن اللقاءت البروتوكولية وخلع «البشوت» والالتقاء ببعضهم لحل التحديات التنموية لكل وزارة، فإذا كان التنسيق والتواصل بين كبار المسئولين بهذا المستوى فكيف نستغرب تراجع المشهد التنموي وتعثر المشاريع الإنمائية في معظم المناطق رغم المخصصات الكبرى. إن أهمية التنسيق بين الأجهزة الحكومية كمنظومة تنموية متكاملة ثم التنسيق مع الدائرة الأكبر المتمثلة في قطاع الأعمال يقودنا بلاشك لفائدة متعاظمة بل وتحقيق شراكة تنموية فاعلة تسهم في ترسيخ مفهوم التنمية المتوازنة. ولعل ما تشهده البلاد - جراء طفرة عوائد النفط - من إقرار الكثير من البرامج التنموية وتنفيذ العديد من مشاريع البني التحتية والخدمات يتطلب جهدا مضاعفا وتنسيقاً أكبر بين الأجهزة الحكومية المخططة والمالكة والمانحة كما يتطلب رقابة وإشرافا عالي المستوى لتنفيذ هذه الحزم التنموية . ولعلي أشيد بمبادرة بعض إمارات المناطق لاستحداث «مجالس لتنسيق المشاريع» كالشرقية مثلا لاستشعارهم حجم التعثر والتوقف في كثير من المشاريع الحيوية جراء انعدام أو ضعف في التنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة المعنية بتلك المشاريع، وسواء اقامت تلك المجالس بالدور المناط بها ام لا من ذلك بسبب مركزية القرار في الأجهزة الحكومية الأم فإن ذلك يطرح حلا عمليا للتغلب على هذه المعضلة يتمثل بوجهة نظري في تشكيل «مجلس وزاري تنسيقي» يتمثل في عضويته كبار المسئولين في الوزارات المعنية بتخطيط وتنفيذ وتمويل ومراقبة المشاريع التتموية لضمان تهيئة مستوى مرتفع من التعاون والتنسيق والمبادرة ويحد من بعض الظواهر التنموية السلبية المتمثلة في تعثر المشاريع والتفاوت في النشاط التنموي بين المناطق المختلفة وسرعة الإنجاز، ويقضي على ظاهرة تركيز المشاريع في بعض المناطق وأخض بالذكر ثالوث «الرياض، جدة، الدمام» ويضمن كذلك توافر آليات للتنبؤ بالحاجات والمشاكل المحتملة والتهديدات التنموية . Twitter:@alyamik